جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 03:46 مـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

وقفة إنسانية عنوانها الأمل لأهلنا المتضررين من الحرائق...الإنسانية مرت من هنا

الإنسانية مرّت من هنا:

بداية لا يسعني إلا أن أشكركم على المساعدة التي تقدمونها بعد الله سبحانه وتعالى حيث أنكم دائمًا ذوي القلوب الرحيمة والأيادي البيضاء وأهل الجود والعطاء من بعد المولى عز وجل.

كلماتي ماهي إلا القليل بحق الأيادي البيضاء التي تدعو للخير وتساهم بالوقوف بجانب كل متضرر. لم يكن فقط ذلك الحريق الذي أكل الشجر والحجر والحيوان وتسبب في إيذاء محاصيل الكثير من الأبرياء ونال من منازلهم. بل كان جرحًا في نفوس جميع أبناءه ومشاهديه وكل من سمع بذلك.

رؤية بصرية موجعة عنوانها الألم مما شاهدناه ولامسناه من خلال زيارتنا إلى القرى المتضررة جرّاء الحرائق برفقة مجموعة من القلوب الخيرة التي جمعها حب الوطن، والعمل الصالح بالفعل لا الكلام. ومن هؤلاء الصيدلانية "أوراس اسماعيل" التي مدّت يدها لجميع الأسر بكل إنسانية فقدمت دون مقابل ودون انتظار كلمة شكر، وعن زيارتها تحدّثت: الكارثة كبيرة وفوق قدرتي على احتمالها ماذا يعني لإنسانة مثلي تحب الطبيعة وتعشق الأرض والشجر أن تقف على أنقاض وطنها الذي تعبده وتشهد احتراق كل ما تحب، بصراحة قلبي احترق مع كل شجرة ومع كل دمعة لصاحب أرض محروقة شعوري باختصار فقدت وطني. أما بخصوص زيارتي فقد شعرت بأحزان الناس وكم واجبي إنساني للوقوف معهم ومواساتهم ومساعدتهم معنويًا وماديًا فهم إخوتي وأبناء بلدي وواجب مساعدتهم وهذا مايحقق سعادة روحية ونفسية.

أما عن انطباعي رأيت الحزن والفقد في عيونهم وفي دموعهم وحسرة كبيرة على ضياع تعب العمر والعتب على تقصير الحكومة وطريقة تعاطيها مع الكارثة.

وبرأيي كمجتمع علينا التضامن والتعاون مع بعضنا دون انتظار مساعدات ممسوخة من بلديات أو غيرها وإذا نجحنا بإقناع الناس على طريقة الرفيق علاء وهي مجدية جدًا فبإمكاننا خلق شيء مفيد. أما مدير مؤسسة الشهيد_فرع اللاذقية الأستاذ "أحمد قره فلاح"وهو أخ للشهيدين حسام وكرم، فقال: مارأيناه لباس أسود حزين ارتدته الغابة حزنًا على شجرها..طيورها.. كأم الشهيد التي فارقت ابنها. كان الحزن يلف أركان الغابة ولكن من قلب السواد يبزغ شعاع أبيض يعطينا الأمل بأن غاباتنا ستعود كما كانت ولو بعد حين، أما المنازل وأصحابها فكانت الغصة ترتسم على وجوههم رغم محاولات تغطيتها بابتسامة ومع الغصة وتنهيدات الحزن كان هناك إيمان مطلق بأن هذه مشيئة الخالق ونحن لمشيئته راضخين وكما ابتلانا الله بالمصيبة فنحن على يقين بأنه لن يتخلى عنا وسيكون لنا معين بدليل وجود الناس حولنا ومساعدتنا لتجاوز الأزمة التي نمر بها وتعويض جزء من خسائرنا.

وبدوره الشاب "علاء كفرقطاري" المتطوع الإنساني تواجد مع المجموعة الإنسانية والذي بذل مع فريقه مجهودًا في إخماد الحرائق وكان له فضل كبير بالوقوف لجانب الأهالي المضررين، فكان هدفه عمل الخير وجلب السعادة لهؤلاء الناس فثقافته تتجلى"في العطاء بلا مقابل" كما تحدث لنا عن الراحة النفسية عند مساعدة الأخرين ، بحيث يمنح الإنسان مالديه عن طيب خاطر من أجل تقليل معاناتهم.

_الناشطة الإنسانية وعضو منظمة الفرات للسلام السيدة "سهاد علي" قالت: سترجع الغابات بتضافر الجهود بين الحكومة والمؤسسات وبالتعاون مع المجتمع الأهلي بعيدًا كل البعد عن أي حالات فساد من تقصير أو إهمال أو عدم تنفيذ القرارات الصادرة عن الرئاسة كونها كانت الراعي الأول لهذه الكارثة، هذا وأوجه نداء لكل سوري شريف بتحكيم ضميره وتقديم واجبه من خلال موقعه ليكون باستطاعتنا التعويض وأن ترجع سوريانا مثلما كانت وأجمل.

رئيسة المجموعة التطوعية معًا يدًا بيد التابعة لمؤسسة الشهيد فرع اللاذقية السيدة "يمن عبود" التي حدّثتنا عما شاهدته: منظر الغابات محروقة وروائح الدخان مازالت تعبق بالمكان مؤثر جدًّا ويعتصر القلب وجع، لكن مارأيته من طيبة الناس يجعلك تنسى حزن الحريق لأنهم يملكون الطيبة والعفوية والعطاء وستعود الغابات خضراء من جديد وتأثرت كثيرًا بالمرأة العظيمة التي استقبلتنا بالأرز والتي قالت "طالما أولادي بخير الكل بخير كل شي بيرجع متل الأول"، فهذا الكلام ذو مدلول كبير وقيمة إنسانية.

ورغم منظر الأرض المحزن التي خلفتها الحرائق كانت رفقتنا جميله وفيها الأمل المبشر لكل ماهو خير قادم للأيام. وعلينا أن نمشي تحت هذا الشعار للوصول لنتائج أفضل "معًا يدًا بيد نصنع المستحيل".

قلوب جمعها الوفاء والطيبة ولم يتبقى حولهم سوى رماد وجمر من نار كانت الدنيا حولهم كجهنم ومنظر الأرض جعل في قلوبهم رماد إلا أن طيبتهم حولت المكان لجنة ننظر فيها من خلال أعينهم كالجدة التسعينية التي صمدت بوجود أبناءها وأحفادها ومن يديها سينبت الغصن الأخضر.

وذاك الجريح البطل الذي بقي راسخًا يحمي أسرته ووطنه فهو كان ومازال فداء له وأطفأ نيران الغدر ببسالة وطهارة.

والعم الذي بقي بعزيمته وإصراره وعاد لمنزله دون الاعتماد على أحد ليعود للحياة الطبيعية من جديد"العم أبو نورس".

صمودكم هو صمود السوريين، وقلوبكم هو منارة للجميع، ومصابكم هو مصابنا. عيون الأهالي تكلمت تاريخ ودمعتهم ترجمت إحساس بالرغم من وجعهم المبكي، وبارك الله لكل مساهم في نشر الخير فبين حرقة شجر وغصة قلب يخلق الله من يتحلى بالإنسانية بالقول والفعل.