جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 03:48 مـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

كيف يكون العمل من أجل الآخرة ؟؟

جيهان عجلان
جيهان عجلان

عزيزي القارئ إن الفوز بالآخرة هو جزاء المتقين ، وحتى تنال هذه الجائزة لابد لك من العمل من أجل الآخرة ، ولكن كيف يكون هذا العمل ؟ وهل له شكل ووصف مختلف عن سائر الأعمال التي يتكلف بها الإنسان في هذه الدنيا ، من يتدبر أحكام الدين ومنهجه يتعرف على كيفية هذا العمل الذي به يفوز بالآخرة، فهو لا يقتصر على جانب واحد من أركان الدين ومنهجه ؛لأنه لو كان بهذه الكيفية لأصابه العرج وعدم الثبات ،فالأركان أساس ثبات هذه الدنيا شرَّعها الله لتَّتكأ عليها وفقا لمنهجه الإلهي ،وإذا سقط ركن منها لفُقِدت الغاية من هذا الوجود ألا وهى
" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات

أي لعبادة الله وتوحيده واتباع منهجه وأوامره ،ولهذا فإن الصلاة وحدها ليست هى السبيل لعمل الآخرة ، كما أن الصيام وحده لا يستطيع أن يصل بصاحبه للفوز بالآخرة ، ويقاس على ذلك الزكاة وحدها والحج وحده وشهادة التوحيد ، فكل هذه الأركان التكليفية مجتمعة هي سبيل لعمل الآخرة ،ومعهم جميعا يأتي السعي في الأرض الذي هو العمل من أجل الآخرة ، إن عملك وسعيك في الدنيا من أجل البقاء بما أمرك الله بالسعي الحلال الذي لا حرام فيه ولو ذرة واحدة يعد جهاد في سبيل الله ،فمن يسعى على رزقه ورزق أولادها هو جهاد ، وحركة الحياة تستوجب على الإنسان العمل من أجل توفير احتياجاته سواء لنفسه أي لذاته ،أو لغيره بمنهج الله وإعطاؤه لحق الله من سعيه للفقير والمحتاج والضعيف الذي لا يستطيع الكسب لعلة ،والصغير الذي يحتاج لمن يعوله ،ولهذا كانت الزكاة مكمل من مكملات الأركان، فلا ركن يعمل دون الأخر ، فأنت مسلم بشهادة توحيدك لله ، وتصديقك بأن محمد صل الله عليه وسلم خاتم الأنبياء ، وبصلاتك وأداء زكاتك وصومك وحجك ، وعملك بالدنيا من حيث شتى معاملاتك مع من حولك من البشر، حتى الحيوانات الضعيفة التي خلقها الله عز وجل ؛لأن دين الإسلام هو خاتم الأديان ، وإن مِن أهم خصائصه أنه ينظم الحياة كلها بمنهج واحد متحد لا اختلاف في سواعده فيقوم على اكتمال الأركان متحدة ، فالإسلام دين الدنيا والآخرة

" وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ " (96) الأعراف
عزيزي القارئ قد ربط الله تعالى الإخلاص له في العبادة وتقواه بالعطاء الجزيل منه لعباده بالأيمان والتقوى والعمل الصالح والسعي ، الذي به يفتح الله عليك بركات من السماء ،و لقد تكفل الله تعالى لمن آمن به وعمل صالحاً وجاهد في سبيله وسار إليه وسعى له أن يزيده من فضله ويبارك له في عمله ويجزيه خير الجزاء لقوله

تعالى "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) الزلزلة

" مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160) الأنعام

أي من عمل في الدنيا وزن ذرة من خير يرى ثوابه خيرا

" وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا (19) الإسراء

من أراد الآخرة أي الدار الآخرة .وسعى لها سعيها أي عمل لها عملها من الطاعات .وهو مؤمن لأن الطاعات لا تقبل إلا من مؤمن .فأولئك كان سعيهم مشكورا أي مقبولا غير مردود . وقيل : مضاعفا أي تضاعف لهم الحسنات إلى عشر ، وإلى سبعين وإلى سبعمائة ضعف ، وإلى أضعاف كثيرة ، فمن أراد الجنَّة وسعى لها سعيها، فأولئك كان سعيهم مشكورًا، وسيلقون جزاءهم عند من لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، وسيضاعف تبارك وتعالى أعمالهم، فالحسنة بعشر أمثالها،

وروي عن أبي هريرة وقد قيل له : أسمعت رسول الله – صل الله عليه وسلم - يقول : إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألف ألف حسنة ؟ فقال سمعته يقول : إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألفي ألف حسنة .

عزيزي القارئ إن عمل أهل الآخرة مضمون النتائج مع الله وتجارتهم مع الله رابحة، فليفرح أهل الآخرة بعملهم وتجارتهم مع الله .

" مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ (20) الشورى

من كان يريد بعمله الآخرة نـزد له في حرثه أي نـزد له في عمله الحسن، فنجعل له بالواحدة عشرا إلى ما شاء ربنا من الزيادة ومن كان يريد بعمله الدنيا ولها يسعى لا للآخرة نؤته منها ما قسمنا له منها.

أعزائي إن التجارة مع الله رابحة فلتعمل للآخرة ، فهناك الحياة الحقيقية والفوز العظيم .