جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 12:28 مـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الشيخ أحمد تركي يكتب عن نفق الحرية

▪️نفق الحرية 

▪️عرض وتقديم الشيخ أحمد على تركى

▪️ مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف

بعد حصار مدينة تستر الفارسية عام ونصف دون نتيجة دخل سيدنا مجزأة بن ثور الى داخل الحصن من خلال نفق به ماء ومظلم وبه صخور واسماك سامة وأخرى مفترسة وتارة يغطس تحت الماء وتارة في مكان ضيق يكاد يعصر جسده وتارة يزحف وتارة يمشي حتى دخل الحصن ورسم خريطة داخلية يسرت الفتح لاحقا.
ثم رجع الى معسكرنا ثم دخل النفق ب 300 بطل ؛ استشهد منهم 220 ابتلعهم النفق ومر 80 فقط فتحوا الأبواب لجيشنا وانتصرنا بفضل الله ثم بالاقتداء بهؤلاء العظماء. 

نحن تاريخ في اقتحام الانفاق الصعبة ، والغوص تحت الماء ولو كان هناك طيران في هذا الوقت لطار المسلمون.

أبشروا دوما وبشروا ، واحذروا الاغتيال المعنوي ، ومشاريع التيئيس ، وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان..
 
احذروا كل هذا وتذكروا يوم نفق الحرية الذي سيسجَّل في التاريخ كانتصار للإرادة المسلمة ، كما تسجل هذه الواقعة كفشل كبير كبير جدا لإدارة مصلحة السجون واستخباراتها  ...

دوما اجتهد في بث الأمل في نفسك ومن حولك ، وكلما حاولوا إضعاف عزيمتك تذكر قول الإمام ابن القيَّم :
لو همَّ أحدكم بإزالة جبل وهو واثق بالله لأزاله..
قالها وَعد ، والوَعدُ حقّ [ إِنِّي قَرِيبٌ .. أُجيب].
فإنه من باطن الأرض أشرقت شمس الإرادة ...

تذكر أنه مهما بلغت قواهم وعظمتهم ، فإن للكون إلها عزيزا جبارا قويا متينا ؛ فبعد أيّـام قليلة من نصر الله لإخواننا في غزة ، يأتي ظهور طالبان الأفغان ، ثم  تـأتي واقعة ”الهروب الكبيــر” من سجن الاحتلال في فلسطين ..

وكأنّهـا إشـارات ربّـانيّـة تتوالى لتُذكّرنـا بأنّ من يَنصُـر الله فلا غـالب له وبأنّ أعداء اللّه أَوهَن من بيت العنكبـوت وبأنّ نصر اللّه قريـب وبأنّ حزب الله همُ الغالبون طال الزّمن أم قصُـر .

يامن تتوق نفسك للنصر أبشر سيعلنها الله لك وأمثالك من فوق سبع سموات ، حينها ستعلم بأن موعد فرحة الذين نصروا الدين قد حان ، ولو كره الكافرون وأذنابهم من المجرمين.

المهم ألا تقضي وقتك تبكي على اللبن المسكوب ، فلا تنكسر، ولا تستسلم، بل خذ بالأسباب،  وكن لبنة في طريق نصر الأمة،  وأن هذا السجين الذي سجون من ربع قرن" لم يكتب مذكرات سجين، وإنما حفر في أذهاننا وقلوبنا معني أن تكون ذا روح ترفض الرضوخ للعدو، وتبعث برسالة لك أيها المسلم بأن تحاول دائماً في أن تخرج من سجنك الخاص بقليل من الحفر في باطن الظروف الوهمية التي صنعها لك الآخرون لكي تظل حبيساً داخل وهم السيطرة وقلة الحيلة وأنه ليس في الإمكان أفضل مما كان!

النصر مع الصبر يمكن أن نطلق على هذا النفق نفق الأخذ بالأسباب ؛ لأنه لا يمكن أن يتوقع أي أحد أن هذا الانتصار كان صدفة مثلا ...

ومن يفكر بالطريقة المذكورة سلفا هو ساذج بلا شك ، فهؤلاء الأسرى اعتقلوا في أزهى سنوات عمرهم في ١٩ ، و ال ٢٠ ، وقضوا أكثر حياتهم خلف السجون ، بعد أن حكم عليهم المحتل بالسجن مدى الحياة ..

خاضوا معارك نفسية وجسدية ضد هؤلاء ، بدءا من معركة الأسرى المعروفة ب "الأمعاء الخاوية  ثم بالأخذ بالأسباب ...

تخيل أن زكريا الزبيدي (صاحب الفكرة ، وقائد هؤلاء الأسرى ) عنده ٤٦ سنة ، والخمسة اللي نفذوا العملية معه تتراوح أعمارهم بين ٣٣ سنة ، و ٤٥ سنة .

 هؤلاء تم توقيفهم ووضعهم في هذا السجن لخطورتهم ، فما لانوا وما استكانوا ، وتعلموا  فقه السجون وأخذوا بالأسباب المتاحة أمامهم بدأوا في التريض بشكل مستمر ، لكي يستطيعوا التسلل عبر النفق ، وقاموا بتخسيس أوزانهم ، والتدرب على ذلك ؛ ثم أخذوا في  ممارسة الحفر بحرفية ، وبأدوات بسيطة عن طريق ملاعق الأكل ..

وبدأ (زكريا الزبيدي ) في التخطيط خاصة وأنه كان قد بحث في مرحلة الماجستير ( المطاردة في التجربة الفلسطينية) فاستعان بالله ، وخطط لحفر نفق يصل ل ٣٠ متر، ليمكن أصحابه من الهروب خارج أسوار هذا السجن ..

هؤلاء توكلوا على الله توكلا شرعيا ، 
فعلقوا قلوبهم بالله ، وأيقنوا أن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة .
 
احذروا العدو الداخلي ؛ هؤلاء الأعداء ليسوا فقط في الكيان الصهيوني ، بل لهم أذيال في بلادنا ، هؤلاء العلمانيون واللادينيون ، والملحدون ، والإباحيون كلهم تبع لهم ، مهمتهم تدمير الممانعة العقائدية ، وبث روح اليأس ، وجعل الشباب في غيبوبة ، وقلب المفاهيم باسم (التعايش الإنساني).

فمثلا عندما يسكت ”الإعـلام ” العربي اللسان عبري التفكير" عن مواضيع أو خيـارات بعينهـا فإنّه ينحـاز ضمنيًّـا بالـضّرورة وبالبداهـة إلى نقيض ”المسكـوت عنه” وضدده .

 وقد حدّثَنـا ”مـايكل بـارنتي“ عن «التجنّب» أو « الإغفـــال » كإحدى أدوات التّوجيـه الإعلامـي المجهريّة معتبـرًا إيّـاها أكثـرَ تأثيـرًا ومحوريّـةً في الاستخدام من الإثـارة .

والأخطر أن يحاول الإعلام تبرير ردود أفعال اليهود تجاه إخواننا ، ويروج ل(شبهات ) تفسد على الناس فرحتهم ، تراهم يقولون :
بقى انت مصدق إن الأمر ده تم دون أيادي خارجية .

انت مصدق إن آلات بدائية تعمل نفق ..
طيب أين كانوا يضعون الرمال والتراب ؟
وكيف استطاعوا الحفر في اتجاه واحد ؟
وهل يكون الأمر تمثيلية لها ما وراءها ؟
وهل ممكن يكون اليهود حقنوهم بأمراض معدية وتركوهم ينشروا الأمراض ؟
وهل العلمانيون والمنافقون ملكيون أكثر من الملك ذاته ؟ 
غير أن الحقيقة ؛ أم المهزوم داخليا لا يستطيع أن يتصور أي انتصار ، ببساطة لأنه عميل 
  
 وكمان ليت الأمر يتوقف عند حد الطرح الإعلامي ، بل الأخطر حالة التنسيق الأمني التي يقوم بها علمانيوا فتح مع اليهود .

حتى كتب أحد المسئولين ...
 مشكلة هؤلاء ليست مع اليهود فقط ، فأولئك الأبطال هم في نظر الأمن الوقائي"فارون من العدالة" وقد يرجعونهم أو يقتلونهم...

فهذه الأحداث تعرفك من هو الخائن الحقيقي ..

اعرفوا حجم عدوكم الحقيقي ..
تقول (هأرتس العبرية) : 
حول الهروب من سجن جلبوع : هرب الأسرى أو بعضهم سيرًا على الأقدام من السجن مسافة 3 كيلومترات ، ثم ركبوا سيارة  "التخطيط المبكر للهروب، وتهريب الهاتف الخلوي، ووجود مساعدين خارجيين لهم" هو فشل استخباراتي جنوني.

رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد ؛ وصف الحدث بأنه قاصمة ظهر ، وفضيحة أمنية

اللواء المتقاعد (رامي عفوديا) وصف الحدث بأنه فشل عسكري ، يشبه فشل حرب ١٩٧٣ م  

الإسلام لا ولن يموت بشهادة عقلائهم ..

يقول "إيتال إلياهو " :

إن المسلمين يمكنهم أن يفاجئونا بهزيمة لنا ، كما هزم عمر بن الخطاب الإمبراطورية الرومانية والفارسية .

هذه المقولة ذكرتني بما قاله المستشرق جب :

بأن أخطر ما في هذا الدين أنه ينبعث من جديد فجأة ...

وعليه : فالإسلام سينتصر و هذا العمل سيغير مفاهيم كثيرة منها : 

أن البقاء هنا مؤقت لأن هذا حال أهل هذه الأرض وهذا حال أرضهم معهم لانتْ وهشّت لهم حتى اخترقوها رغم كل تلك التكنولوجيا التي يتفاخرون بها .

لو كان في زماننا هذا معجزات لكانت هذه إحداها

وأخيرا ..

هل يمكن للمسلم أن يوظف هذا الحدث لنصرة القضية ؟

وهل يمكن للمسلم أن ينصر إخوانه هنالك ؟

والجواب :
يجب على المسلم أن ينصر إخوانه في كل مكان من أرض الله ..
كما يجب عليه أن ينتفع بكل الأحداث ، ويسعى للاستفادة منها ..

ولهذا أقول للشباب...
ما حدث درس عملي من داخل السجون تعلم الشباب سحر الخطوات الصغيرة ، وجدوى استمراريّة السّعي على قلّة ما في اليد ...

فلو حفظت كلّ يوم وجها فقط في مصحفك، بعد سنوات تكون حافظا.
ولو أكلت نصف كميّة الخبز التي تأكلها يوميّا، بعد أشهر، تكون رشيقا.
ولو طالعت كلّ يوم نصف ساعة، بعد سنوات، تغدو موسوعيّا.
ولو تعلّمت لغة كلّ يوم نصف ساعة، بعد سنوات، ستصبح متقنا لها.

هذا تجسيد عمليّ لــقاعدة : [القليل المستمر خير من الكثير المنقطع] 

فلو عملت على أيّ هدف مقدارا قليلا يوميّا، بعد سنوات، ستكون في مكان آخر تماما

ستكون في مكان آخر حرفيّا، كأن تكون في زنزانة، وتصبح خارجها !

وكلما ضعفت قواك قل لها ..
          
أشرقت الشمس من باطن الأرض .

فما حدث أشبه بالمعجزة !!
ما يصنعونه في الأفلام التلفزيونيه الخياليه يصنعه أبطالنا حقيقة .

الفتحه دي مؤلمة جداً أشدّ ألماً من الطلق عند خروج الطفل إلي العالم .

فإذا ضاقت بك الدنيا تذكر هذه الفتحة

يا أيها الشاب المهزوم المأزوم تذكر :

معالي الأمور والطموحات لن تتحقق إلا عند الاستعانة بالله ، وأخذ الأمور بجدية ، وعليه فلابد من السير في الطريق الصحيح،  والتعب من أجل تحقيق المراد ..
فإنه " لا يستطاع العلم براحة الجسم" ، والنعيم لا يدرك بالنعيم ...

وكما قال أبو تمام في قصيدته الشهيرة في فتح عمورية :  
 
بصرت بالراحة الكبرى فلم ترها
                           
   تنال إلا على جسر من التعب.