جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 01:19 مـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

د. محمد لبيب يكتب .. «الفروسية»

د. محمد لبيب
د. محمد لبيب

"الفارس لا تهلك فروسيته ولو هلك فرسه" الفارس أمير وتاجه الأخلاق والرجولة والشهامة والقوة والحنان.

حين يتعامل الفارس مع فرسه يجد منها القوة واللين ، والإندفاع بجرأة والتراجع بحكمة ، والإخلاص لفارسها والثبات تحته وبجانبه وإن هلك. الفارس يظل يتعلم من فرسه حتي يصبح فارس الفرسان.

ولذلك كان هناك سلاح الفرسان في الجيش بالرغم من عدم اشتراك الخيل في الحروب آنذاك والآن إلا أن لها دور البطولة في معارك أخري كما أنها رمز للفروسية يتعلم علي ظهرها كل فارس في الحق مغوار. الفروسية أخلاق وتربية وعلم فيه نبل وعلوٌ عن الصغائر وإلتصاق بالحق وإعتزاز بالنفس وإحترام وتقدير للآخر ولو كان عدوا.

الفروسية في السلم سلام وإطمئنان ، وفي الحرب نبل في الهزيمة والإنتصار. ولهذا سادت أخلاق الفروسية في كل العصور التي كان فيها الفارس علي الفرس بطلا في الحرب والسلام.

عندما كان الكل فارسا نبيلا يُقوي ويُعضد من معه ولا يَعُض من عليه من وراء ستار ، بل يواجهه وجها لوجه ، ويحاربه إن إحتدم الأمر ، أيضا وجها لوجه. فالفارس لا يطعن من الخلف ، ولا يخون حتي عدوه ، ولا يُمثّل به إن هزمه ، ولا يسخر منه إن ناله.

فالفارس يواجه ويحارب علي أرضه أو أرض غيره ولو عدوه في نبل وقوة وعزيمة من أجل حق وليس لغرض الإنتصار.

وعندما غابت الفروسية إنهزمت الأخلاق والقيم النبيلة وساد الغدر والغيبة والنميمة والشكوي والشكاوي من وراء ستار أو جدار.

سادت مصلحة الأنا واندثرت مصلحة الحق وحاجة العوام. أصبحت خيول الحق والنبل بلا فرسان.

والفروسية اعلي درجة من درجات الرجولة والوطنية.

فالفارس لا تعنيه نتائج المعركة ولكن يضحي بحياته من اجل المعركة ليحمي الوطن. وفي معركة السادس من أكتوبر المجيد في 1973 كان كل الجنود والقادة فرسان من الدرجة الاولي ولذلك كان الانتصار بنبل ومعاملة الأسري بنبل والعودة إلي السلم بنبل.

فلفارس يحارب من اجل المبادئ وليس من اجل المصالح .

ولهذا نجحت الفتوحات الاسلامية في الشرق والغرب لأن الفرسان انذاك كانوا فرسان من الدرجة الاولي وبإمتياز. ولكن الفروسية أبدا لا تموت بل هي مكون من مكونات النفس السوية.

هي فقط قد تنزوي وتتقوقع ثم تغار في لحظة علي نفسها فتنقض وتصول وتجول وتعوض ما فات.

فكل نفس فيها فارسها النبيل ، فارس أبي شجاع ، فارس يحتاج أن نخرجه من حبسه ونهيأ له فرسه الساكنة في حظيرة وأغوار النفس. وكم هناك حوالينا في الوطن من فرسان ضحوا بأنفسهم من أجل الآخر.

فرسان لم يفروا من خطر الميدان بل صابروا وثبتوا ، فمنهم من نال الشهادة عن حق ومنهم من أعطاه القدر فرصة أخري ليعطي للآخرين درسا عمليا في أصول الفروسية.

والفروسية ليست فقط في القتال في الحروب والمعارك والمنازعات بل الفروسية تتجلي في المعارك الانسانية والخلافات الشخصية والتنافس من أجل مستقبل أفضل .

ففي هذه المواقع قد تكون المواجهة وجها لوجه أو قد تكون من وراء ستار ومن خلال كلمات مقروءه أو مسموعة أو مكتوبه بدون افصاح . هنا تتجلي اسمي معاني الفروسية عندما تنافس من تنافس أيا من كان هو ولكن دون أن تأكل لحمه أو تشوهه أو تجرمه أو تشكوه بدون وجه حق.

نافس من تنافس ولكن بروح الفارس المملوء بالفروسية. الفارس الذي يواجه ولا يتخفي والذي لا اذا انتصر لا يتشفي .