جريدة الديار
الخميس 28 مارس 2024 04:07 مـ 18 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

أسرار وحكايات.. من زمن فات “11”

" سلاطين الدم " يجلسون على عرش مصر 

بعد ٨٠ يوما فقط جلست خلالها شجر الدر على مقعد الحكم بصفة أساسية .. ثم إنتقلت السلطة إلى السلطان " المعز عز الدين أيبك " وعادت شجر الدر إلى سابق عهدها " زوجة السلطان " وإستقرت الأمور وهدأت الأحوال بضع سنين ولكن يبدو أنه كان هدوئا يسبق عاصفة من الدم بدأها أيبك حين دبر مع أقرب الأمراء إليه وهو الأمير محمود بن ممدود " سيف الدين قطز " خطة للتخلص من " آق طاى " زعيم المماليك البحرية وهو ما تم بالفعل عام ١٢٥٤.
شعرت شجر الدر أن أيبك بدأت تظهر له أنياب وليس هو نفس الرجل المستأنس وأفلت زمامه من بين يديها وزاد من حنقها عليه أنه بدأ يتجاهلها ولم يعد يشركها فى شئون الحكم فدبت بينهما خلافات شديدة وإحتدم الخلاف بينهما حين علمت شجر الدر أن السلطان لم يطلق زوجته الأولى أم ولديه " على وقاقان " كما كان متفق عليه كشرط لقبول الزواج منه وتردده بإستمرار عليها كما زاد من هوة الخلاف والأدهى من ذلك أنه عزم على الزواج من إبنة حاكم الموصل " بدر الدين لؤلؤ " وهنا دبت الغيرة فى قلب الزوجة شجر الدر وقررت أن تضع حدا لكل هذا وأن تقضى على هذا الرجل المتغطرس الغادر.
فى الحادى عشر من إبريل عام ١٢٥٧ ميلادية أصدرت شجر الدر حكم الإعدام على زوجها السلطان ودبرت لإغتياله مع خمسة من حاشيتها وأرسلت إليه حيث كان فى كنف زوجته الأولى وعلى الفور حضر المعز عز الدين أيبك وقضيا معا ليلة زوجية بعدها إتجه للحمام ليغتسل فإذا بالرجال الخمسة يدخلون عليه الحمام شاهرين  سيوفهم فى وجهه وهو مجرد تماما من السلاح والملابس أيضا فأستغاث السلطان وناداها بنبرة خوف وهلع قائلا : " إنقذينى يا شجر الدر " .. رق قلب الزوجة ونطقت إسمه بحنان غير مسبوق .. " أيبك " .. ثم هرولت نحو الحمام غير أن عنصر من فريق الإعدام خرج إليها وقال: " لو لم نقتله لقتلنا جميعا وأنتى قبلنا " .. إستفاقت شجر الدر من غفوة حنينها وسرعان ما عادت إلى تفكيرها الدموى وإنهال الرجال الخمسة على السلطان ومزقوا جسده بسيوفهم الحادة.
فى اليوم التالى أشاعت شجر أن السلطان سقط من فوق جواده على رأسه ولقى مصرعه فى الحال غير أن هذه الحيلة لم ينخدع بها رجال أيبك خاصة سيف الدين قطز وقام بإعتقال السلطانة القاتلة وهو يشعر بأن حلم صعوده إلى عرش مصر بات وشيكا ولذلك أراد أن يتبرأ من دمها حتى لا تؤخذ عليه قصة قتل إمرأة وليست كأى إمرأة فهى سلطانة البلاد والتى تتمتع بشعبية كبيرة بين صفوف الشعب لما فعلته من خير كثير مع الفقراء والمساكين من أبناء مصر فسلم الضحية لغريمتها زوجة أيبك الأولى "أم على " والتى كانت تنتظر فرصة الإنتقام حتى جائت إليها فأمرت خادماتها بضرب الملكة الأسيرة الذليلة بالقباقيب _ الأحذية المصنوعة من الخشب _ فوق رأسها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة فى مثل هذا اليوم ٣ مايو ولكن عام ١٢٥٧ ثم أمرت بتجريدها من ملابسها وألقوا بجثمانها فى بئر أسفل قلعة الجبل وظل الجثمان هكذا عرضة للحيوانات الضالة لمدة ثلاث أيام إلى أن تم دفنها فى مقبرتها الواقعة حاليا فى حى الخليفة بالقرب من مقام السيدة نفيسة.
لم تتورع " أم على " عن إظهار سعادتها وشماتتها فى مقتل عدوتها اللدودة وقامت بتوزيع حلوى على الشعب عبارة عن خبز ولبن وسكر والتى عرفت إلى الآن بإسمها " أم على ".