جريدة الديار
الجمعة 22 نوفمبر 2024 07:30 مـ 21 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

خبير قانوني يكشف عن أسباب جريمة الإتجار بالبشر وعقوبتها

الإتجار بالبشر
الإتجار بالبشر

أصبحت ظاهرة الإتجار بالبشر ظاهرة دولية تؤرق المجتمع الدولي، إذ أنها لا تقتصر على دولة واحدة وإنما تمتد لتشمل العديد من الدول نتيجة لكونها أحد أشكال الجريمة المنظمة، إلا أنها تختلف باختلاف صورها وأنماطها من دولة إلى دولة أخرى وفقاً لمفهوم الإتجار بالبشر في تشريعاتها الوطنية ومدى احترامها لحقوق الإنسان.

حيث شهد المجتمع الدولي في الآونة الأخيرة تصاعد ظاهرة الإتجار بالبشر، فمع تنامي بؤر الصراعات المسلحة سواء الداخلية أو الدولية ووجود كثير من مناطق العالم التي تعاني من الاضطرابات الداخلية، وعدم الاستقرار السياسي وتدهور الأوضاع الاقتصادية، في بعض البلدان لا سيما في بلدان العالم الثالث التي توفر لعصابات الجريمة المنظمة عبر الوطنية ظروف معيشية سهلت وجود موارد متجددة من الضحايا من أجل تحقيق مبالغ طائلة من وراء استغلالهم.

 
قال جمال عوض الله المحامى والخبير الحقوقى أن ظاهرة الإتجار بالبشر يمثل ثالث أكبر تجارة عالمياً بعد تجارة المخدرات وتجارة السلاح  فالنساء والأطفال أهم الضحايا فالتجار يتخذون من الدول الفقيرة مصدراً للضحايا وتمثل الدول الغنية أسواقاً رائجةً لتجارتهم، حيث أن شبكات الإتجار تمتد عبر الدول، ولا شك بأن هذه التجارة قد تحتل المرتبة الأولى عالمياً في المستقبل، وذلك لأن مخاطرها أقل خطورة من تجارة السلاح وتجارة المخدرات.

وأفاد عوض الله عصابات الجريمة المنظمة أتخذت من الحروب والفقر والبطالة بيئة خصبة لممارسة ظاهرة الإتجار بالبشر، لما تدره هذه التجارة على أصحابها من أموال طائلة، الشيء الذي يغذي أكثر انتشار هذه الظاهرة بكل صورها المختلفة.

وأشار الخبير  أن مصر إحدى تلك الدول التي تبنّت إصدار قانون خاص يجرم الإتجار بالبشر بكافة أشكاله وهو القانون رقم 64 لسنة 2010، الذي جاء وفاءً للالتزامات الدولية التي سبق وتم التصديق عليها  في الوقت نفسه، يأتي هذا القانون في ظل غياب أي وعي مجتمعي بتلك الظاهرة أو المشكلات الناتجة عنها والذي يجعل الكثيرين ينفون انتشار تلك الظاهرة في المجتمع المصري فنجد أن الإتجار بالبشر في مصر يأخذ أشكالا مختلفة وتحت مسميات عدة، أكثرها شيوعًا هي “الزيجات الموسمية” أو”الزواج السياحي” وهي التي تتم من خلال تزويج  فتيات، دون السن القانوني في أغلب الأحيان، لرجال غير مصريين، وغالباً يكونون من دول الخليج وأكبر من الفتاة بفارق عمري كبير‏[5].‏

بالإضافة إلى ظاهرة أطفال الشوارع التي تؤدي إلى استغلال آلاف الأطفال في الدعارة والخدمات الجنسية، وغيرها من أشكال الاستغلال كالعمالة القسرية في المنازل. ذلك إلى جانب  التنظيمات الإجرامية الخاصة بتجارة الأعضاء البشرية التي نشطت في مصر في السنوات الأخيرة حيث ضبطت مباحث القاهرة في عام 2016 فقط نحو 12 قضية تجارة أعضاء بشرية فى العاصمة وحدها.

و في ظل الأطفال باليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالبشر نسلط الضوء على الإطار القانوني لمكافحة هذه الظاهرة في مصر وكيفية تعامل المحاكم معها. وماهية الإشكاليات التي تقف حائلًا دون المضي قُدمًا نحو تحسين آليات مكافحة الإتجار بالبشر.

وأوضح  الخبير القانونى أن قانون مكافحة الإتجار بالبشر الصادر في مايو 2010 من أكثر القوانين المصرية إتساقًا وتناغُمًا مع الآليات والمعايير الدولية. ويظهر ذلك بداية من تعريف القانون لجريمة الإتجار بالبشر الذي جاء مُستلهمًا إلى حد كبير من التعريف الوارد في بروتوكول “باليرمو” فيعتبر القانون أن تلك الجريمة لا تتحقق إلا بتوافر ثلاثة عناصر، (الإتجار) وهو التعامل بأیة صورة في شخص طبیعي بما في ذلك البیع أو العرض للبیع أو الشراء أو النقل أو التسلیم أو الإیواء.

و(استخدام وسائل معينة) مثل استعمال القوة أو العنف أو التھدید بھما، أو بواسطة الاختطاف أو الاحتیال أو الخداع أو استغلال السلطة، أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة و(قصد الاستغلال)أیاً كانت صوره بما في ذلك الاستغلال في أعمال الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي، واستغلال الأطفال في الخدمة قسراً أو التسول، أو استئصال الأعضاء البشرية.

حيث تعاني معظم الدول من انتشار الظاهرة الإجرامية في الوقت الحالي بشكل كبير وسريع وبأشكال مختلفة، ومنها ظاهرة الاتجار بالبشر، ويقف وراء الزيادة الكبيرة في انتشار هذه الظاهرة بأشكالها وصورها الانحلال الأخلاقي والفساد المالي والإداري الذي ساهم بشكل كبير في زيادة معدلات الفقر والبطالة وتدني المستوى المعيشي للأفراد، والأوضاع السياسية والأمنية المتأزمة التي دفعت بالأفراد إلى ترك بلدانهم واللجوء إلى الدول المجاورة خوفاً على أنفسهم وعائلاتهم، وفي هذا المبحث سنعرض مجموعة من أشكال وصور الاتجار بالبشر بالإضافة إلى دوافع وأسباب هذه الظاهرة.

أن جريمة الاتجار بالنساء تأخذ صور كثيرة ومتعددة ومنها العنف والاعتداء الجنسي الذي يتم من خلال عصابات منظمة تمارس هذه الاعتداءات ضمن نطاق جريمة الاتجار بالبشر، وهذه الجريمة تعتبر من أبشع الجرائم التي ترتكب في حق النساء، وذلك لكونها تمس كرامتهن وإنسانيتهن، فضلاً عن أنها أحد صور تجارة الرق.

وتعد الدعارة من أكثر الصور رواجاً و انتشاراً من صور الاستغلال الجنسي للنساء، حيث ينظر أفراد عصابات الاتجار بالبشر إلى النساء على أنهن سلع تعرض للبيع بهدف تحقيق وإشباع الرغبات والملذات الجنسية فيتم استقطاب النساء اللاتي يعشن في ظروف معيشية متدنية جداً أو اللاتي ينشأن في أسر متفككة ويفتقدن لرقابة الأبوين، بالإضافة إلى فشل العلاقات الزوجية التي تبنى على أساس الإكراه وعدم رضا أحد الطرفين.

حيث أوضح تقرير للأمم المتحدة أوضح  ازديادا في نسبة الاتجار الذاتي بالبشر وهي مجموعة تكون مكونة من فردين أو ثلاثة وليست جماعة إجرامية عبر الحدود، هي تتكون من الأسر النازحة من أماكن النزاع اضطرت للاتجار في بعض أفراد الأسرة حتى تستطيع أن توفر لقمة العيش للأسرة ذاتها. يتم ذلك إما عن طريق تزويج القاصرات أو العمل القسري للأطفال، أو حتى عن طريق الاستغلال الجنسي للحصول على المأوى.

أيضا الجماعات الإرهابية والمتطرفة في أنحاء العالم والمنطقة العربية في مناطق النزاعات أظهرت نوعا جديدا من الاتجار بالبشر عُرف بجهاد النكاح، وهو ما يحاولون فيه زورا وبهتانا أن يربطوه بأواصر لها علاقة بالدين وهي لا علاقة لها على الإطلاق بهذا.

وقد استخدم في تحفيز واستخدام واستغلال الشباب في العمليات الإرهابية وتنفيذ أغراض الجماعات الإرهابية عن طريق إغرائهم بجهاد النكاح أو تزويج القاصرات، فكان هذا نوعا جديدا أو طابعا جديدا ظهر نتيجة لهذه الحروب والاضطرابات، ليس فقط في المنطقة العربية بل أيضا في دول أميركا اللاتينية.

وظهر نوع جديد وهو الاتجار في الأشخاص في الحروب والنزاعات المسلحة لاستخدامهم في الحرب في مواجهة جماعات أخرى أو مواجهة الدولة وغيرها حيث يصبح هؤلاء لقمة سائغة عندما تتقطع بهم سبل العيش فتضطر الأسرة إلى أن تتاجر بأفرادها أو يضطر الشخص نفسه أو السيدة نفسها إلى أن تتاجر بنفسها أو بأطفالها حتى تكسب لقمة العيش أو سقفا يأويها في هذا المناخ القارس سياسيا وجويا .