جريدة الديار
الأربعاء 4 ديسمبر 2024 09:20 مـ 3 جمادى آخر 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

رؤية .. ما أشبه الليلة بالبارحة!! .. مكتب إرشاد.. مجلس شورى الدعوة

عصام عامر رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عصام عامر رئيس مجلسى الإدارة والتحرير

عندما قامت ثورة يوليو المجيدة، استثنى مجلس قيادة الثورة "تنظيم الإخوان" من الحل الذى طال جميع الأحزاب، والحجة أنها ليست حزبا سياسيا وإنما جماعة "دعوية"، وبدأت بعد ذلك مسيرة "الإخوان" فى فرض الوصاية على الدولة والمجتمع، لابد أن تعرض القوانين على مكتب الإرشاد أولاً، وإذا أقرها أصبحت نافذة، لابد أن يكون رأى "الإخوان" حاسما فى إختيار عناصر الحكومة المصرية وأقطاب الحكم فى البلاد، ولابد من فرض "الحجاب"، ولابد من تطبيق الشريعة الإسلامية!!.

ثم حدث ما حدث ونعلمه من التاريخ، وانقلب الإخوان على الثورة، وأصبحت "إنقلاباً"، وقاموا بمحاولة إغتيال الزعيم جمال عبد الناصر، وعاشوا المحنة الكبرى فى عامى 1954، 1965.

وعندما قامت ثورة يناير المباركة، حولها الإخوان إلى "فرصة" تاريخية للقصاص من الجيش المصرى، والقصاص من مبارك الذى سمح لهم بكل تواجد مفيد فى المدارس، والمصانع، والشركات الكبرى، والبرلمان، وصكوا مصطلح مدنية لا عسكرية، ثم يسقط حكم العسكر، ثم نحن من قام بالثورة، ثم نحن المجاهدين، ثم سنولع مصر لو لم يتقلد مرسى الرئاسة، ثم أتوا بكل إرهابيو العالم إلى سيناء، ثم توالت قرارات العفو الرئاسية عن الإرهابيين، والمجرمين تجار السلاح والمخدرات وانتفضت مصر عن بكرة أبيها وهتفت يسقط يسقط حكم المرشد، وصك ثلاثة وثلاثين مليون مصرى ثورة يونيو على حكم الفاشية الدينية التى كان قطباها الإخوان والنور، مكتب الإرشاد والدعوة السلفية.

كانت ثورة يونيو تعبيرا حقيقيا على رفض الوصاية على المصريين باسم الدين الذى هو ملكا للجميع، رفض الوصاية ليس من الإخوان فقط وإنما أيضا من كل التيارات السلفية التى كانت عونا حقيقيا للإخوان فى كل المعارك التى خاضوها، سواء معركة مجلس الشورى، أو حل مجلس الشعب، أو الجمعية التأسيسية الأولى والثانية، أو دستور"الإخوان".

فالسلفيون لم يكونوا بأى حال بعيداً عن "الإخوان"، بل كانوا يدهم وعقلهم وفكرهم، والخلاف كان فقط على توزيع لحم المصريين الحى بينهم، ولما إنفرد الإخوان بالغنيمة، كان الغضب السلفى المستتر، غضب لم يصل أبدا إلى قطيعة، فالهدف واحد، وهو إخضاع مصر لمفاهيم عصر يراه أصحابه عصر السلف الصالح، عصر الخلافة الإسلامية التى عاصمتها القدس، القدس وليس القاهرة.

نعم كل هذا معلوم، فما هى المناسبة لكى نقول ذلك، والمناسبة أن السادة أعضاء الدعوة السلفية سيعقدون إجتماعا مع المرشح الرئاسى المشير عبدالفتاح السيسى، والقرار النهائى كما أشار الدكتور ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية سيكون بموافقة مجلس شورى الدعوة، والهدف هو اختبار دينى للمشير السيسى.

مكتب إرشاد الإخوان استبدل بمجلس شورى الدعوة، والشريعة هى التى يدور حولها مكتب الإرشاد ومجلس شورى الدعوة، ويتجاوز الكل على الجهة المنوط بها حماية الشريعة وهى الأزهر الشريف بعلمائه ومؤسساته ومعاهده التعليمية.

فهل سيسمح السيسى أو حمدين صباحى لهذا العبث أن يقوم ويدور ويحكم حياتنا مرة أخرى، هل سيدخل المرشحان الأقوياء فى السباق الرئاسى تلك" الخية" مرة أخرى، ويعترفوا أن هناك فى شعب مصر من أهم أوصياء عليه باسم الدين وباسم الشريعة.

اننا لن أتحدث فى الدين فقط أقول للمصريين ومنهم مرشحى الرئاسة، إدرسوا فتاوى السلفيين كما هى موجودة على مواقعهم وأهمها "أنا السلفى" وأخرجوا علينا بما هو متفق مع العصر الحديث، وما هو يتفق مع مجتمعات ما قبل الحضارة وما قبل التاريخ.

لم تقم ثورة يونيه على مرسى، فلا أحد يتذكر أو يتصور أن هذا الرجل كان رئيسا لمصر، وإنما الكل كان يعلم أن مكتب الإرشاد فى المقطم هو الذى كان يحكم، ومرشد الإخوان كان هو رئيس الرئيس مرسى ورئيس مصر، لذلك كان الهتاف يسقط حكم المرشد، فالثورة كانت على التستر بالدين، وخلق هالة من القدسية والكهنوت على مواقع لا مكان لها فى الدولة الحديثة.

إن الدستور يجرم قيام الأحزاب على أساس دينى، ولهذا حظر حزب الحرية والعدالة مع تنظيم الإخوان ومكتب إرشاده، والسؤال وما هو الفرق بين حزب الحرية والعدالة وحزب النور؟، ومكتب الإرشاد ومجلس شورى الدعوة؟.

أرسل الله الرسل عليهم الصلاة والسلام لكى يرشدوا الناس الطريق إلى الجنة، ويحذرهم من طريق النار، الرسل فقط هم أصحاب الكلمة العليا فى "الدين" وليس مكتب الإرشاد أو مجلس شورى الدعوة !!.

وإذا لم يتحقق الهدف من ثورة يونيو، رفض كل وصاية دينية من أى جهة سوى الأزهر الشريف، فلا ثورة قامت ولا إخوان رحلوا، فالإخوان والسلفيون وجهان لعملة واحدة، التسلط والوصاية باسم الدين، وثروات تتكدس، وتفاهات عقلية تسمح بركوب السيارة الشيفورليه وتريد أن تنزع علامتها لأنها تشبه الصليب، وتسمح بإختبار دينى للمشير السيسى والسيد حمدين صباحى من مجلس شورى الدعوة الذى لا نعرف أعضائه، وأين تلقوا تعليمهم، وما هى مصادرثرواتهم، وبأى حق يعتلون هذه الواقع فوق رؤوس المصريين؟.

أخر الكلام لمحمود درويش:

ولا صوت يصعد، لا صوت يهبط، بعد قليل

سنفرغ أخر ألفاظنا فى مديح المكان، وبعد قليل

سنرنو إلى غدنا،خلفنا، فى حرير الكلام القديم

وسوف نشاهد أحلامنا فى الممرات تبحث عنا

وعن نسر أعلامنا السود..

صحراء للصوت، صحراء للصمت، صحراء للعبث الأبدى للوح الشرائع صحراء، للكتب المدرسية، للأنبياء، وللعلماء لشكسبير صحراء، للباحثين عن الله فى الكائن الأدمى هنا يكتب العربى الأخير، أنا العربى الذى لم يكن

أنا العربى الذى لم يكن.

(أحد مقالات رئيس مجلسى الإدارة والتحرير الذى نشر فى العدد الورقى)