جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 02:49 صـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

مدحت الشيخ يكتب: حرافيش حول العالم

مدحت الشيخ
مدحت الشيخ

► "تونس.. فرنسا.. والسودان" .. الأزمات الاقتصادية السبب المشترك والجميع يبحث عن الفتوة العادل!!

 

 

 

ملحمة "الحرافيش" رواية للكاتب المصرى نجيب محفوظ نشرت فى عام 1977، الرواية تحكى عشرة قصص لأجيال عائلة سكنت حارة مصرية غير محددة الزمان ولا المكان بدقة (يعتقد أنها بالحسين فى بداية فترة الأسرة العلوية بمصر).

 

 

وكانت الحرافيش ولا تزال مادة رائعة للسينما والتليفزيون المصرى، حيث تمثلت فى أكثر من فيلم سينمائى منها الحرافيش والمطارد وشهد الملكة والجوع والتوت والنبوت إلى جانب مسلسل الحرافيش فى أجزائه الثلاثة وتتحدث الرواية عن فلسفة الحكم وتعاقب الحكام ودور الشعوب.

 

 

كما لم تبتعد رواية الحرافيش كثيرًا عن منحى الوجودية الذى انتحاه نجيب محفوظ فى الكثير من رواياته رغم اكتسائها بالطابع الاجتماعى (إحدى الشخصيات تنشد الخلود بعد قهر الموت المفاجئ لها.. وسلوكيات أخرى فى نفس الاتجاه).

 

 

تتشعب أحداث وشخصيات رواية الحرافيش فى ذهن القارئ كما فى قلم الكاتب لتزرع أفكارًا عديدة وتصب فى فكرة تواتر الأجيال وضياع الأصول من جيل إلى آخر وإندساس العروق.

 

 

يحضر الدين أيضًا فى رواية الحرافيش كالروح التى لا يستطيع الإنسان إخراجها من بدنه رغم التمرد عليها.. هى رواية تحتوى كل الحياة تكتسى كل الطوابع وتسرد جل القيم بسخاء.

 

 

وتمتلئ الرواية بأبيات من الشعر الفارسى التى استخدمها الكاتب كرمز للمجهول الذى تهيم به أرواح البشر.. وتتوالى قصص الرواية كمعزوفة رائعة تختلط بها القوة والضعف.. الخير والشر.. الأمل واليأس.. والذى بات شيئًا واضح وملموس ليس فى المجتمع المصرى فحسب ولكن فى معظم مجتمعات العالم وبدليل المظاهرات التى ضربت العديد من الدول العربية والأفريقية والأوربية فى الآونة الأخيرة بسبب الظلم الواقع عليهم تارة وغلاء الأسعار وانخفاض مستوى المعيشة تارة أخرى مما يعيد إلى الأذهان أحداث ووقائع ما تدور حولة رواية الكاتب الكبير نجيب محفوظ الحرافيش.

 

 

السترات الصفراء

 

 

استجلبت مظاهرات السترات الصفراء اهتمامًا عالميًا واسعًا مقارنة بالاحتجاجات الاقتصادية المعتادة، خاصة أن التظاهرات كانت عفوية تمامًا ولم يتم تبنيها أو قيادتها من قبل أى من الأحزاب والنقابات، ناهيك عن التنوع الكبير لشرائح المحتجين سواء من الناحية العمرية أو من الناحية الاقتصادية أو حتى سياسيًا حيث شارك فيها نشطاء من اليسار واليمين وحتى داعمين سابقين للرئيس ماكرون، فئات مختلفة توحدت جميعًا بسبب الشعور بالتجاهل من قبل الرئيس وحكومته، وما يجمعهم فقط أنهم جميعًا من خارج النخب التقليدية فى المدن الكبرى، حيث ينتمى أغلبهم إلى المدن الصغيرة والضواحى والريف الفرنسى، من يعتمدون على السيارات للتنقل إلى العمل واصطحاب أطفالهم إلى المدارس، والذين حولت الضرائب على الوقود حياتهم إلى جحيم لا يطاق.

 

 

ورغم عفوية الاحتجاجات وخلوها من المعالم التنظيمية، إلا أنها نجحت فى اجتذاب الأنظار بفعل الرمزية الواضحة لارتداء المحتجين لسترات الفلورسنت الصفراء التى يجبر كل سائق سيارة فى فرنسا على حملها معه ضمن معدات السلامة لارتدائها عند إيقاف السيارة فى حالات الطوارئ وذلك بموجب قانون عام 2008 الذى يفرض غرامة قدرها حوالى 153 دولار على عدم ارتداء السترة الصفراء بعد تعطل السيارة.

 

 

مظاهرات السودان

 

 

وشهدت السودان احتجاجات من قبل المتظاهرين بسبب ارتفاع سعر الخبز فى الآونة الأخيرة، وترددت توقعات بارتفاعه أكثر بسبب رفع الدعم الحكومى المتوقع.

 

 

وأحرق المحتجون عددًا من المقار الحكومية والخاصة، من بينها مقر حزب المؤتمر الوطنى الحاكم.

 

 

وقال شهود عيان إن المحتجين هتفوا بشعارات تطالب بإسقاط حكومة الرئيس عمر البشير.

 

 

 

وقال شهود إن الشرطة السودانية أطلقت الغاز المسيل للدموع على أكثر من 500 محتج على بُعد نحو كيلو متر واحد من قصر الرئاسة فى العاصمة الخرطوم.

 

 

وردد المتظاهرون شعارات تطالب بإسقاط النظام وحمل بعضهم الأعلام السودانية.

 

 

كما إندلعت احتجاجات أخرى شارك فيها المئات فى مدينة دنقلا أقصى شمال البلاد.

 

 

وعبر حزب المؤتمر الوطنى الحاكم عن أسفه لمحاولات بعض القوى السياسية- كما يقول- إثارة المعارضة، وتقويض أمن البلاد واستقرارها، وقدرات الشعب، وتخريب الممتلكات.

 

 

 

وقال مسئول الإعلام فى الحزب إن حق التعبير عن الرأى يكفله الدستور، لكن التخريب غير مقبول.

 

 

وقال إن ما فعله بعض المتظاهرين فى عطبرة لا يتماشى والتظاهر السلمى.

 

 

كيف واجهت قوات الأمن الاحتجاجات؟

 

 

 

وكانت قوات الأمن فى السودان قد أطلقت قنابل الغاز لتفريق المحتجين بعد خروج المئات منهم إلى الشوارع فى ضواحى مدينة عطبرة، وهم يهتفون بشعارات معارضة للحكومة، بحسب ما قاله شهود.

 

 

 

وأعلنت السلطات حالة الطوارئ فى المدينة عقب احتجاج المئات على زيادة الأسعار وندرة السلع الأساسية، بحسب ما قاله مسئولون فى ولاية نهر النيل.

 

 

 

وأمرت السلطات بإغلاق المدارس بعد فرض حظر التجول فى مدينة عطبرة.

 

 

 

وقال متحدث باسم حزب المؤتمر الوطنى الحاكم إن أجهزة الأمن التزمت بدرجة عالية من ضبط النفس فى تعاملها مع الاحتجاجات التى وصفها بأنها "عنيفة".

 

 

 

وقال رئيس الوزراء، معتز موسى، إن الدعم الحكومى لن يرفع مرة واحدة، وإن العائلات ذات الدخل المحدود ستبقى تشترى حاجياتها بأسعار مخفضة.

 

 

 

فيما شهدت مدينة بورتسودان، شرقى البلاد، مظاهرات شارك فيها طلاب فى المرحلة الثانوية وآخرون فى الجامعة داخل سوق المدينة وأحيائها، وفرقت الشرطة المحتجين باستخدام الغاز المسيل للدموع.

 

 

تونس

 

 

 

إندلعت الاحتجاجات مباشرة بعد تمرير قانون المالية الذى بدأ سريانه فى 1 يناير 2018 والذى حمل معه العديد من التغييرات من بينها رفع الضرائب على كل من البنزين، بطاقات الهاتف، الإسكان، استخدام الإنترنت، غرف الفندق وباقى الأطعمة مثل الفواكه والخضروات بالإضافة إلى زيادة طفيفة نوعًا ما فى الضرائب الجمركية على مستحضرات التجميل وبعض المنتجات الزراعية.

 

 

 

ذكر زعيم المعارضة "حمة الهمامى" أن عدة أحزاب من المعارضة ستجتمع من أجل تنسيق جهودها يوم الثلاثاء الموافق لـ 9 يناير، وبعد ذلك دعت المعارضة إلى الاحتجاج الجماعى فى العاصمة تونس فى 14 يناير بمناسبة الذكرى السابعة للانتفاضة التى أطاحت بالرئيس زين العابدين بن على، وقد استجابت الجماهير لهذه الدعوة حيث هب نحو 300 مواطن تونسى إلى شوارع مدينة سيدى بوزيد وتزايد العدد تدريجيًا يومًا بعد يوم.

 

 

 

فى 8  يناير قام مجموعة من المتظاهرين بإلقاء زجاجات حارقة على مدرسة يهودية فى جربة مما أدى إلى نشوب حريق بداخلها تسبب فى فقدان بعض الممتلكات والوثائق الأرشيفية.

 

 

 

هذا وتجدر الإشارة إلى أنه لم تكن هناك أى احتجاجات على مستوى منطقة جربة، وقد ذكرت الشرطة المحلية أن المهاجمين استغلوا حقيقة غياب أفراد الشرطة الذين كانوا متواجدين فى أماكن أخرى قصد التعامل مع المتظاهرين.

 

 

 

وبحلول مساء يوم 10 يناير تم نشر أكثر من 2100 جندى قصد "حماية المؤسسات السيادية والمرافق الحيوية" مثل البنوك ومكاتب البريد وغيرها من المبانى الحكومية فى المدن الرئيسية فى البلاد بحسب المتحدث باسم وزارة الدفاع بالحسن الوصلاتى.

 

 

 

وبالنظر إلى الأسباب التى أدت إلى اندلاع المظاهرات فى العديد من البلدان المذكورة نلاحظ أن السبب الأول والمشترك هو غياب العدالة وارتفاع الأسعار وتدنى مستوى المعيشة فرغم الاختلاف بين الواقع والرواية التى حملت اسم "الحرافيش" إلا أن هناك عنصر ونتائج لا خلاف عليها ألا وهى "غياب العدالة يؤدى إلى الجحيم والقمع لا يقهر الشعوب".