جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 06:52 مـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

خاص|سباي توك..” سي آي إية“ تقيم خيارات بايدن للتعامل مع السعودية

العاهل السعودي وولي عهده
العاهل السعودي وولي عهده

نشر موقع 'سباي توك' الأمريكي المتخصص بشؤون الاستخبارات، تقريرا يقول فيه إن خبراء وكالة الاستخبارات المركزية سي آي إيه، يعملون حاليا على تقييم خيارات الرئيس الجديد جو بايدن في التعامل مع السعودية.

وذكر الموقع أن التعامل مع تورط ولي عهد المملكة، محمد بن سلمان، يشكل المعضلة الرئيسية أمام بايدن في صياغة علاقة إدارته مع الرياض. ونقل الموقع عن بروس ريدل، المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية، لشؤون الشرق الأوسط، استبعاده خيار أن يتمكن بايدن من إقناع الملك سلمان باستبعاد نجله.

واستبعد التقرير الذي طالعته 'الديار' ، أن تقوم واشنطن بدعم انقلاب ضد حاكم السعودية الفعلي، لافتا إلى أن تقارير أكدت تعرضه لثلاث محاولات اغتيال.

لكن التقرير خلص إلى أن الولايات المتحدة قد تحتضن أي قوة تتمكن من تحقيق انقلاب ناجح تخيلوا ما يلي: في صبيحة ذات يوم بارد في باريس، فقط بعد أسابيع قليلة من الآن. ترد مكالمة هاتفية إلى مدير محطة السي آي إيه في مكتبه في أعلى مبنى السفارة الأمريكية البديع بجوار الشانزليزيه. المكالمة من رجل أعمال لبناني كان من حين لآخر مصدراً ودوداً عندما كان الرجلان شابين طموحين في بيروت قبل سنوات طويلة. كل ما يريده هو السلام وإدراك ما فات، كما يقول، وقد مرت على الصداقة بينهما سنون طويلة. يحددان موعداً ومكاناً للقاء في مقهى راق ولكن بعيداً عن زحمة الطريق.

إلا أن رجل السي آي إيه يذهب إلى الموعد وتراوده الشكوك بأن ثمة ما هو أكثر من مجرد الاجتماع على كوب من القهوة أو الشاي. يستعيدان الذكريات ويتبادلان الحديث حول أوضاع الشرق الأوسط، وقد كون صديقه اللبناني ثروة من المال. وفعلاً يتضح بعد حين أن ثمة شيئاً.

فبعد عدة لقاءات اختبر فيه كل من الرجلين بكل لطف ما لدى كل منهما من آراء، أخيراً كشف رجل الأعمال اللبناني عما لديه، ليتبين أنه إنما جاء مبعوثاً من قبل عدد من الأمراء السعوديين المعارضين الذين يريدون أن يعرفوا ماذا سيكون موقف إدارة بايدن من مخطط يستهدف الإطاحة بحاكم المملكة الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان.

لم يستغرب تماماً رجل السي آي إيه، ولكن الدهشة بدت على وجهه الذي ساده الوجوم لحين. بعد قليل طلب الفاتورة ليدفع الحساب، وقال لضيفه وهو يغادره: سعدت برؤيتك، وإذا توفر لدي ما أقوله لك فسأعود إليك . يقول خبراء عملوا سابقاً في المخابرات تواصل معهم موقع سباي توك إن مثل هذا السيناريو ليس مستبعداً على الإطلاق. في تصريح لموقع سباي توك، يقول دوجلاس لندن، الذي عمل في السي آي إيه لأربعة وثلاثين عاماً قضى جزءاً كبيراً منها في الشرق الأوسط: ذلك هو عملنا، على الأقل نستمع إلى ما يخطر ببالهم. أما بروس ريدل، المحلل السابق في السي آي إيه لشؤون الشرق الأوسط، فيقول إن بايدن في الأغلب سيتعامل مع أي مخطط من هذا النوع بحذر شديد. ويقول ريدل: ربما كلف الوكالة بعقد لقاء والاستماع لما لديهم من أفكار، ولكنه بعد ذلك سيتحفظ على أي إجراء.

ما يشعر به بايدن من اشمئزاز تجاه محمد بن سلمان أمر ملموس، فقد نعته بايدن بالبلطجي بعد أن خلصت السي آي إيه إلى أن ولي العهد البالغ من العمر خمسة وثلاثين عاماً أمر بنفسه بجريمة القتل البشعة في عام 2018 التي انتهت بتقطيع أوصال الصحفي المنفي والمقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول. ما من شك في أن انتقاد محمد بن سلمان غدا الآن أسهل من ذي قبل بعد أن لم تعد الولايات المتحدة معتمدة على النفط السعودي. كما أن عدداً كبيراً من الأمراء السعوديين يحتقرون محمد بن سلمان، وهم الذين عانوا كثيراً منذ أن بدأ قريبهم الشاب بالاستيلاء على السلطة في عام 2017. وكان محمد بن سلمان في ذلك العام بوصفه وزيراً للدفاع قد قام بتحرك غير عادي ضد منافسيه ومن توقع أن يكونوا معارضين له، حيث اعتقل المئات من الأمراء والأثرياء وكبار المسؤولين في الحكومة داخل فندق ريتز كارلتون الفاره في الرياض، في ما قال إنها حملة ضد الفساد المستشري.

تحول الفندق بأمر من محمد بن سلمان إلى سجن كان زبانيته يعلقون داخله المعتقلين من أرجلهم ويضربونهم ويحرمونهم من النوم لأيام، وأخيراً فرضوا عليهم التخلي عما مجموعه 106 مليارات دولار من ثرواتهم، بحسب ما ورد في الأرقام السعودية الرسمية.

ومات أحد المعتقلين، وهو جنرال سعودي، أثناء التحقيق. منذ ذلك الحين، كثير من أولئك الذين اعتقلوا ونكل بهم انتهى بهم المطاف في السجن أو تحت الإقامة الجبرية، مما ولد حالة من السخط الشديد تجاه ولي العهد داخل العائلة السعودية الحاكمة، كما يقول الخبراء. وبينما كانت أنباء الحملة التي يشنها محمد بن سلمان تنتشر، غرد الرئيس دونالد ترامب عبر تويتر معرباً عن دعمه قائلاً: لدي ثقة عظيمة بالملك سلمان وبولي عهد المملكة العربية السعودية، هما يعرفان بالضبط ما الذي يفعلانه. بعض أولئك الذين يعاملونهم بقسوة ما فتئوا يحلبون بلدهم منذ سنين. نفى محمد بن سلمان أنه أمر بقتل جمال خاشقجي، وهو عذر لم يشكك به ترامب على الإطلاق.

إلا أن آفريل هينز، مرشحة بايدن لمنصب مدير المخابرات الوطنية تعهدت برفع غطاء السرية عن تحقيق السي آي إيه في الحادثة، مما يعني أن واشنطن قد تقوم رسمياً بتوجيه اللوم إلى محمد بن سلمان وتحميله المسؤولية عن موت خاشقجي وهي خطوة سيكون لها ما بعدها من تداعيات قانونية ودبلوماسية.

واستخدام محمد بن سلمان العشوائي لما تزوده به الولايات المتحدة من ذخيرة ضد المدنيين في الحرب ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من قبل إيران في اليمن، وما نجم عن ذلك من تعهد بايدن أثناء حملته الانتخابية بتقليص مبيعات السلاح إلى المملكة كجزء من تقييم شامل للعلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.

و يرى بعض المسؤولين السابقين في وكالة المخابرات الأمريكية أنه إذا ما اقترح أي من الأمراء المعارضين عقد لقاء مع السي آي إيه لمناقشة الانقلاب على محمد بن سلمان فإنه يتوجب على الوكالة أن تتجاوب. أما فيما يتعلق بما قد يحدث من بعد، فتبدو الصورة بالغة التعقيد بسبب اعتبارات لوجستية وسياسية ودبلوماسية كما يقول جنرال الجيش المتقاعد جيمس كلابر، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات العسكرية والذي استلم أيضاً في عهد إدارة أوباما منصب مدير المخابرات الوطنية.

قال كلابر في رسالة بالإيميل، إن ذلك سوف يعتمد على عدد من العوامل مثل أي من الأمراء لديه الاستعداد للمشاركة في ذلك المخطط، مشيراً إلى أن بعضهم أكثر نفوذاً من البعض الآخر، مضيفاً أنه سوف يتوجب على السي آي إيه أن تنظر في اعتبارات مثل ما إذا كان يمكن رسم خطة الانقلاب سراً، وأين سيكون اللقاء، ومن سيكون أفضل مبعوث للولايات المتحدة، وغير ذلك من الأسئلة. وقال كلابر: إذا كان المقصود هو شكل من أشكال تغيير النظام، فتلك مهمة ثقيلة جداً على السياسة الأمريكية، ولسوف يتوجب على صناع السياسة الأمريكيين بحث ذلك بعناية فائقة وبتدبر عميق للأخذ بالاعتبار مختلف الاحتمالات والخيارات المتاحة فيما لو وقع خلل ما. فكم هي الانقلابات التي دعمتها الولايات المتحدة ولكن عواقبها كانت وخيمة.

و محاولة ترامب الفاشلة لإسقاط نيكولاس مادورو في فنزويلا في 2019، والتي انتهت بتحصين النظام الفاسد أكثر فأكثر. ومن ذلك أيضاً دعم السي آي إيه لانقلاب نفذه جنرالات جنوب فيتنام في سايغون في 1963، والذي انتهى بالقتل ومزيد من عدم الاستقرار.

وثمة أمثلة على محاولات أخرى لطالما أثقلت كاهل البلدان المعنية بأنظمة دكتاتورية جثمت على صدورها عقوداً طويلة. يقول ريدل، الذي يعمل الآن خبيراً في شؤون الشرق الأوسط لدى معهد بروكنجز في واشنطن، إن التخلص من محمد بن سلمان قد يقود إلى واحد من سبيلين. أما أحدهما فهو أن يجد بايدن وسيلة لإقناع الملك سلمان بأن سلوك محمد بن سلمان سود سمعة المملكة لدرجة أن مكانتها في العالم والأهم من ذلك في نظر الولايات المتحدة تضررت بشكل جسيم. يقول ريدل إن ذلك مستبعد جداً لسبب بسيط وهو أنه من غير الوارد أن يتخذ الملك إجراء ضد نجله المفضل وخليفته المنتظر. وهو يعلم أن واشنطن ليس لديها خيار سوى أن تقبل بالتعامل معه كما هو. وقد يرغب الأمراء المعارضون في اغتيال محمد بن سلمان سواء أيدتهم الولايات المتحدة في ذلك أم لم تؤيدهم. إلا أن مثل هذه العملية سيكون تنفيذها غاية في الصعوبة، كما يقول ريدل.

وولي العهد يحيط نفسه بحرسه الامبراطوري الخاص، كما أنه لم يفتأ في الفترة الأخيرة يقضي معظم وقته في نيوم، تلك المدينة المستقبلية عالية التقنية، التي يشيدها بالقرب من جدة، والتي تكاد تكون خالية تماماً من الناس تقريباً. يقول ريدل: لا يوجد من يعيش فيها حتى الآن، ولذلك فتأمينها أمر سهل جداً. وأضاف إنه وردت تقارير موثوقة، وإن لم يتم تأكيدها بعد، بوقوع ثلاث محاولات لاغتيال ولي العهد حتى الآن، ولكنها فشلت جميعها.