جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 01:37 صـ 18 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

هدي السنة النبوية لفراض الأسلام.. بقلم/ د: ياسر جعفر


بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ مع النبيِّ صَلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ في المَسْجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ علَى جَمَلٍ، فأناخَهُ في المَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قالَ لهمْ: أيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتَّكِئٌ بيْنَ ظَهْرانَيْهِمْ، فَقُلْنا: هذا الرَّجُلُ الأبْيَضُ المُتَّكِئُ. فقالَ له الرَّجُلُ: يا ابْنَ عبدِ المُطَّلِبِ فقالَ له النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قدْ أجَبْتُكَ. فقالَ الرَّجُلُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي سائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ في المَسْأَلَةِ، فلا تَجِدْ عَلَيَّ في نَفْسِكَ. فقالَ: سَلْ عَمَّا بَدا لكَ فقالَ: أسْأَلُكَ برَبِّكَ ورَبِّ مَن قَبْلَكَ، آللَّهُ أرْسَلَكَ إلى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فقالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ نُصَلِّيَ الصَّلَواتِ الخَمْسَ في اليَومِ واللَّيْلَةِ؟ قالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ نَصُومَ هذا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ قالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ تَأْخُذَ هذِه الصَّدَقَةَ مِن أغْنِيائِنا فَتَقْسِمَها علَى فُقَرائِنا؟ فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. فقالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بما جِئْتَ به، وأنا رَسولُ مَن ورائِي مِن قَوْمِي، وأنا ضِمامُ بنُ ثَعْلَبَةَ أخُو بَنِي سَعْدِ بنِ بَكْرٍ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 63 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] 
المسجد: هو المسجد النبوي الشريف فالحديث كان في المدينة بعد الهجرة وربما كان عام الوفود !!
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أكثرَ الناسِ تواضعًا، فهذه البلاغه النبوية الباهرة ، الزاخرة بالحكم العالية والآسرار الأجتماعية النادرة تمثل لك في هذا الحديث الشريف أروع الصور لديمقراطية النبي الكريم ولمعاني العدالة الأجتماعية في الإسلام الدين الخالد ، ولطرف من مقاصدة العالية في التشريع وأي ديمقراطية اروع من هذه الديمقراطية التي هي في غني عن البيان لأن لها من نفسها شواهد عليها فنبارك الله وأحسن إلي رسوله النبي العربي الكريم كما أحسن إلي أمته رسول الله إلي الناس كافة وأفصل الخلق اجمعين جالس بالمسجد بتوسط المسلمين وكأنه واحد منهم هذا وهو في جلال الدولة ومجد الأسلام وبين سمع الزمان وبصره تفدية القلوب وتحميه الأرواح ومع ذالك فليس له فضل عليهم ولاشارة تميزة عنهم ولا جند ولا حراسه ولا اصحاب مجانس ولا ترابيس !! ولاحجاب ويدخل عليه عربي فيناديه يابن عبد المطلب فيبادره الرسول قد اجبتك لم يناده يانبي الله ! ولا يإمام المسلمين ولا بارسول الأنسانية ولا ياافضل الخلق وإنما ناداه باسم جده كما يخاطب الخاملون من الناس فلم يحزن ولم يضحر ولم يتألم وبادر فقال قد اجبتك هذه حقا هي ديمقراطية الأسلام ورسوله الكريم وهي ميزة الروح الإسلامي الكريم ! نعم فان رسالة محمد صلي الله عليه وسلم اعظم الرسالات لانها رساله عظيمة للانسانية جمعاء! ، وكان الناسُ يَأتون إلى فيَسألونَه عن شَرائعِ الدِّينِ، فيُعلِّمُهم ويُجِيبُهم بما يُناسِبُ أحوالَهم؛ حتى يكونَ الأمرُ واضحًا في عُقولِهم.وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ ضِمامَ بنَ ثعلبةَ رَضيَ اللهُ عنه -وكان سَيِّدَ قَومِه بني سَعدِ بنِ بكرٍ- جاء إلى المدينةِ لمُقابَلةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ ليَسأَلَه عن أركانِ الإسلامِ؛ ليَكونَ مُعلِّمًا لقَومِه بعْدَ رُجوعِه، فدخَلَ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابِه وهم في المسجدِ، وكان ضِمامٌ على جمَلٍ، فأناخَهُ في المسجِدِ، وجعَلَه يَبرُكُ على الأرضِ، ثمَّ رَبَطَه حتى لا يَتحرَّكَ، ثمَّ قال لهم: أيُّكم محمَّدٌ؟ وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتَّكِئًا على فُرشٍ له بيْن القومِ لتواضُعِه، فأخبَرَه الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم أنَّ الرجُلَ الأبيضَ المُتَّكئَ على الفراشِ هو النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَناداهُ ضِمامٌ: يا ابنَ عبدِ المُطَّلبِ، فنَسَبَه لجَدِّه، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «قد أجبْتُكَ»، أي: سَمِعْتُك، فسَلْ حتى أُجِيبَك، وإنَّما أجابَه عليه السَّلامُ بهذه العبارةِ؛ لأنَّه أخلَّ بما يَجِبُ مِن رِعايةِ غايةِ التَّعظيمِ والأدَبِ بإدخالِ الجَمَلِ في المسجِدِ، وخِطابُه بـ: «أيُّكم محمَّدٌ؟» وبابنِ عبدِ المطَّلبِ؟ فقال ضِمامٌ: إنِّي سائلُك فمُشدِّدٌ ومُغلِّظٌ عليك في السُّؤالِ، فلا تَحزَنْ ولا تَغضَبْ منِّي في نفْسِك، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «سَلْ عمَّا بَدا لك» وما ظهَرَ لك مِن أسئلةٍ، فقال ضِمامٌ: أسأَلُك بربِّك وربِّ مَن قبْلِك؛ آللهُ أرسَلَك إلى الناسِ كلِّهم؟ فأجابَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اللَّهمَّ نَعَمْ»؛ إنَّ اللهَ أرْسَلَني بَشيرًا ونَذيرًا إلى كلِّ الناسِ،ولم تكون رسالة الإسلام رسالة عامة للناس كافة ؟! وهو الدين الخالد وشريعة الإنسانية المثلي ودين الحضارة والعدالة والحرية والأخاء والحجة الواضحة التي ينجو ويفوز من سلكها في الدنيا والأخرة والنور المبين الذي انبثق في فجر الحياة البشرية فملأ الكون ضياء وبدل ظلامها هداية وشقاءها سعادة وجهلها علما ومعرفة ، وحيرتها طمانينة وأمنا وسلاما واستقرار وسار بالناس إلي الحياة الكريمة العزبزة ووجههم وجهة الخير والحق علي حين فترة من الرسل وبعد عصور قضتها البشرية في ضلال وشرك وعبودية وجهل وانحراف عن الجادة وصدق رسول الله صل الله عليه وسلم حين اكد هذا للعربي السائل فقال: ( اللهم نعم اللهم نعم) إنه رسول الله إلي الناس كافة والخلف اجمعين  فاستحْلَفَ ضِمامٌ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باللهِ سُبحانه وتعالَى، وذكَّرَه به أنْ يُجِيبَه، هلْ أمَرَ اللهُ عِبادَه (بالصَّلواتِ المكتوباتِ)والصلاة التي نوه العربي عنها ونوه الرسول الكريم بها حين أكد وجوبها علي الناس والمسلمين هي ركن من اركان الدين وفيها تهزيب وتطوير وتثقيف وتربية وتوجية وبعث للروحية الكاملة في نفس الأنسان وقتل لوساوس الشيطان وغواياته وفناء الفرد في الله وإقرار بالعبودية الكاملة لذي العرش الكريم وفيها يتلقي المسلم معاني الخير والفضيلة والشرف في مناجاته لله فيصبح سلامه لنفسة وأسرتة والناس كافة وبذلك يكون عضوا نافعا من مجموعة الإنسانية !! (وبصَومِ رَمضانَ) والصوم تعرفون الكثير من اسرار. وحكمه وٱثارة علي الفرد في المجتمع والأمة !! وبأخْذِ (الزَّكاةِ المفروضةِ) والزكاة التي اخذ هذا العربي الأمي السائل بحكمتها وبما فيها من تحقيق لمعاني العدالة الاجتماعية الكاملة ومن مشاركة الفقير للغني والغني للفقير هي اروع الصور لاشتراكية الأسلام العادلة ومبادئة الكريمة وروحه العالي العظيم فنحن في شهر رمضان الكريم نذكركم بالزكاة ولاتنسوا الفقراء والمحتاجين والضعفاء والمساكين فلا ترون السعادة ولا الصحة ولا السرور ولا الهناء ولا الغني الا اذا خرجتم زكاة اموالكم ! فبادروا وسارعوا الي النجاه والي ابواب السعاده في اخراج الزكاه ! والويل كل الويل من اهملها !؟، وأنْ تُؤخَذَ هذه (الصَّدَقَةُ مِن الأغْنِياء وتُعْطى للفُقَراءِ؟) فأجابَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقولِه: اللَّهمَّ نَعمْ، وهنا ما كان مِن ضِمامٍ إلَّا أنْ آمَن وأسلَمَ، بلْ وأخبَرَ النبيَّ الكريمَ صلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه سيَدْعو قَومَه جَميعًا للإسلامِ. ثمَّ عرَّف نفْسَه للنبيِّ وأنَّه ضِمامُ بنُ ثَعْلَبةَ مِن بَني سَعْدِ بنِ بَكْرٍ الذين استُرضِعَ فيهم النبيُّ صلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ.وفي الحديثِ: أنَّ الرَّجلَ يُعرَفُ بصِفتِه؛ مِن البَياضِ والحُمرةِ، والطُّولِ والقِصَر؛ لقولِهِم: فقُلْنا: هذا الرَّجلُ الأبيضُ. وفيه: بَيانُ تَواضُعِ النبيِّ صلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ وجُلوسِه بيْن أصحابِه ومعهم، ولا يَقومُ واحِدٌ منهم على رَأسِه، كما يَفعَلُ الأعاجمُ في غيرِ حاجةٍ. وفيه: تَقديمُ الإنسانِ بين يدَيْ حَديثِه مُقدِّمةً يَعتذِرُ فيها؛ ليَحسُنَ مَوقعُ حَديثِه عندَ المُحدَّثِ.
اليس هذا العربي الأمي جديرا بأن يعلن إسلامه بعد ماوثق من صدق مبادئ الاسلام ورسوله العربي الصادق الأمين وبعد ماعرف أنه الدين الخالد وشريعة الإنسانية ورسالة السماء الكاملة إلي البشر كافة ؟؟! فندعوا الغرب إلي تعاليم الدين الإسلامي الحنيف لكي يعلم الجميع ان الدين الاسلامي دين العدالة والحرية والخير !