كيف ينعكس التقارب الإماراتي الإيراني على أمن المنطقة؟
التقى الشيخ طحنون بن زايد، مستشار الأمن الإماراتي، في الأيام القليلة الماضية، الرئيس الإيراني وعددًا من المسؤولين في طهران، لتحسين العلاقات الإماراتية الإيرانية نحو مزيد من التعاون والانفتاح والعمل المشترك بما يخدم أمن واستقرار المنطقة.
وشدد أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، على أن بلاده تشارك المخاوف الإقليمية حول السياسات والأنشطة الإيرانية في المنطقة؛ لكنها ترى أن "المواجهة ليست السبيل الأمثل للمضي قدمًا".
وأضاف أن الحوار والتعاون الاقتصاديَّين يشكلان جزءًا من إجراءات بناء الثقة مع إيران، وهو "أمر سيستغرق وقتًا"، مشيرًا إلى أن الحلفاء الخليجيين على علم بالتحركات الإماراتية، وأن الهدف من ذلك كله هو "فتح صفحة جديدة في العلاقات".
وتأتي هذه الزيارة بعد زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى تركيا وبعد زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني لأبوظبي وبعد جولات من المفاوضات ببين السعوديين والإيرانيين في العراق برعاية إماراتية عراقية.
تحقيق السلم الغائب
وفي هذا الشأن، قال الباحث والناشط المتخصص في الشأن الإيراني ماهر لطيف إن الزيارة الإماراتية لها دلالات واضحة وصريحة على رغبة الإمارات ودول الخليج ككل في إزالة كل النقاط الخلافية السابقة مع طهران من أجل رأب الصدع وتحقيق السلم الغائب عن منطقة الشرق الأوسط منذ احتلال العراق سنة 2003، مؤكدًا أنه لا يمكن أن تبقى المشكلات عالقة ودون حل، وتوقع أن الإمارات ساعية وبشكل جدي إلى التقارب مع الدول ذات الثقل الإقليمي مثل تركيا وإيران.
وبعد الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط، لم يبقَ أمام القيادة الإماراتية إلا أن تتعامل مع الخطر الإيراني وجهًا لوجه دون أي مساعدة خارجية، وقد جربت أمورًا عدة التي أدت إلى نتائج عكسية؛ ولم يتبقَ أمام الإمارات والتحالف الخليجي إلا خيار المفاوضات، خاصة أنها شعرت أن الوقت مناسب للتفاوض مع إيران، وفق منظور الناشط المتخصص في الشأن الإيراني ماهر لطيف.
وأكد لطيف أنه إذا كانت الإمارات ودول الخليج قد أرهقت في المواجهة مع إيران فقد أرهقت إيران أكثر، والأولوية الأساسية الآن أمام الإمارات هي الأمن والأولوية الأساسية لإيران بعد الأمن هي التنمية الاقتصادية ورفع العقوبات وإعادة الحياة إلى الاقتصاد الإيراني المأزوم، وبالتالي هناك فرصة جدية للتفاوض؛ فكل طرف لديه قناعة أن الحرب لم تجدِ نفعًا، وأن لديه ما يقدمه للآخر.
وقال إن الطرفين لديهما حضور بشكل مباشر أو غير مباشر في جميع الصراعات الإقليمية وأي مصالحة ستكون إيجابية، وأكبر ملف سيتأثر إيجابًا هو الملف اليمني ويمكن للصلح بين الجانبين أن يدفع إلى إنهاء الحرب بشكل سلمي، كما يمكن للجانبين المساهمة في حل الأزمة السياسية اللبنانية (توجد قوى سياسية في لبنان موالية لواحد من الطرفين وهناك من يأتمر بأوامر الطرف الآخر كحزب الله)، ويمكن للتأثر أن يصل حد الأزمة السورية وكذلك الوضع في العراق.
التقارب الإماراتي الإيراني
وعن تداعيات التقارب الإماراتي الإيراني، رأى الباحث في الشأن الإيراني أن العالم الإسلامي سيربح من هذا الصلح بتخفيف الاستقطاب السني الشيعي الذي كان أحد أسباب احتدام المعارك في سوريا وتردي الوضع الأمني في البحرين ولبنان والعراق واندلاع الأزمة اليمنية، لكن ذلك رهين بصعود أجيال جديدة في الدولتين تتخلى أو تقلل من حدة المشاريع القائمة على المذهب.
وأكد أن إيران تحتاج بدورها للمصالحة، إذ تدرك أن أي تقارب مع الإماراتيين يعني بناء علاقات أفضل مع محيطها العربي، مشيرًا إلى أنها نجحت إلى الآن في مخططاتها الإقليمية كاستمرار حليفها بشار الأسد في الحكم وسيطرة الحوثيين على صنعاء وتقوية نفوذها في لبنان والعراق، فإن ذلك كان بتكلفة باهظة ضاعفت من أعدائها في المنطقة وأسهمت في عزلتها وفاقمت من التوتر مع الولايات المتحدة الأمريكية.
واختتم الباحث والناشط المتخصص في الشأن الإيراني ماهر لطيف تصريحاته قائلًا: "هذا الأمر يعطي حافزًا للإمارات ومن ورائها السعودية لكي تتقارب وتتعاون مع إيران ولا تستبعدها من أي ترتيبات في المنطقة مهما كانت طبيعتها خصوصًا أنهما القوتان الإقليميتان الأكبر في الشرق الأوسط، يُضاف إلى ذلك الطبيعة البرغماتية لكلا النظامين الإماراتي والإيراني التي يمكن أن تساعد على استبعاد الجوانب الأيديولوجية في تخطيط السياسة الخارجية متى أرادا ذلك بحكم لعبة المصالح والأهداف".