جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 02:11 مـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

تعرف على أنواع الفتن التي تصيب القلب

أرشيفية
أرشيفية

القلب هو محل الاختبار والابتلاء ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة ، إذا صلحت صلح الجسد كله ) ولكن هل هناك قلوب اربعة ؟ وما هي الفتن التي قد تصيب القلوب ؟

في هذا الصدد تجيب الدكتورة صوفيا زادة ، دكتورة علم النفس وعلاقته بالقرآن والسنة ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( القلوب أربعه : قلب أجرد فيه فيه مثل السراج يزهر ، وقلب أغلف مربوط علي غلافه ، وقلب منكوس وقلب مصفح ، فأما القلب ألأجرد فقلب المؤمن سراجه فيه نوره ، وأما القلب الأغلف فقلب الكافر ، وأما القلب المنكوس فقلب المنافق ،عرف ثم أنكر ، وأما القلب الصفح فقلب فيه إيمان ونفاق ، فمثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدها الماء الطيب ، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها القيح والدم ، فأي المادتين غلب علي الأخري غلب عليه ( فقلب أجرد ) أي متجرد مما سوي الله ورسوله ، فقد تجرد سوي الحق ، ( وفيه سراج يزهر ) ، وهو مصباح الإيمان ، فأشار بتجرده إلي سلامته من شبهات الباطل ، وشهوات الغي ،بحصول السراج فيه إلي إشراقه واستنارته بنور العلم والإيمان

وأشار ( بالقلب الأغلف ) إلي قلب الكافر ؛ لأنه دخل في غلافه وغشائه ، فلا يصل إليه نور العلم والإيمان ، كما قال تعالي حاكياً عن اليهود : ( وقالوا قلوبنا غُلف ) جمع أغلف ، وهو في الداخل في غلافه ، وهذه الغشاوة هي الأكنه التي ضربها الله عز وجل ، علي قلوبهم عقوبة لهم علي رد الحق والتكبر عن قبوله فهي أكنه علي القلوب ، ووقر في الأسماع ، وعمي في الأبصار ، وهي من الحجاب المستور عن العيون : ( وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً ، وجعلنا علي قلوبهم أكنة ان يفقهوا ، وفي آذانهم وقراً ، وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا علي أدبارهم نفوراً ) فإذا ذكر لهذه القلوب تجريد التوحيد وتجرد المتابعة ، ولي أصحابه علي أدبارهم نفوراً

وأشار بالقلب المنكوس - وهو المكبوب - إلي قلب المنافق كما قال تعالي : ( فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا ) أي نكسهم وردهم في الباطل الذي كانوا فيه ، بسبب كسبهم وبسبب أعمالهم الباطلة ، وهو شر القلوب وأخبثها ، فإنه يعتقد أن الباطل حقاً ويوالي اصحابه ، والحق باطلاً ويعادي أهله (القلب الذي له مادتان ) إلي القلب الذي لم يتمكن فيه الإيمان ، ولم يظهر فيه سراجه ، حيث لم يتجرد للحق المحض الذي بعث الله به رسوله ، بل فيه مادة من خلافه ، فتارة يكون للإيمان أقرب منه للكفر ، والحكم الغالب وإليه يرجع

ومن هنا يتضح لنا ان مدار الأعمال علي القلب ، فهو القائد والجوارح جنوده يوجهها حيث يشاء أراد ، ولما علم عدو الله إبليس أن المدار علي القلب والاعتماد علي القلب ، والاعتماد عليه أجلب عليه بالوساواس، وأقبل بوجود الشهوات إليه ، وزين له من الأحوال والأعمال ما يصدره عن الطريق ، وأمده من أسباب الغي بما يقطعه عن أسباب التوفيق ،ونصب له من المصايد والحبائل ، فإن سلم من الوقوع فيها لم يسلم من أن يحصل له بها التعويق ، فلا نجاه من مصايده ، ومكايده إلا بدوام الاستعانه بالله تعالي ، والتعرض لاسباب مرضاته ، وإلتجاء القلب إليه ، وإقباله عليه في حركاته وسكناته ، والتحقق بذل العبودية الذي هو أولي ما تلبس به الإنسان ليحصل له الدخول في ضمان ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان )

وتابعت ، عن حذيفه بن اليمان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( تُعرض الفتن علي القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً ، فأي قلب أشربها نُكتت فيه نُكته سوداء ، وأي قلب أنكرها نُكتت فيه نُكته بيضاء حتي تصير علي قلبين ، قلب أبيض مثل الصفا ، فلا تضره فتنه ما دامت السموات والأرض ، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً ، لا يعرف معروفاً ، ولا ينكر منكراً ، إلا ما أشرب من هواه

وأشارت دكتورة علم النفس ، إلى ما شبهه ابن القيم رحمة الله عليه من عرض الفتن علي القلوب شيئاً فشيئاً ، كعرض عيدان الحصير ، وقد قسمت الي قسمين : قلب إذا عرضت عليه فتنه أشربها ، كما يشرب الإسفنج الماء فتنكت فيه نكته سوداء ، فلا يزال يشرب كل فتنه تعرض عليه حتي يسود وينتكس ، وهو معني قوله ( كالكوز مجخياً ) أي مكبوباً منكوساً ، فإذا أسود انتكس عرض له من هاتين الآفتين مرضان خطيران متراميان به إلي الهلاك ، أحدهما : اشتباه المعروف المنكر ، فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً ، وربما أستحكم عليه هذا المرض ، حتي يعتقد المعروف منكراً والمنكر معروفاً ، والسنه بدعه والبدعه سنة ، والحق باطل ، والباطل حقاً

والثاني : تحكيمه هواه علي ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، وانقياده للهوي واتباعه له
وقلب أبيض قد أشرق فيه نور الإيمان ، وأزهر فيه مصباحه ، فإذا عرضت عليه الفتنه أنكرها وردها ، فإزداد نوره وأشراقه وقوته

وأردفت زادة ، ومن أسباب مرض القلوب ، الفتن التي تعرض عليها ، وهي فتن الشهوات و فتن الشبهات ، فتن الغي والضلال ، و فتن المعاصي والبدع ، و فتن الظلم والجهل ، فالأولى توجب فساد القصد والإرادة ، والثانية توجب فساد العلم والأعتقاد.

لماذا شبّه الله الدّنيا بالماء..علماء يجيبون

وأوصت الدكتورة صوفيا ، يجب علي المسلم ان يراقب قلبه ، ويتعرف أحواله ويتخوله بالموعظة بين الحين والآخر ، وليعلم انه بصلاحه تكون السعادة الأبدية ، وبفساده يكون الشقاء والبلاء والخسران المبين ، وإنه كلما ازداد إيمان القلب ، وقوى يقينه ، زاد نوره الذي يميز به بين الحق والباطل والهدي والضلال ، وإشعار القلب إخلاص العمل ، ودوام اليقين ، فإذا أشرب القلب العبودية والإخلاص صار عند الله من المقربين وشمله استثناء ( إلا عبادك منهم المخلصين )

واختتمت الدكتورة زادة ، نقاء القلب وإخلاصه يرفع صاحبه درجات ، فقد روي ابن ماجه ، عن عبد الله بن عمرو قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي الناس أفضل ؟! قال : ( كل مؤمن مخموم القلب صدوق اللسان ) قالوا : صدوق اللسان نعرفه ، فما مخموم القلب ؟ قال : ( هو النقي التقي لا إثم فيه ولا غل ولا حسد ).