جريدة الديار
الثلاثاء 15 يوليو 2025 11:16 مـ 20 محرّم 1447 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
انتشال جثة غريق ترعة المحمودية ونقلها إلى ثلاجة المستشفى الأجهزة الأمنية تضبط متهمين بقتل سائق توكتوك في كفر الدوار طالب يبلغ من العمر 16 عامًا يُنهي حياته شنقًا في البحيرة ”القومي لذوي الإعاقة” وهيئة إنقاذ الطفولة يُطلقان حملة ”جيل الأمل” بعد دمج الأطفال ذوي الإعاقة فيها وزيرة البيئة تشارك في النسخة الرابعة من منتدى مصر للتعدين وزيرة البيئة تتلقى تكريمًا من مُبادرة ”أنتِى الأهم” تقديرًا لدورها الرائد في دعم قضايا البيئة و تمكين المرأة وزير العمل يستقبل وفدًا من شركة ”تيتان تو هولدينج” الروسية العاملة في مشروع الضبعة النووية” حملة مكبرة على مخابز المنتزة شرق الإسكندرية نائب محافظ الدقهلية يعقد اجتماعا لمناقشة واستعراض تنفيذ المبادرة الرئاسية زراعة 100 مليون شجرة رئيس مجلس الوزراء يبحث كيفية استغلال قصر القطن بالإسكندرية البنك الأهلي يطلق ”حملة الصيف 2025” الليلة.. ختام مهرجان قسم المسرح الدولي بالإسكندرية

”بقايا عيد” قصة قصيرة بقلم تغريد النجار

تغريد النجار
تغريد النجار

تذكرت أن قهوتي سريعة التحضير قد نفدت، وكان علي أن أغير مساري لأدخل الشارع الثاني على اليسار، وأذهب إلى السوبر ماركت الوحيد الذي به هذا النوع من القهوة. حين انحرفت يسارَا، ووطئت قدماي أول الشارع، شاهدتُ الزينات والفوانيس ذات الألوان الجميلة التى عُلقت لاستقبال شهر رمضان الذي يدق الأبواب، وملأت أنفي رائحته من كل جانب، ولاحت على وجهي ابتسامة واسعة، وأنا أستعيد أجمل ذكريات الطفولة والشباب في هذا الشارع بالتحديد.

فعلى بعد خطوات، هناك محل متواضع للبقالة، كئيب بعض الشيء، طوال العام، إلا قبل رمضان بأيام قليلة، وحتي أخر أيام العيد؛ حيث يتحول المكان إلي أكثر الأماكن بهجة: يتزين، هو الآخر، بزينات رمضان، ويمتلئ بألعاب الأطفال النارية، وبكافة أنواع الحلوى والمسليات، ولا مانع من بعض العصائر المصنعة يدويا، أو بعض من أنواع المخلل، لزوم هذا الشهر.

لم يكن مصدر السعادة ما يحتويه هذا المحل من ألعاب وحلوى، أو أي شيء آخر، وإنما هذا الوجه الطفولي الباسم لابنة صاحب المكان، ذات الثلاثين ربيعا. ذلك الوجه المحبب لكل من يمر بها؛ تناغش هذا، وتداعب تلك، وتتفكه علي هذه. كانت محبوبة من الصغار والكبار، من الشباب والكهول.

وكنت أنا وبنات خالاتي من المحظوظات بصداقتها، منذ الطفولة. هى في نفس سن بنات الخالة، وأنا أكبرهن بعشر سنوات، لم يشأ حظها أن تنال قسطا من التعليم كبقية إخوتها من البنات والبنين، لذلك كانت هى القائمة بإدارة المكان منذ نعومة أظفارها.

وكان من طقوس رمضان أن نقضي معها وقتا، يطول أو يقصر، قبل أذان المغرب، وبعضَا من الوقت بعد صلاة التراويح. يتوافد أثناء وجودنا معها أصدقاء من من الجنسين، سواء العائدين من أعمالهم، أو من الجوامع التي تمتلئ دائما في الصلوات الخمس علي غير العادة، لنتجاذب أطراف الحديث والذكريات، ثم ينصرف كل منا إلى حال سبيله، تاركين ذات الوجه الباسم تمارس روتين يومها.

ومع آخر أيام رمضان، والانتهاء من طقوس النظافة المعتادة، كانت السهرة دائما عندها إلى حين موعد صلاة العيد وتكبيراته. وبمجرد الانتهاء من الصلاة، نعود ثانية إليها؛ فنتبادل التهاني مع المارين بدكانها الصغير، من الأصدقاء والأقارب والجيران، والاستمتاع بأغاني العيد المبهجة التي تبثها بواسطة سماعات، تضفي بهجة على المكان.

وعلى الرغم من انتقال بنات الخالة للإقامة خارج المنطقة، بعد زواجهن، إلا أن ذلك الطقس لم يتغير؛ ففي آخر أسبوع من رمضان من كل عام، تأتي الأختان بأولادهما، ويقيمون في بيت العائلة القديم حتى آخر أيام العيد. وكان شعارنا، أنا وابنتا خالتي وأبناؤهما وبناتهما، دائما، أنه لا عيد بدون رانيا، ومحل رانيا.

أفقت من شرودي على تحية قادمة من يميني؛ فانتبهت إلى أنني قد وصلت، بالفعل، إلي محل ذات الوجه الباسم. التفت لأرد تحيتها، ولكن الصوت والوجه لم يكونا لها، إنما لشقيقتها الكبرى، وأنا أتذكر، بين دموعي وألم يعصر قلبي، أن الموت قد غافلنا منذ خمس سنوات، وانتزع بسمتنا، ومصدر البهجة في أعيادنا، دون مقدمات. وكانت ابتسامتها هي آخر ما رأيناه قبل وفاتها بساعة واحدة.