جريدة الديار
الخميس 28 مارس 2024 07:21 مـ 18 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

د.عمرو حلمي يكتب.. معركة العاشر من رمضان وأثرها في القضاء على الإرهاب

د.عمرو حلمي
د.عمرو حلمي

معركة العاشر من رمضان وأثرها في القضاء على الإرهاب رمضان هو شهر المجاهدة والجهاد, ففي رمضان مجاهدة النفس والشيطان بالصيام والقيام وتلاوة القرآن. وفي رمضان عُقِدَ لواءُ الجهادِ في سبيل الله فكانت الغزوات والفتوحات, و المعارك الكبرى التي سجلها التاريخ الإسلامي , فكانت غزوةُ بدرِ الكبرى في 17رمضان عام 2هـ , وكان فتحُ مكة في20رمضان عام 8هـ , وفي رمضان كذلك فتحُ بلاد النوبة والأندلس وعمورية. وأما مصر المحروسة حاضرة العروبة والإسلام فقد اصطفاها الله من بين بلاد العرب والمسلمين فعقد لها لواءُ الجهاد في سبيل الله, واختصها لتتولى قيادة الأمة العربية والإسلامية فكان لمصر حقَ الريادة والقيادة لتخوض أكبر المعارك الإسلامية في تاريخ الإسلام.

والنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي منح مصر وأهلها حق الريادة والقيادة للأمة الإسلامية من بعده, فهو الذي عقد لمصر لواء الجهاد في سبيل الله مبشراً إياها بالنصر المبين دائماً وأبداً, واصفاً المصريين بالعُدة والعَون والقوة , كما نعتهم بالطائفة المنصورة المرابطة في سبيل الله إلى يوم القيامة, كما جاءت بذلك الأحاديث النبوية الصحيحة والثابتة: فقد وصفت السنة النبوية أهل مصر بأنهم قوة للأمة الإسلامية.

يقول رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّكُمْ سَتَقْدَمُونَ عَلَى قَوْمٍ جَعْدٍ رُءُوسُهُمْ فَاسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا ; فَإِنَّهُمْ قُوَّةٌ لَكُمْ، وَإِبْلَاغٌ إِلَى عَدُوِّكُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ». يَعْنِي «قِبْطَ مِصْرَ», كما وصفت السنة النبوية أهل مصر بأنهم عدة وأعوان في سبيل الله, فلقد أوصى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عند وفاته قائلاً:«اللَّهَ اللَّهَ فِي قِبْطِ مِصْرَ، فَإِنَّكُمْ سَتَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُونَ لَكُمْ عُدَّةً وَأَعْوَانًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ », كما وصفت السنة النبوية مصر المحروسة بأهل الغرب ونعتتهم بالطائفة المنصورة المرابطة في سبيل الله إلى يوم القيامة.

يقول رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم:«لَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ». ولقد بين ابن الأثير معنى أهل الغرب في هذا الحديث: قائلاً: قيل: «أرادَ بهم أهْل الشَّام لأنهم غَرْب الحِجاز».

وقيل : «أرادَ بالغَرْب الحِدّةَ والشوَّكَة. يُريد أهْل الجِهَاد». وقال ابن المَدِيني :«الغَرْب هاهنا الدَّلْوُ وأرَادَ بهم العَرَب لأنَّهم أصْحابها وهُمْ يَسْتَقُون بها». فإذا ما تأملنا في هذا الكلام الذي ذكره ابن الأثير, وابن المديني, أيقنا تماماً أن المراد بـأهل الغرب في الحديث هم أهل مصر, وهذا هو المعنى المناسب يؤيده التاريخ والواقع, فإذا كان المراد بالغرب: الحِدّةَ والشوَّكَة يُريد أهْل الجِهَاد, كما قال ابن الأثير. فأهل مصر هم أهل الجهاد, لأنهم جاهدواْ الصليبيين والتتار والصهاينة والخوارج المعاصرين.

وإذا كان المراد بالغرب: الدَّلْوُ كما قال عليِّ بن المديني وعنى بهم العرب. فأهل مصر أولى بهذا الوصف من العرب, لأن في مصر دلو عظيمة ألا وهي نهر النيل الذي يروي مصر والعرب والعجم. والقرآن الكريم يؤكد هذا المعنى ويؤيده, قال تعالى:{وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ}[القصص(44)]فالجانب الغربي : يعني غربي جبل الطور, فجبل الطور يقع في الجهة الغربية للمدينة النبوية, وهو أفضل بقاع الدنيا التي تجلى لها رب العالمين, وبهذا تميزت مصر على سائر البقاع.

ومما يؤيد هذا المعنى ويؤكده أيضاً, كلام ابن تيمية, والسيوطي. قال ابن تيمية : «أَما الطَّائفَةُ بالشامِ ومصر ونحوِهما فَهم فِي هذَا الوقت المقاتلون عن دين الْإسلامِ».

قال السيوطي: «فهذه منقبة لمصر في صدر الملة واستمرت قليلة الفتن معافاة طول الملة لم يعترها ما اعترى غيرها من الأقطار وما زالت معدن العلم والدين ثم صارت في آخر الأمر دار الخلافة ومحط الرحال ولا بلد الآن في سائر الأقطار بعد مكة والمدينة يظهر فيها من شعائر الدين ما هو ظاهر في مصر».

ولقد جعل الله مصر حصن الأمة الحصين والملاذ الآمن للناس في كل وقت وحين وخصوصا في زمن الفتن, كما قدَّر الله لمصر أن تتولى زعامة الأمة كلها فألقى على كاهلها تحمل مسؤولية الجهاد في سبيل الله, فعقد لها اللواء لتخوض أكبر المعارك وأكثرها ضراوة في التاريخ, فمصر هي التي جاهدت الصليبين في حطين, والمنصورة, وأنطاكية وكان ذلك في رمضان. كما جاهدت التتار في موقعتي بَيْسَان وعين جَالوت وكان ذلك أيضاً في رمضان.

ثم تأتي معركة العاشر من رمضان لتتوج بها المعارك الكبرى في تاريخ الإسلام, والتي تعد أول معركة عربية إسلامية تخوضها مصر الأبية في التاريخ الحديث والمعاصر لتنتصر فيها نصراً مؤزراً على الصهيونية العالمية وتلقنها درساً قاسياً لم ولن تنساه أبد الدهر. ومازالت معركة العاشر من رمضان قائمة لم تنهي بعد فهي باقية متأصلة في قلوبنا فهي مصدر قوتنا نستمد منها القوة والإصرار والعزيمة الصادقة في مواجهة الإرهاب الغادر في سيناء.

فنحن نقاتل الإرهاب بروح العاشر من رمضان تباركنا تباشير بدر الكبرى وحطين وعين جالوت بسيف صلاح الدين وحكمة قطز وحسبنا بشارة نبينا صلى الله عليه وسلم على لسان عليّ بن أبي طالب.

فيما رواه مسلم في «صحيحه» : عن زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ الْجُهَنِيُّ، أَنَّهُ كَانَ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، الَّذِينَ سَارُوا إِلَى الْخَوَارِجِ ، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءٍ ، وَلَا صَلَاتُكُمْ إِلَى صَلَاتِهِمْ بِشَيْءٍ ، وَلَا صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ بِشَيْءٍ ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ، لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ»، لَوْ يَعْلَمُ الْجَيْشُ الَّذِينَ يُصِيبُونَهُمْ، مَا قُضِيَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَاتَّكَلُوا عَنِ الْعَمَلِ» فكان عليَّ بن أبي طالب أول من قاتل الخوارج في هذه الأمة فنصره الله عليهم, ثم قتلته الخوارج وهو يصلي ومضى شهيداً إلى ربه, وكان ذلك في 17رمضان عام 40هـ / الموافق 25 يناير عام 660م .

وهذه مصر الأبية التي منحها خير البرية صلى الله عليه وسلم حق الريادة والقيادة للأمة الإسلامية من بعده, فعقد لجيشها العظيم لواء الجهاد في سبيل الله مبشراً إياها بالنصر المبين دائماً وأبداً, فاليوم جيش مصر العظيم يقاتل الخوارج ليحظى بالبشارة النبوية , فهنيئاً لشهدائنا بالفردوس الأعلى من الجنة. حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه وسوء, وبارك جيشها العظيم أعظم جيوش الدنيا مطلقا.