البناء العشوائي وتبوير الأراضي الزراعية.. جرائم انتبه لها الرئيس وواجهتها الحكومة بكل حزم
هاجم الرئيس عبدالفتاح السيسي، في عدة مناسبات البناء الجائر والعشوائي على حرم النيل والترع والمصارف والأراضي الزراعية، مشيرا إلى حجم الضرر الذي نتج عنه وما ترتب عليه من تراجع في المساحات المنزرعة وحجم المحاصيل الزراعية، وتراجع مصر على المستوى الزراعي خاصة في المحاصيل الإستراتيجية، والتي كانت المصدر الرئيسي للاقتصاد المصري على مدار عدة أعوام.
وبحسب ما ألمحت إليه الإحصائيات الرسمية فأن ظاهرة التعدي على الأراضي الزراعية تعد واحدة من أخطر المـشاكل التي تواجهها مصر في الوقت الراهن، خصوصا بعد ثورتي يناير ٢٠١١ ويونيه ٢٠١٣، وزادت بشكل كبير وأثرت على الإنتاج الزراعي والاقتصاد القومي المصري بدرجـة كبيـرة، بسبب الزيادة السكانية الكبيرة وزيادة الطلب على المساكن مـن ناحيـة وعـدم وجـود أراضي للبناء عليها بعيدا عن الرقعة الزراعية والبحث عن الأماكن المتاخمة للمناطق السكنية.
القـوانين والتشريعات التي تجرم البناء على الأراضي
وفي هذا الإطار، تحدث عبدالله الشريف خبير التخطيط العمراني، عن تأثير الزيادة الكبيرة في أعداد السكان، وعدم وجود أراضٍ كافية للبناء، وإقبال ملاك الأراضي الزراعية على بيعها والاسـتفادة مـن الارتفـاع الشديد في أسعار أراضي البناء بالمقارنة بأسعار الأراضي الزراعيـة، في ظل عـدم فعالية القـوانين والتشريعات التي تجرم البناء على الأراضي الزراعية، وضعف تنفيذها ممـا انعكس في زيادتها بشكل كبير في الفترة الأخيرة وأدى إلى ظهور العشوائيات بآثارها السلبية الكثيرة.
وبحسب الشريف، تشير الإحصاءات المتاحة إلى أن حجم الأراضي الزراعيـة المـصرية المفقـودة خلال الفترة (١٩٨٣-٢٠٠٥) بلغ نحو ٦٩٧,٩٣ ألف فدان، منهـا حـوالي ٤٦,٩٧٠ ألف فدان (إي حوالي ٥٠,١% من جملة الأراضٍ) تم البناء عليهـا، وحـوالي ٣٨,٢ ألف فدان أي حوالي ٤٦,٨% من إجمالي المساحات المستقطعة تم استقطاع جزء منهـا وتركـه بدون زراعة لفترة زمنية طويلة، وذلك لاستخدامات أخرى مثل تجريف الأراضي لاستخدامها في صناعة الطوب، أثر سلبا على عملية الاقتصاد الزراعي في الدولة.
استغلال الأراضي الزراعية في أنشطة أخرى
وبدوره، أبرز هاني البدوي خبير التطوير العمراني، أهمية الإجراءات القانونية في التصدي لعملية تبوير الأراضي الزراعية باتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة ضد المتجاوزين، حيث أدت عملية الفراغ الأمني وعدم الاستقرار والانشغال بأحداث الثورة، باستغلال بعـض الانتهازيين الظروف الطارئة بالبلاد وتعـدوا على الأراضي الزراعية بمختلف محافظات الجمهورية، حيث استغل البعض مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية في أنشطة أخرى.
وتابع البدوي: لا شك أن هناك جهودا لا يمكن إنكارهـا بذلت في الآونة الأخير لإزالة هذه التعديات على الأراضي الزراعية، وقامـت الدولة بتفعيل القوانين الصارمة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بتشديد العقوبات علـى المخـالفين وإزالة التعديات على حساب المعتدين، حيث تم إزالة نحو ٦٩,٢٤٩ ألف فدان أي نحـو ١٧% من حجم التعديات الواقعة على الأراضي الزراعية.
استصلاح الأراضي الصحراوية
وبحسب شريف عبد القادر الخبير الزراعي: وفرت الدولة بديلا للتعدي على الأراضي الزراعية باستصلاح أجزاء كبيرة من الأراضي الصحراوية، وبناء المساكن عليها، وتوفير مساكن آمنة لكثير من المواطنين، كـمشاريع ابني بيتك، والتجمعات العمرانية الجديدة في مدن العاشر من رمضان، ومدينة العبور، والتجمعات مثل التجمع الأول والثالث والخامس، كما عملت الدولة على بناء العاصمة الإدارية الجديدة مما أدى إلى جذب ولفت انتباه الناس إلى البناء في تلك المناطق لأنها تعد المستقبل لمصر.
وأشار الخبير الزراعي، إلى أنه لا أحد ينكر جهود الدولة في الحفاظ على الرقعة الزراعية بتوفير سبل التعاون مع الفلاحين، وتوفير الآلات والمعدات الزراعية، وحث المزارعين على الاهتمام بالأراضي الزراعية، وتوفير الغذاء الذي تعتمد عليه مصر، وزيادة أسعار الخضر والفاكهة والقطن والقمح التي تعوض تكاليف الزراعة، فضلا عن توفر لأسمدة، وتنظيف الترع والمصارف الزراعية، التي تساعد على تهيئة الأراضي للزراعة ويشجع الفلاحين والمزارعين على الاستغلال الأمثل لأراضيهم.
وأختتم الخبير الزراعي: الاعتداء على الأراضي الزراعية يؤثر على أهداف تحقيق الأمن الغذائي، ورفع نسب الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الإستراتيجية، مشيرا أهمية التخطيط العمراني للقرية في المساعدة على مواجهة تلك الظاهرة، وتحديد الأحوزة العمرانية، مشددا أن من أبرز التحديات التي كانت تواجه الدولة كان البناء العشوائي سواء البناء غير المخطط أو التعدي على الأراضي الزراعية.
نقلا عن العدد الورقي...