جريدة الديار
الخميس 28 مارس 2024 04:01 مـ 18 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

محمد خليفة يكتب : أسعارالكعك نار..و مصر لا يضام فيها لص!!

الكاتب الصحفى محمد خليفة
الكاتب الصحفى محمد خليفة

أسعار كعك العيد أصبحت حديث كل بيت في مصر، والمحروم أكثر من المكروم ، فالكل يطمع في كعكة.. فقير، ومتوسط الحال، وحتى الغنى، الكل نفسه في "حتّة" ، من يطول الكعكة؟

بدايةً دار حوار نقاشي مع الصديق الكاتب الصحفي المعروف إسلام الشافعي، وكانت حالة الإستغراب ممن نشاهده فى الأسواق من زيادات غير مبررة في أسعار الكعك والبسكويت ومنتجات حلوي عيد الفطر، التي تدخل الفرحة والسعادة في كل بيت مصري بهذه المناسبة الطيبة التي نعيشها مع إقتراب العيد.

وبينما نتحدث، شعرت بعلامات وجهة المكفهر، وغضبت مما شاهدت، بل غَضِب الناس الذين يتمنونَ لمس الكعكة أو حتي شمَّها، أو الوقوف أمام "فترينات "العرض للمشاهدة فقط .. فقلت لإسلام: تري من يشتري الكعك في ظل الغلاء الذي يحرق جيوب الشقيانين؟ فكانت إجابته مختصرة لدرجة أنني أخترتها ضمن كلمات عنوان مقالي بعد إستئذانه، قال:أنت في مصر التي لا يضامٌ فيها لص!!

الحقيقة أن الجملة صدمتني، فبَحثتٌ في معناها وفحوآها عبر وسائل البحث، فكلمة يضام هي من "الضيم" وهو كالقهر والإضطهاد، والرجل المَضِيم هوالمظلوم، وهنا لنا وقفة مع بعض أصحاب شركات صناعة الحلوي في مصرنا المحروسة، فالجملة التي ساقها صديقي تحمل إتهامات بالجشع وتحقيق مكاسب مالية كبيرة علي حساب الشعب، وحين تبّحرت في معني الكلام الذي تئن منهٌ الأوساط الإجتماعية على أرض المحروسة وجدت ما لا عين قرأت، ولا أٌذنٌ سمعت، فهؤلاء رجال الأعمال سواء كانوا من الفنانين أصحاب محال الحلوى، أو من أصحاب الياقات البيضاء، أقول لهم :فبملِكَكَ الذي لا يضام، أي لا يستطيع أحداً أن يزيل مٌلكهِ أو يقهرهٌ، سيأتي عليك يوم يشهده العباد بعد أن يريهم الله فيك يوماً مذلولاً أو مسجوناً.

وخلال الحوارمع "الشَافِعي" فوجئت بواحدة ست"بترقع بالصوت الحيّاني" رقعتها لمّت علينا الحي كله، وكان وجهها بنفسجي بلون الدم الباهت، إضطررت لكتم صوتها بفوطة صفرا .."خير يا بنتي فيه إيه" إلحقني يا بابا علبة الكعك عند المحل الفلاني بتتباع ب4350 جنيه، هو ده "كرنفال" أسعار ولاّ آيه!! "الولية" كانت منهارة من جنان الجشع بتاع اليومين دول ،هدّأت من ثورتها ،وأنا عارف علاج حالتها لمّا تهيج ثورتها ..تجيب لها أكلة فسيخ معتبرة من عند الزميل الصحفي هشام الهلوتي مع شوية بصل أخضر ،وخس ،وخيارومعهم مستلزمات التجهيز من طحينة وخل وليمون وبهارات.

وأخير هدأت إبنتي الكاتبة الصحفية والأديبة ليندا سليم بعد أكلة فيسخ "الهلوتي" وبدأت تناقشني حول إرتفاع أسعار الكعك والبسكويت بمناسبة إقتراب عيد الفطر المبارك أعاده الله علي المصريين والأمة العربية باليمن والبركات، فقالت يا تري ها أعمل إيه : شكلها ها أقضيها "فايش صعيدي" ونسقيّه في الشاي، فقد إستفزتني الأسعار التي تعرضها محال الحلويات الشهيرة في مصر يا بابا ، قلت لها آيه اللي بيوديكي عند المحلات دي يا ليندا يا بنتي ؟ يعني مش مكفيكم فروع جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، ومنافذ آمان التابعة لوزارة الداخلية ، وفروع شركات الجملة التابعة لقطاع الأعمال، المنافد دي وطنية وفروعها موجودة في كل مكان غير بقي المنافذ المتحركة وأسعارها إية.. فللي كدا، وفي متناول الجميع، مالكم يا بنتي بمحلات أولاد الذوات دول، وقلت لها :أنتِ مش عارفه مين اللي بيدخل يشتري من عندهم ؟ ومين هم أصحاب المحلات دي ؟ طيب يا بنتي ها أقول علي معلومة، عارفه يا ليندا: المحل اللي بيبيع علبة الكعك ب4350 جنيه اللي عامل كرنفال ده مين صاحبة ..يا بنتي صاحبة مطرب شهير كان ينافس الفنان عبدالحليم حافظ وقت زمن الفن الجميل بس فشل طبعاً ومعرفش ينافس العندليب، وبعد ما عرفتي مين صاحبة اللي ساكن علي النيل في منيل الروضه عايزآه يبيع رخيص للغلابة أو حتي متوسطي الدخل يعني للطبقة المعقولة ،إللي هيا مش فقيرة دٌقة ولا غنية "واو".

وتطرق الحوار بين أطراف أخري شاركت فيه داليا صلاح، وهي سيدة مصرية تئن من لهيب الأسعار، فقالت " الغلابة ليهم ربنا" حسبنا الله ونعم الوكيل، وإنتقدت الإعلانات المستفزة حول أجهزة المحمول وشركات خدمتها ، وأنتفضت عندما علمت بوجود كرنفال في الأسعار أحرق جيوب الغلابة، وبات من المستحيل الإقتراب من هذا الكرنفال، فقد وصلت أسعار الكعك للعلبة الواحدة مبالغ فلكية لا يقدر عليها معظم أبناء الشعب!!، الغريب أنّ معروضات هذه المحال منتشرة بحي مصر الجديدة، ومدينة الشيخ زايد، والمهندسين والدقي ، وداخل الدائرة الجمركية بمطار القاهرة والهرم ،والكثير من الأحياء داخل العاصمة، يعني الفنان المشهور صاحب الإبتسامة المشهورة لا يهمه تصنيع منتجاته لكل الطبقات الغني والفقير، فالكرنفال المعمول حالياً للحلويات يقوم فيه ببيع صينية الكنافة بالمانجة ب570 جنيه ، وقطعة الجاتوه ب56 جنيه فتدخلت ليندا بنتي وقالت : أكلة فسيخ بالبصل والطحينة والليمون أرخص من الهم ده،وكمان نِحلِّي "بالفايش" الصعيدي مع كوباية شاي صعيدي معتبرة،بلاها السنة دي كعك ، قلت لها ،وماله يا بنتي ! طيب آيه رأيك تجربي تشتري من فروع منافذالخدمة الوطنية للقوات المسلحة التي تبيع الكعك والبسكويت بأسعار أقل من هذه المحال بنسبة كبيرة جداً ، ونصحتها بالشراء من هذه المنافذ أو من فروع منافذ وزارة الداخلية التي تنافس الجيش منافسة شريفة في بيع منتجاتها الغذائية بجميع الأحياء سواء كانت هذه المنافذ متنقلة أو ثابتة.

قالت: "يا خويا ومالو نجرب"،أمّا المبدع إسلام الشافعي فقد تكهربت حياته فأنتفض غاضباً وقال: رداً علي سؤال لي حول ماهية هذه المحال ومن أصحابها ؟وهل يسددون ما عليهم من ضرائب للدولة ؟ فقال :هذه المحال تقدم إقرارات ضرائبية يذكرون فيها خسارتهم ومصروفاتهم الكبيرة، ويتم إعتماد الضرائب لهذه الإقرارات برغم مكاسبهم الباهظة خاصة في شهر رمضان المبارك وحلول عيد الفطر، وذكر لي وصفاُ لم أسمعه من قبل ، قال: أنت في مصر التي لا يضام فيها لص!! قلت: له هل أصبح هؤلاء اللصوص ممنوع الإقتراب والتصوير منهم ؟