مطالب بإخضاع الدين الخارجي لرقابة البرلمان....وبرلماني سابق مجلس النواب لا يراقب قروض لا تضمنها المالية
دعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى ضرورة وضع الدين الخارجي لمصر إجمالًا تحت إشراف البرلمان، بحيث يحظر توقيع اتفاقات بقروض خارجية دون موافقته، «أيًا كانت الجهة المقترضة، على أن تقدم إليه خطة للسداد وخطة لاستخدام الأموال».
وقالت «المبادرة» في تقرير لها إن سياسات الاقتراض الخارجي خلال العقد الأخير يعاب عليها «أن الحكومة المركزية لم تعد وحدها المسؤولة عن القروض الخارجية، بل عدد من الجهات الحكومية»، وهو ما يعني أن الكثير من تلك القروض لا تعرض على البرلمان ولا يناقشها ولا تحصل على موافقته ولا تحظى بمراقبته، وذلك في تعارض مع الدستور بحسب التقرير، الذي قال إن البرلمان لا يراقب قروض البنك المركزي ولا البنوك التجارية المملوكة للدولة، كما لا يراقب على الاقتراض الخارجي عبر أذون الخزانة.
ولَفَت التقرير النظر إلى أن الحكومة المصرية كانت مسؤولة عن أكثر من 90% من الاقتراض الخارجي في 2010، مقابل 56.7% فقط عام 2020، وهو ما اعتبرته «المبادرة» تناميًا لظاهرة الاقتراض من الخارج عبر مؤسسات حكومية من خارج الموازنة.
في حين قال العضو السابق في اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، أشرف العربي أن الفيصل في رقابة البرلمان على القروض الخارجية هو مبدأ «ضمان وزارة المالية للقرض» على حد قوله، مضيفًا: «الدستور نص على التزام الدولة بعرض أي قرض خارجي ترغب في توقيع اتفاق بشأنه على البرلمان، لكن الدولة في هذا النص ليست إلا وزارة المالية أو أي جهة أخرى تضمنها الوزارة».
فعلى سبيل المثال، «الحكومة ليست مضطرة لعرض اتفاق حول قرض من الخارج موجه لوزارة النقل بشأن القطار الكهربائي إلا لو كانت وزارة المالية ضامنة لهذا القرض، وكذلك هو الحال بالنسبة للبنك الأهلى مثلًا كبنك مملوك للدولة، لأن تخلف البنك عن سداد أي من التزاماته الخارجية هو أمر لا يخص الموازنة العامة ما دامت الدولة لا تضمن القرض»، حسبما يقول العربي.
أما بالنسبة لأذون الخزانة والسندات المملوكة للأجانب، «فهي لا تمثل بدورها دينًا خارجيًا أصلًا بالمفهوم الذي يضطر الحكومة لعرضها على البرلمان، لأن الأذون والسندات الحكومية (أوراق الدين الحكومية) يطرحها البنك المركزي نيابةً عن وزارة المالية على عدد من المؤسسات ضمن نظام المتعاملين الرئيسيين وهي مؤسسات مصرية»، على حد قول العربي، الذي أضاف: «تملك الأجانب لأوراق الدين الحكومية هو أمر لاحق على هذه العملية، ويحدث عبر إعادة بيع تلك الأوراق من قبل المتعاملين الرئيسيين في ما يعرف بالسوق الثانوي (عملية إعادة البيع) كما يمكن أن يحدث لأي مصري يرغب في اقتناء تلك الأوراق من السوق الثانوي، ولهذا السبب لا تعد عملية طرح الأذون والسندات الحكومية من قبل وزارة المالية عملية اقتراض خارجي مهما بلغت نسبة الأجانب المستحوذين على تلك الأوراق».
والمتعاملون الرئيسيون هم مؤسسات تلتزم بشراء إصدارات الحكومة من الأذون والسندات الحكومية، ويأتي على رأسها حاليا البنك الأهلي، وبنك مصر، وبنك الاستثمار القومي.
أما القروض التي يفترض بالضرورة، وفقًا لنص الدستور أن تخضع لرقابة البرلمان، وهي تلك «القروض التي تتلقاها الدولة عبر اتفاق تبرمه وزارة مع أي جهة خارجية» كما يقول العربي، فواقع الأمر «لا تلتزم الحكومة بطرحها كلها على البرلمان في التوقيت الملائم -أي قبل توقيعها اتفاق بشأنها مع الجهة المقرضة، لأن الفيصل عادة في التزام الحكومة من عدمه هو اشتراط الجهة المقرضة نفسها تمرير البرلمان المصري لتلك الاتفاقات من عدمه» على حد قوله.
وحدد العربي صندوق النقد والبنك الدوليين كأبرز مثالين على الجهات التي تصر على تمرير البرلمان المصري للاتفاقات بشأن القروض الخارجية، «كنموذج على المؤسسات الدولية التي تتشبث بموافقة البرلمان قبل تمرير أي اتفاق بشأن قرض، لأسباب تتعلق بضرورة التأكد من تسديد الدولة للقرض الذي يمثل جزءًا من رأسمال ساهمت فيه دول العالم كله» كما يقول.
وفي حين قالت «المبادرة المصرية» في تقريرها إن البرلمان لا يراقب أيضًا على السندات الدولية -وهي السندات التي تطرحها الدولة بالعملة الأجنبية في الخارج، قال العربي في المقابل إن «هذا النوع من السندات يفترض أن يعرض على البرلمان، لكن عمليًا كثيرًا ما تتخلف الحكومات عن عرضه على البرلمان أو تعرضه بعد طرح تلك السندات، لأن الجهة المقرضة في هذه الحالة هي مجموعة من صناديق الاستثمار والمستثمرين الذين لن يشترط أحدهم لشراء السند أن تكون الحكومة المصرية قد حصلت على موافقة برلمانها».
ورأت «المبادرة المصرية» في تقريرها أن الدين الخارجي قد تراكم «في شكل قفزات خلال السنوات العشر الماضية. وتزداد الحاجة إلى مزيد من الشفافية والرقابة والمحاسبة على أوجه إنفاقه، حيث تتباين وتتعدد الاحتياجات التنموية»، وهو ما يفسر ارتفاع مستحقات سداد الدين الخارجي السنوية، إذ اضطرت مصر لسداد مبلغ قياسي بلغ 28.6 مليار دولار في الفترة بين مارس 2019 ومارس من 2020.