تعرف على دور الإعلام في حماية الوطن من الشائعات
عرفت الشائعات في الوسط البشري منذ اول التاريخ ولم تفتأ تتطور وتتبلور حسب العصر الذي روجت فيه ، الى ان وصلت الى ذروتها مع احتدام الصراع في الحربين العالميتين الاولى والثانية، فأصبحت الشائعات علما قائما بذاته يتم تدريسه في الكليات .
أوضحت الدكتورة مريم هاشم البدري ، أخصائي علوم نفسية وتربوية والتخصص الدقيق في علم نفس النمو طفولة ومراهقة ، أن الوظيفة الاهم للأعلام هي الحفاظ على الامن المجتمعي من التفتت والتبعثر ، سواء كان ذلك عبر الشائعات او الدعايات المخلة والمنافية للأمن والنظام العام
وأردفت الدكتورة مريم ، كان الفضل لعلماء النفس والاجتماع والاعلام في وضع الاطر العلمية المشكلة لهذا العلم ، ولكننا اليوم في زمن السرعة والانترنت نتعرض يوميا لكم هائل من المعلومات والاخبار، التي اغلبنا لا يتفقد صحة مصدرها ولا يكلف نفسه عناء ذلك ، فيمكن القول اننا في خضم بحر لجي يصعب الخروج منه ، خاصة ان المسلمين والعرب هم اللاعب الاضعف في الميدان ، بل ان كثيرا من اساليب الحرب النفسية تستخدم عليهم حصراً من قبل القوى العظمى .
وتابعت ، الشائعات مصدرها غالباً ما يكون خارج حدود الوطن ، والبعض الاخر قد يأتي من الداخل وهدفها الدائم هو زعزعة الثقة بين ابناء الوطن وبث روح التفرقة والخلاف عبر تقليب بعضهم على بعض بشتى الوسائل من خلال نشر الفتن وتفكيك وحدة المجتمع ، بحيث يصبح ممزقاً وشعباً تضعف معنوياته ، فلا مانع من تقليب الفقراء على الاغنياء ، او الشباب على كبار السن او العاملين على اصحاب الاعمال وهكذا.
وأضافت أخصائي العلوم التربوية ، أن الشائعات في معظمها تأتي عبر الترويج لأخبار مختلفة لا اساس لها من الصحة ولا شك أنها احد اساليب الدعاية السوداء والحرب النفسية التي برع هتلر في استخدامها بشكل كبير حيث يرى أنه كلما كانت الكذبة كبيرة ،كان الناس اقرب الى تصديقها وكلما كانت كلماتها محدودة ومتناسقة ، امكن حفظها وتذكرها وترديدها بسهولة ،وقد تعتمد على جزء من الحقيقة يضاف اليها العديد من الاكاذيب ،ووزير دعايته جوبلز الذي قال (أكذب ثم أكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس) ، طبيعة العملية الاتصالية الحالية والادوات المستخدمة ،مثل وسائل التواصل الاجتماعي "كالفيس بوك" و"تويتر" "واتساب" جعلت التواصل بين افراد المجتمع اسهل واسرع لكنها في الوقت ذاته امطرتنا بمضامين لا يمكن معرفة مصادرها بشكل يقيني كما ان التأكد من مصداقيتها اصبح محل شك كبير .
وأوصت الدكتورة مريم ، بوضع استراتيجيات وخطط استباقية جاهزة ومعدة قادرة على التعامل مع الشائعات والقضاء عليها في مهدها ، فالشائعة لا تعتمد على نقل الاخبار المغلوطة فقط ولكن التعليق على الاخبار الصحيحة ، والتعليق بشكل يجافي الحقيقة ايضا، وهو شكل من اشكال نشر الاكاذيب ، وهو ما يسمى بتلوين الخبر الذي لا يستطيع أن يدركه عامة الناس ، كما ان التنافس الشديد بين وسائل الاعلام ، ورغبة كل وسيلة في الحصول على السبق الاعلامي ، جعلاها تتنازل عن عنصر مهم من عناصر الخبر وهو المصداقية ، وهنا تصبح الوسيلة ذاتها عاملاً من عوامل نشر الشائعات، وقد يهون البعض من ذلك اعتماداً على اتاحة حق الرد والتصحيح، وان تتحمل مسؤوليتها الاجتماعية في جعل التحري عن صحة ما ينشر أهم من السبق في النشر أو الاذاعة.
وأكملت ، لمواجهة الشائعات
اتاحة المعلومة الصحيحة ،لان غياب المعلومة يهيئ البيئة الخصبة لانتشار الشائعة ، لذا فان اتاحة المعلومة تقطع عليها الطريق ، كما يجب على وسائل الاعلام الا تعمل بسياسة رد الفعل ، لتظل تلهث وراء ما يتم نشره وتصحيحه ، عبر ما يسمى بسياسة اطفاء الحرائق ، زاد من اهمية الحاجة لدراسة الشائعة الغموض الذي اكتنف عالم ما بعد الحرب الباردة والفوضى العالمية التي شملت العالم بأسره فيما يتعلق ترتيب اوضاع العالم الجديدة وخلق اجواء مناسبة لأطلاق الشائعات المرتبطة بهذه الفوضى ، وجعل للشائعات الحديثة طابعاً جديداً معتمداً على الطروحات المستقبلية التي لا يمكن الحكم على صدقها الا بانتظار ما سياتي به المستقبل ،
والشائعة في العادة نوعية ولها موضوع ، فقد تتناول الشائعة الجوانب الشخصية للفرد او للجماعة ، وقد تتناول فئات محددة من المجتمع بل تتسع لتشمل المجتمع العالمي بأسره ومن ناحية الموضوع تتناول الشائعة جوانب اقتصادية او اجتماعية او سياسية او عسكرية او ثقافية او دينية ، تعد احد اهم الجوانب المهمة لانتشار الشائعة فالدوافع النفسية لدى الناس تسهم الى حد كبير في هذا الانتشار فالانسان بطبيعته النفسية ونوازعه وعقده يميل الى تصديق الشائعات حتى لو ادرك بعقله ان جزء من تلك المقولة غير حقيقي اذ ان عواطفه ونوازعه تتحكم في درجة ميله الى تصديق الشائعة ، والانحياز العاطفي لها، كذلك يساعد عامل الاسقاط النفسي في تصديق الشائعة وذلك عندما تنعكس الحالة الانفعالية للشخص ، دون وعي منه في تأويل للبيئة المحيطة كما انه ليس لديه الوقت لمراجعة ما يسمعه او يقرأه وحرصه على معايير الصدق ويصعب عليه من ناحية اخرى اثبات كذب الشائعة اضافة الى عادة حب الاستطلاع التي تجعل الكثير من الناس يميلون الى تقصي الافكار واستغلال المعلومات والاستمتاع الى المقولات والروايات التي تمس المشاهير في المجتمع او التي تتعلق بالأمور الغامضة او الاحداث التي يصعب عليه تفسيرها ، وهذه الدوافع عامة لدى البشر جميعا، وهو ما يفسر وجود الشائعات وانتشارها في جميع المجتمعات على السواء قديما وحديثا، والمتطورة منها والمتخلفة دون استثناء.
الديار | إتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص تفتح الطريق للتنقيب عن الغاز والبترول