جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 08:28 مـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

أحمد سلام يكتب: «أمل دنقل» الآن!

أحمد سلام
أحمد سلام

لو لم يكتب إلا قصيدة "لاتصالح" فذاك يكفي لدوام الحديث عن شاعر قرأ الأرض ليترك أيقونة أشعاره قولا فاصلاً في أمر إسرائيل وقد كانت قصيدة لاتصالح ترجمة لواقع وقتها يوم أن شرع الرئيس السادات في طريق السلام بما يغاير نهج الرئيس جمال عبدالناصر صاحب القول الأثير ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة.

أكتب عن الشاعر أمل دنقل في ذكراه وقد رحل 21 مايو 1983 وتشاء المقادير أن تحل ذكراه في أوج مايحدث الآن في فلسطين المحتلة وقد وقر يقينا أن أيقونة أمل دنقل لاتصالح هي التفعيل العملي لمقولة ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة وهي المقولة التي جاهر بها الدكتور أحمد عمر هاشم من منبر الأزهر الشريف أثناء خطبة الجمعة14 مايو وهي الخطبة التي أتت ردا عمليا لما يجري في فلسطين المحتلة.

رحل أمل دنقل في 21 مايو سنة 1983 في ال43 من العمر بعد عُمر قصير وتجربة حياتية مثيرة مؤمناً بالقومية العربية باكيا الحُلم العربي الأسير صارخا بقوة في وجه الظلم والإستبداد وقد وترك كلمات تفيض عذوبة ووطنية معبرة عن زمن جميل مضي بغير رجعة تاركاً حُسن الأثر ومرارة "إستحضار" الذكريات هو صاحب قصائد لاتصالح والكعكة الحجرية وكلمات سبارتاكوس الأخيرة.

كل قصيدة من قصائد الشاعر أمل دُنقل بمثابة تأريخ لأيام مصر التي لم تكن يوما سعيدة جراء عثرات وإنكسارات كانت باعثا لقصائد هي من أيقونات الشعر المعاصر.

صدق أمل دُنقل عندما قال:

 لاتصالح .. ولو منحوك ذهب !..

..أتري حين أفقأ عينيك..ثم أثبت جوهرتين مكانهما.

..هل تري؟.. هي أشياء لاتشتري !! 

وقد "صالحنا" وبقيت أرض العرب تحت أسر الدولة العبرية. وقد توالت مشاهد التصالح!.

لقي أمل دنقل ربه بعد صراع مع المرض حيث كان يعالج من مرض السرطان اللعين وقد حملت غرفته التي كان يعالج فيها وتحمل رقم 8.. وفيها كتب قصيدة أوراق الغرفة رقم 8 التي يقول فيها

ضِّد من؟.

في غُرَفِ العمليات

كان نِقابُ الأطباءِ أبيضَ

لونُ المعاطفِ أبيض 

- تاجُ الحكيماتِ أبيضَ

أرديةُ الراهبات

الملاءاتُ -لونُ الأسرّةِ

 أربطةُ الشاشِ والقُطْن

- قرصُ المنوِّمِ

أُنبوبةُ المَصْلِ

-كوبُ اللَّبن

- كلُّ هذا يُشيعُ بِقَلْبي الوَهَنْ.

- كلُّ هذا البياضِ يذكِّرني بالكَفَنْ!.

- فلماذا إذا متُّ.. يأتي المعزونَ مُتَّشِحينَ.. بشاراتِ لونِ الحِدادْ؟!.

--هل لأنَّ السوادْ.. هو لونُ النجاة من الموتِ، لونُ التميمةِ ضدّ.. الزمنْ

ضِدُّ منْ ومتى القلبُ - في الخَفَقَانِ - اطْمأَنْ؟!.

بين لونين: أستقبِلُ الأَصدِقاء.. الذينَ يرون سريريَ قبرا -

-وحياتيَ.. دهرا

وأرى في العيونِ العَميقةِ -

-لونَ الحقيقةِ لونَ تُرابِ الوطنْ!.

أليمة هي الكلمات موجعة إذا تلك الذكريات التي تقترن دوما بالعَبرات فمن مات كان من أديم أرض الوطن تحدث فصدق.

في ذكراه ال 38 الشاعر أمل دنقل الآن حديث الشارع المصري والعربي وقد وقر أن قصيدة لاتصالح قرأت الأرض والتاريخ علي نحو كان يستلزم الأخذ بمسببات القوة ومفارقة الوهن الذي أسفر عن قول أليم لشاعر عربي هو نزار قباني أوجز حال الوطن العربي يوم أن كتب قبل رحيله قصيدته الرائعة متي يعلنون وفاة العرب؟!.

أمل دنقل في ذكراه .."لاتصالح" تتردد بقوة في الشارع المصري وهنا الكرة في ملعب الشعب الفلسطيني الذي ضيع قادته القضية يوم أن "تصالح" ياسر عرفات في أوسلو!.

يقينا سوف تحارب مصر إسرائيل يوما ولكن ليس الآن!.