الثلاثاء 19 مارس 2024 06:46 صـ 9 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

عبله المنيف تكتب : «رحم يحتويني»

الأدبية السعودية عبله المنيف
الأدبية السعودية عبله المنيف

عندما كنتُ صغيرة، وكانت جدتي لأمي- مريم - تعانقتي وتحضنني وأبادلها أنا العناق وأضمها بيدي الصغيرتين ورأسي الذي يغيب في جسدها الدافئ وكأنه مغناطيس يجذبني إليه متجاهلة كل لبس على جسدها يعوق الطريق لعناقها، كنت أشم رائحة أزكى من رائحة الخبز وهو بأحضان التنور يداعبه ويغازله فتحمر وجنتاه خجلاً وفرحاً.
كنت أضمها بشدة أريد اختراقها لأصل لتلك الرائحة الساحرة، لذلك الدفء المنبعث من جسدها، من ابتسامتها ،من إشارة يدها وهي تناديني بفرحة لأغيب في طيات حضنها بترحال لايشبهه أي ترحال آخر، 
كانت تلك الرائحة تشد طفولتي وتسعدها، وكانت هي تشعر بانفعالاتي ومشاعري وتعيشها فتهيء لي ذلك المناخ العذب لأعيشه بكل مرة.
لم أكن أعرف اسم تلك الرائحة التي تعطر جسدها آنذاك، كل ماكنت أعرفه ويسعدني هو ذاك الشعور الدافئ الذي يملؤني ويجعلني أعود لعالم بعيد جداً، أعود جنيناً متكوراً برحم أمه.
وكبرت لأجد تلك الرائحة ذاتها تعطر جسد أمي، فأتلهف لعناقها وشمها لأستعيد دفء تلك اللحظات فأضم جدتي بشدة بداخلها،
 وعرفت أني أعانق فيهن رائحة الحنان والسكينة والسلام ، وكلما شممت رائحة تلك المفردات الفطرية في طرقات ودهاليز حياتي، أرى وجهيهما يبتسمان لي بحب وتشيران لي بيديهما أن أقبلي لتغيبي في رحلتك - في طيات الحنان .