الأردن يرشح فيلمًا لـ«الأوسكار».. لماذا احتجت عليه فلسطين؟
الديار – أميرة عزالدين
"#اسحبوا_ فيلم_أميرة" بهذا الهاشتاج اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى فى الساعات القليلة الماضية، تنديدًا بفيلم "أميرة"، والذى اتهمه فلسطينيون بالإساءة للأسرى فى سجون الاحتلال، وبدأت انتفاضة عارمة تجوب العديد من الدول.
سحب وتنديد
كانت البداية مع دولة الأردن التى أصدرت أمرًا بمنع عرض الفيلم وتداوله، على الرغم من مشاركتها فى إنتاجه وتصوير العديد من مشاهده على أراضيها، بل مع وجود فنانين من الأردن فى بطولته مثل صبا مبارك وتارا عبود، الأمر الذى أزعج السلطات الفلسطينية.
وخاطب رئيس الوزراء الفلسطينى محمد أشتية الحكومة الأردنية رسميًا بصدد الفيلم الذى رشحه الأردن للأوسكار، على أن يجتمع الطرفان الأردني والفلسطيني، يوم الأحد المقبل، لمنع إنتاج أفلام مسيئة للأسرى وللقضية الفلسطينية مرة أخرى.
خيانة لنضال الشعب الفلسطينى
وأصدرت مؤسسات الأسرى الفلسطينية بيانًا رسميًا شددت فيه على أن استمرار عرض الفيلم والترويج له يٌعد خيانة لنضال الشعب الفلسطينى، حيث يتناول قضية "النطف المحررة" من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، بطريقة تتساوى بشكلٍ مباشر مع رواية الاحتلال، بتجنٍ كامل على الحقيقة.
وتابع البيان: "شكّلت قضية النطف المحررة على مدار السنوات القليلة الماضية أبرز الإنجازات التي تمكّن من خلالها الأسرى كسر السجن، وصناعة الأمل بالإرادة، وأصبحت محط اهتمام عالمي، ومن المؤسف أن الطاقم القائم على الفيلم، لو كان لديه نية حسنة تجاه النضال الفلسطيني، كان الأجدر أن يسلط الضوء على إبداع وعبقرية الأسير الفلسطيني وتحدي الجدران والأسلاك الشائكة لصناعة الحياة، ففي القضية ما يكفي من تفاصيل لصناعة أهم الأفلام الناجحة، بدلًا من اختراع الأكاذيب".
الترشيح لجائزة الأوسكار 2022
وشدد البيان فى ختامه على أن الرفض الفلسطيني لقضية تمس نضالهم هو صفعة لكل القائمين على الفيلم، منادين كافة المؤسسات بمقاطعة الفيلم وعدم السماح بعرضه داخل فلسطين.
وقد نافس الفيلم في مسابقة "آفاق" خلال الدورة الـ 78 من مهرجان ڤينيسيا السينمائي الدولى، الذي أقيم خلال الفترة من 1 وحتى 11 سبتمبر الماضي، وفاز بثلاث جوائز، كما تم عرضه في مهرجان الجونة والقاهرة السينمائي، ليس ذلك فقط بل ورشحه الأردن لتمثيله في منافسات أوسكار أفضل فيلم دولي غير ناطق بالإنجليزية.
مخرج الفيلم: صرنا قضية الأسرى بشكل إيجابي
من جانبه، دافع المخرج محمد دياب عن الفيلم من خلال من منشور له عبر حسابه الرسمى بموقع التواصل الاجتماعى فيسبوك قائلاً: "منذ بداية عرض الفيلم في سبتمبر ٢٠٢١ في مهرجان فينيسيا والذي تبعه عرضه في العالم العربي في مهرجاني الجونة وقرطاج وشاهده آلاف من الجمهور العربي والفلسطيني والعالمي، كان الإجماع دائمًا أن الفيلم يصور قضية الأسرى بشكل إيجابي وإنساني وينتقد الاحتلال بوضوح".
وأضاف: "كان من المفهوم تمامًا لأسرة الفيلم حساسية قضية تهريب النطف وقدسية أطفال الحرية، ولهذا كان القرار التصريح بأن قصة الفيلم خيالية ولا يمكن أن تحدث، فالفيلم ينتهي بجملة تظهر على الشاشة تقول: “منذ ٢٠١٢ ولد أكثر من ١٠٠ طفل بطريقة تهريب النطف. كل الأطفال تم التأكد من نسبهم. طرق التهريب تظل غامضة“.
وأوضح: "لم تترك أسرة الفيلم الأمر للتأويل، بل أكدت بهذه الجملة أن الفيلم خيالي وأن طريقة التهريب الحقيقية غير معروفة، بل إن عمر البطلة في الفيلم ١٨ عامًا يتنافى منطقيًا مع بداية اللجوء لتهريب النطف في ٢٠١٢".
وشدد قائلًا: "الفيلم يتناول معاناة وبطولات الأسرى وأسرهم ويظهر معدن الشخصية الفلسطينية التي دومًا ما تجد طريقة للمقاومة والاستمرار، ويحاول أن يغوص بعمق في أهمية أطفال الحرية بالنسبة للفلسطينيين، اختيار الحبكة الدرامية الخاصة بتغيير النطف جاء ليطرح سؤالًا وجوديًا فلسفيًا حول جوهر معتقد الإنسان، وهل سيختار نفس اختياراته لو ولد كشخص آخر. والفيلم مرة أخرى ينحاز لفلسطين، فالبطلة أميرة تختار أن تكون فلسطينية وتختار أن تنحاز للقضية العادلة. والفيلم يشجب ويدين ممارسات الاحتلال المشار إليها بشكل صريح في الجريمة التي يتناولها".
وأوضح فى بيانه أن الفيلم من بطولة كوكبة من الفنانين الفلسطينين والأردنيين المشهود لهم بالوطنية ولهم تاريخ طويل في الدفاع عن القضية الفلسطينية ونقلها للعالم، ودافعهم الوحيد للاشتراك في الفيلم هو إيمانهم بأهمية رسالته الذي هو في النهاية رؤية ومسؤولية مخرجه، وأسرة الفيلم تتفهم الغضب الذي اعترى الكثيرين على ما يظنونه إساءة للأسرى وذويهم، وهو غضب وطني نتفهمه ولكن كنا نتمنى أن تتم مشاهدة الفيلم قبل الحكم عليه نقلًا أو اجتزاءً.
واختتم حديثه قائلًا: "أخيرًا فإن الهدف السامي الذي صنع من أجله الفيلم لا يمكن أن يتأتى على حساب مشاعر الأسرى وذويهم والذين تأذوا بسبب الصورة الضبابية التي نسجت حول الفيلم، ونحن نعتبر أن الأسرى الفلسطينيين ومشاعرهم هم الأولوية لنا وقضيتنا الرئيسية، لذلك سيتم وقف أي عروض للفيلم، ونطالب بتأسيس لجنة مختصة من قبل الأسرى وعائلاتهم لمشاهدته ومناقشته، نحن مؤمنون بنقاء ما قدمناه في فيلم أميرة، دون أي إساءة للأسرى والقضية الفلسطينية".