جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 10:27 صـ 11 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

على الجنابي يكتب: عَبَراتٌ في سلسلةِ .. ”أفحقّاً يتعاملُ إلهُنا ب“

عَبَراتٌ في سلسلةِ: (أفحقّاً يتعاملُ إلهُنا ب..): أفحقّاً يتعاملُ إلهُنا ب (الرِّشوة) ! هَوَى عليَّ صاحبي كعَصفٍ عارضٍ بنَوءِ إستمطارٍ, وبوَجهٍ قارضٍ بسَوءِ إصفرارٍ, فعَوَى في جبينٍ ليَ مُسترخٍ في ظلٍّ ظليلٍ بينَ نبعٍ وإخضرارٍ: أفحقّاً - ياذا عزّ- يتعاملُ إلهُنا ب(الرِّشوةِ) وهو المليكٌ وغنيٌّ جبّار! بل ويُساومُ عبيدَهُ بقاصراتِ الطرفِ أبكار؟ وي!أمَا وإنّهُ لو كانَ غَيٌّاً وإفتراءً من بني إلحادٍ وذوي أحلامٍ صغار؟ لَمَا ذُهِلتُ ولمَا الفؤادُ في غَييِّهُمُ ذُهِلَ وإحتار! ولكنّهُ غَيٌّ من بني قومِي يتنازعون بينهم أمرهم في سفهٍ وإصرار؟ أوَقد إضطُرَّ الإلهُ لدفعِ رَشاوى عن صلاةٍ لعبدٍ ساهٍ مُتَخَلخِلٍ هَلوعٍ و في الدروبِ دَوّار, وعن صيامٍ واهٍ مُتَعلعِلٍ جزوعٍ وفي الغروبِ خَوّار, يصومُهُ شهراً كلَّ حولٍّ ولسويعاتٍ من نهار؟ كيف يَجرؤونَ! مالهمُ كيف يحكمونَ بإستهزاءٍ وإستكبار! قد بغضتُ مكرَ فجرةٍ أشرار, ورفضتُ إفكَ قاصري أنظار, ودحضتُ فِكرَ بهيمةِ كُفَّار, ونَقضتُ مَجاجةَ وَجدِهِمُ, كَوَجدِ نعاجٍ رابضةٍ على سَفحِ تَلَّةٍ تَمضُغُ عُشباً بإجترار؟رددتُهُ: هَوِّن عليكَ -يا ذا حلم- لئلا يُصابَ وَتينُكَ بِتَيَبُسٍ, أو رُبَما بإنفجار! أجل, هي رِشوةٌ. ألا لَيتَ إبنَ آدمَ إرتَشى فإنتَشى ب"رِشوةِ" معبودِه جزاءً وِفاقاً لإصلاحِ ذاتِ بينهِ, وليكونَ من أنامٍ أخيار؟ ألا لَيتَ إبنَ آدمَ إختشى فإعتَشى عن "رِشوةِ" العبيد جفاءً لنفاقِ ذي ضرٍّ وأخطار.ومامَنعَ أبن آدم أن يؤمنَ إلّا حبّهٌ للمالِ جَمّاً, وأَكلُهُ للتّراثِ لمّاً وبإستهتار!، ومن أجله أضنَى الأبن أباه, وأفنى الأخ أخاه بسفاهة من أعذار, فتراه بخمرة المالِ سكرانٌ ولها يستغفرُ وهي تسبيحهُ والإذكار. ذرْهُم يُسَمّونها "رِشوةً", رِشوةً مَعروضةً من مُقتدرٍ قَهَّار, وإنّما هي "جائزةُ" ل(تألّيفِ قلوبٍ) ورحَمةٌ من عزيزٍ غفار, فما الرِّشوةُ إلّا مالٌ يُعطَى لِمَسْؤُولٍ لِقَضاءِ مَصْلَحَةٍ حَقّاً أَوْ باطِلاً, خُفيةً وبإستتار, وإنّما الجائزةُ تُعطى لِمَأمولٍ منه إعمارٌ وإصْلَاحُ ذاتهِ, و بفخرٍ , جهرةً وبإشهار. وما أرانيَ وإيّاكَ إلّا من (المُؤلّفةِ قلوبهم) بالجائزة, بتباينٍ بيننا في الأطوار, وما كنّا لنعبدَهُ لوما جائزةٌ بَشَّرَ بها رسولٌ منه مصطفىً مُختار؟ وتذكَّر { ولَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (*)وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (*) وَزُخْرُفًا ..} وإذاً, لمّا كانَ -ياصاحُ- حبُّ المالِ جَمّاً هو جِبِلّةٌ طَغَت على فُجّارِنا وكذلكَ الأبرار, فقد أوْعَدَهُ العليمُ في الآخرةِ لمَن في سُبُلِ النّورِ والعلمِ حَطَّ بزادِهِ ولها إختار, وأبعَدَهُ فيها عَمَّن لسُبُل الجورِ والظلمِ أَطَّ بمرادِهِ وبها إستجار. تَبَصَّرْ ياصاح : سواءٌ أ"رشوة"كان الأمرُ أم كان جائزةً, فسَيتَألقُ عالياً يومَ تَتَشَفَّفُ الأخبارُ, وتَتَكشَّفُ الأبصارُ, وتَتَأفَّفُ الأقدار, وسيَتَفَتَّقُ غُرفاً من فوقِها غُرف, وحدائقَ ذاتَ بهجةٍ تحتَها أنهار, وكواعبَ أتراباً وإستبرقَ, ومن الذهبِ أسوارٌ وأسوار, وما تشتهي النفسُ من لبنٍ وخمرٍ وبعسلٍ مصفىً مُتَفَكِّهَة بإزدهار. هنالكَ سيَقهرُ الملائكُ مَن حُرِمَ "الرِّشوةُ" وإندحرَ لمثواهُ في النّار, مُتهجِّمينَ عليهِ بِتهكمٍ وإحتقار: قد كانَ لكَ أن تكونَ ل" الرِّشوةِ" وارثاً, ومع بَنيكَ تَضحكُ الآنَ في ظلالٍ وثمار, لكنّكَ على عَقِبَيكَ نَكَصتَ إذ تُلِيَت عليكَ آياتٌ بإنذار, مُستكبراً بها سامِراً هَجرتَها بهُزوٍ وإِدبار, فمالكَ اليومَ هاهُنا من خِلٍّ ولا شَفيعٍ ولا أنصار, فأخسَأ مَدحوراً في جهنّمَ وارِثاً لها, هيَ (رِشوَتُكَ) خالداً, ولبئسَ القرار. عِ ياصاح وتَدَبّرْ بيانَ ودستورَ العزيزِ الغفّار؟ إذ فَصَّلَ الكتابُ (الجائزةَ) تفصيلاً مَالياً بإسهابٍ وبترغيبٍ وإعتبار, بينما أَصَّلَ (الجائزةَ) تَأصيلاً مَعنوياً بمعشارٍ مِنهُ (تقريباً) وبإختِصار, ومَا يَذّكَرُ(العُشرَ) إلا ذَوو ألبابٍ وأبصار, وأولئكَ راسخونَ في علمٍ وأبرار. هون عليكَ ولا تَنفَخْ أودَاجَكَ -ياذا صَبرٍ-من قسمة (الأعشار)! على رَسلِكَ ولا تَحتارْ, وأنظُرني لأُفَصِّلَ بإقتضابٍ في المعشارِ, وسَأغادِرُ إطناباً في تبيانِ مواطنِ الآياتِ لبقيةِ الأعشار,ذاكَ أنَّ مَواضعَها في الذكر الحكيم مُبَيَّنَةٌ غيرُ مَخفيةٍ وجَليّةٌ بإشهار, وخشيةً منّي على مُقلَتَيكَ من تَذَمّرٍ وإزورار, و رُبَما إنفجار, لكنّي سَأبادِرُ في (نقلِ) بيانٍ لقبساتٍ من بواطنِ (العُشرِ) بإستفتاحٍ وبإستبصار, لعلّي وإياكَ نَتَقَرَّبُ سواحلَ مافُسِّرَ من أسرار: (كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ),هذا هوَ نصيبُ (العُشرُ) هُنا خالصٌ مُخلَّصٌ, فلا حورٌعينٌ هنا, ولا خمورٌ ولا ثمار, بل (إصلاحُ بالٍ):ذُروَةُ مايَبتَغيه أولو النُّهى في عَشيِّهمُ والإبكار,إذ كانَ (بالُهُم) يَأنُّ تَضرعاً في ليلهمُ والنَّهار , وإذ" يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ" , فَرَبِحوا راحةَ بالٍ أبديةٍ حينَ "اسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعض" فَنَالوا جائزةَ (العُشرَ)ولهم معها ثوابُ تِسعة الأعشار حينَ أتبعَ فبَشَّرَهُم "وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ " ثم ختمَ ب" نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلْأَبْرَارِ". ذاكَ هو(العشرُ)الندي: رِضوانٌ ونُزُلٌ من اللهِ أكبرُ , مِنه: وهو القاهر الجبّار. عُشرٌ يعدلُ عشرةَ أعشار. وختاماً إن أحببتَ(العشرَ) فعليكَ ب:(تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ*تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ).وإن قلبكَ أحبَّ التسعةَ أعشار, فسوف يستبشرُ بجائزة الفتحِ: (وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ). فتَأمّلْ لمَ هجَرَت جملةُ (تُحِبُّونَهَا)موضعها من وراءِ (تِجَارَةٍ) وحجَرَت موضعاً لها قَبلَ (فَتْحٌ قَرِيبٌ), فالسِرُّ هناك؟ بلى, يتعاملُ إلهُنا ب(الرِّشوةِ), ويالها "رِشوة"!