بروفايل| الشيخ «أحمد الطيب»..أيقونة العلم..دماثة الأخلاق..آية للتواضع
يغادر فضيلة الشيخ «أحمد الطيب» المشفى، بزي العلماء الأجلاء وعمامةٍ ناصعة البياض، ووجه بشوش كالعادة مع تواضع دائم، يحمل حقيبته بنفسه ويعتلي سلّم الطائرة، متجها إلى العاصمة الإيطالية روما، ليضع بصمته الموزونة في أعمال قمة قادة الأديان من أجل تغير المناخ والتي حملت عنوان «الإيمان والعلم؛ نحو مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين لتغير المناخ»، فيواصل جولاته المثمرة رغم خروجه من وعكة صحية أدت لخضوعه لجلسات علاج طبيعي على العمود الفقري في أحد المستشفيات الألمانية المتخصصة، بعد نصيحة الأطباء له بمصر بالسفر إلى ألمانيا؛ لإجراء أدق الفحوصات على منطقة الظهر والعمود الفقري، وبعدها تبين أنه بحاجه إلى علاج طبيعي مكثف على الفقرات القطنية.
كرث الشيخ الجليل أحمد الطيب حياته في خدمة الإسلام ونشر سماحته، فكان من أبهى الصور التي تجسد أيقونة علم سواء كان دينيا أو دنيويا، وأرقى آيات التواضع ودماثة الأخلاق، فجلسته الوقورة بين محبيه وتلامذته بالقرية وبالزي التقليدي لأهل البلدة، تكشف مدى تواضع هذه الشخصية الفذة التي تعتبر فخر وقدوة لكل مسلم.
الإمام الأكبر« أحمد محمد أحمد الطيب»، يعد الإمام ال 48 لمشيخة الأزهر الشريف، تقلد هذا المنصب فى 19 مارس عام 2010، وكان قبلها رئيسا لجامعة الأزهر، ويقول في هذا أحد أبناء قرية الشيخ، أن من نبه الشيخ أحمد الطيب بترك منصب المفتي وتقبل منصب رئيس الجامعة كان الشيخ محمد طنطاوي رحمه الله، شيخ الأزهر السابق حيث أبلغه أن رئاسة الجامعة هي السبيل لمشيخة الأزهر، وُلد فضيلة الشيخ في صعيد مصر بقرية المراشدة في مركز دشنا بقنا 6 يناير عام 1946 الموافق 3 صفر عام 1365 هجريا، والتحق بجامعة الأزهر حتى حصل على شهادة الليسانس في العقيدة والفلسفة عام 1969 تلتها شهادة الماجستير عام 1971، وبعدها درجة الدكتوراه عام 1977 فى نفس التخصص.
وتقلد عدة مناصب فهو الرئيس السابق لجامعة الأزهر، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، و أستاذ في العقيدة الإسلامية، إلى جانب أنه يتحدث اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة وكان هذا سببا رئيسيا في ترشيحه لمنصب شيخ الأزهر الشريف، وقد ترجم عدداً من المراجع الفرنسية إلى اللغة العربية وعمل في فرنسا محاضرا جامعيا لمدة، وألف العديد من كتب الفقه والشريعة والتصوف الإسلامي، حيث ينتمي أستاذ العقيدة الإسلامية إلى أسرة صوفية، فوالده كان شيخ الطريقة «الأحمدية الخلوتية»، وخلفه أخوه «محمد الطيب» بعد وفاة والدهما رحمه الله.
حظى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، بمحبة وإجلال من كافة العلماء والتلامذة على المستوى العالمي، فيستقبله الجميع حول العالم في زياراته استقبالات حافلة وترحاب ملئ بالفخر والبهجة، ويستمع الجميع إلى نصائحه بإنصات شديد ويحرصون على تنفيذها واتخاذه قدوة لهم، ودائما ما يكون الشيخ أحمد الطيب شغله الشاغل تجديد دعواته للتصالح والتسامح بين علماء الأمة ونبذ الفرقة، وذلك من خلال رئاسته لمجلس حكماء المسلمين حيث يرسل قوافل السلام التى تجوب العالم كله، لنقل سماحة الإسلام بشكل يليق بها، ويدعو مراراً للتعايش وقبول الأخر وعدم إقصائه، ويحذر بشدة من خطاب التشدد بفرض رأى أو مذهب بعينه على عامة البشر، ودائم الدفاع عن تراث الإسلام ضد الطاعنين فيه، مؤكداً أنه يربى الأمة على ثقافة الاختلاف.
وكلل الإمام الأكبر الشيخ «أحمد الطيب»، هذه الجولات العظيمة بجولة ألمانيا التي ألقى فيها خطاباً تاريخياً للعالم عن عظمة الإسلام، ودائما ما يؤكد في كل اللقاءات براءته من تيارات «داعش»، ومن على شاكلتها التي تسئ لإسم الدين، وشارك أيضا فضيلته في اجتماع قادة الأديان بشأن التعليم والذي أطلق عليه عنوان «نحو اتفاق عالمي من أجل التعليم» وذلك في الخامس من أكتوبر والذي يوافق يوم المعلم العالمي.