جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 11:19 صـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
التنمية المحلية تتابع تحسين مستوي الخدمات للمواطنين بالمحافظات.. رصف طرق بالغربية ١٥١٣ مواطن تلقوا خدمات الكشف والعلاج بالمجان بقافلة السرو من صحة دمياط التنمية المحلية تتابع تنفيذ مبادرة حياة كريمة والجمهورية الجديدة مصر بتتبني بالمحافظات ..” أسوان” افتتاح استوديو المحتوى التعليمى الجديد بالتعاون مع اليونسكو وهواوى بالأكاديمية المهنية للمعلمين وزيرة التضامن: 60% من مرضى الإدمان يعيشون مع أسرهم دون اكتشاف الوالدين لتعاطي أبنائهم. وصول 8 شهداء لـ مستشفى «الأقصى» جراء قصف الاحتلال منزلًا بمخيم المغازي إصابة 9 أشخاص واحتراق منزل في مشاجرة بالفيوم ... بسبب خلافات الجيرة مصرع شاب في تصادم دراجة نارية بجرار زراعي في الوادي الجديد «القباج» تطلق مرحلة جديدة من حملة «أنت أقوى من المخدرات» للوعي بخطورة الإدمان 4 شهداء وعدد من المصابين جراء قصف الاحتلال لمنزل بمخيم المغازي سوريا.. انفجارات عنيفة تدوي في منطقة مطار حلب الدولي وزيرة التضامن: قضية المخدرات أصبحت خطرًا يُهدد السلم المجتمعي

” لا تفكر ، حتي لا تقع في الفتنة ”

أحمد صابر
أحمد صابر

لقد أمسي ديننا الإسلامي مريضًا بالفتن ممزقًا بالجهل مقسمًا إلي فرق وجماعات وشيع لا تتفق في غير الشر ولا تختلف إلا في الخير ، وكل منها يحارب الآخر كما لو كان مغتصبًا ينازع أرضه أو يهتك عرضه ، ولابد أن نتساءل جميعًا ، كيف انتشرت هذه الجماعات ؟ وكيف احتلت عقول الشباب ! ولكي تتضح الإجابة ويحلوا النقاش دعونا نتستعرض نظرية أفلاطون التي أطلقها عن كيفية بناء المجتمع الفاضل ( يوتوبيا ) وعن طريقة التتغيير الجذري الذي يرسخ قيم العدل في كل المجتمعات ، لقد وضع أفلاطون أساس نظريته مرتكزًا علي مرحلة الطفولة ، حيث رأي أن التغيير الحقيقي لابد وأن يبدأ في هذه المرحلة الفريدة كي تستطيع أن تشكل العقول وتشحن القلوب بالقيم التي تريد ، بمعني أن تأخذ الأطفال منذ نعومة أظافرهم وتعزلهم عن معتقدات آباءهم وتقاليد مجتمعاتهم التي اعتراها النقص ومزقها الجهل لتعلمهم من جديد حتي يصبحوا قادةً قادرين علي التغيير وإحداث الفارق ، وهذا بالضبط ما تفعله الجماعات المختلفة ولكن بعكس ما أراد أفلاطون تمامًا وبعكس المبادئ التي وضع عليها نظريته والأهداف التي سعي إليها ، فهذا الفليسوف كان يريد مجتمعًا صالحًا متحدًا خالٍ من التعصب والأحقاد ، لكن هذه الجماعات القائمة شكلت عقول الأطفال بما يناسب معتقداتهم الخاصة وزرعت بهم التعصب والحمية التي تضر بالمصلحة العامة وبذلك أورثت الأجيال جهلًا يهدم المجتمعات ويحرمها الوحدة ويسلبها القوة ، وكل هذا يتم تحت شعارات مزيفة مثل " لا تفكر ، حتي لا تقع في الفتنة " .. ولكي أتحقق من صحة هذه النظرية ، قمت بدراسةٍ أجريتها مع قيادي مستقيل من إحدى هذه الجماعات الدينية وسألته عن كيفية حشد الشباب وكسب انتماءهم ، فوجدت أن العامل الأساسي الذي يلعبون عليه هو مرحلة الطفولة فعلًا ، حيث قال : إذا أردت أن تصنع شابًا مخلصًا للجماعة فعليك ضمه منذ طفولته ، وإذا أردت أن تكسب انتماء الطفل فعليك بأربعة أشياء : أولها أن تبحث عن النقص الذي يعتريه وتكتشف مواطن ضعفه لتملأ بداخله هذه الفراغات التي تؤرقه ، حتي يجد في اتباعك ما لم يجده مع غيرك ، ويري في نفسه اختلافًا معك ، والثانية أن تشعره بالتميز علي غيره وتخصه بالأفضلية وتحمسه بفكرة الإصطفاء وأنه مختار ليحمل رسالةً ساميةً تغير من واقعه وتعلي من شأنه ، وليس هناك ما هو أسمي من الدين للإستحواذ علي قلب الطفل وهو في مرحلة التشتت ونقصان العقل ، ليري بذلك أن وجوده معك نعمة من الله أكرمه بها بعد أن كان تائهًا في ظلمات الجهل ، والثالثة أن تشغل وقته وتشحن عقله وتشكل فكرَه بما يضمن استمراره معك ، ولابد وأن تحذره من الاقتراب من الجماعات المعادية أو مصاحبة المخالفين حتي لا يقنعوه بأفكارهم ، والرابعة - وهي الأخطر - أن يشعر بالخوف ، أن تجعله خائفًا من الاستقلالية عنك حتي لا يصبح وحيدًا ومن الذاتية في اتخاذ قرارٍ دون مشورتك حتي لا يكون أقرب إلي الشيطان وأن تحذره من استعمال العقل حتي لا يقع في الفتنة ، اجعله خائفًا من فقدان ما أوجدته له من مجتمع خيالي ، فبذلك لن يستطيع النهوض بمفرده أو التخلي عنك ، وإن فعل ، فالمقاطعة والتهميش كفيلان برده إليك مرةً أخري ، إذا تمكنت من تطبيق هذه القواعد فهنيئًا لك الحصول علي أشخاص تنتمي إليك .. هذه المبادئ الأربعة هي المنهج المفضل للكثير من الجماعات القائمة في حشد الشباب لنصرتها تحت شعارات مختلفة ، هذه الجماعات تبدأ في اصطياد الأطفال وهم في مقتبس أعمارهم ليعوضوا فيهم ما لم يجدوه في أسرهم .

من كلام ديني يمس عواطفهم ، أو قصص علمية تخاطب عقولهم ، أو شعور بالقيمة يعزز ثقتهم في أنفسهم ، أو فرحة بعدم التهميش الذي تعودوا عليه فتكون مصدر فخرهم ، ثم تبدأ هذه الأحزاب أو الجماعات في أخذ دور الأسرة في تربية الأولاد ، وتزرع بداخلهم أفكارًا مسمومة توضع بين شعارات رائعة وشعر موزون كأن تضع السم في العسل ، ويظهر نتاج هذه الأفكار مؤخرًا ، من تعصب أعمي وعدم قبول للآخر وخوف من الإبداع ورهبة من التفكير ، ثم ندفع الثمن غاليًا ولا نحصد سوي مزيد من التفرقة وكثير من الخراب ، ولذلك كان لازامًا علي الآباء الإهتمام بصغارهم واحتواءهم من جميع الجوانب الفكرية والعاطفية حتي لا يصبحوا ألعوبة لمصالح سياسية بحتة وشعارات دينية ساذجة تجعل مجتمعنا في خطر مستمر واضطراب دائم ..