جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 06:07 مـ 11 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

إلينا أحمد تكتب : ياصغيرتي

يا صغيرتي
وابنةَ هذا العمرِ وحصادَه...
هنا أكتبُ اشتياقي وتباريحَ فقدي...
وهناك أرتقبُ آخرَ ظهورٍ لكِ
لأطمئنَّ أنّ قلبَ أبيك غائبٌ عن المشهد
واراكِ.... بغبطةِ أم لكِ تتفقد
إنّ العالم موحشٌ كما ترين 
فهو يعيدُ السيناريو العقيمَ الذي أهدتني إيّاه أمي...
وراثةَ الحظِّ السيِّءِ والأمورَ  المفروضةَ علينا
 الفقرَ  وسوءَ الحال وفجعاتِ الروحِ التي تصارعُ سخريةَ الكون
الصبرَ الذي لا ينتهي والرضا بما في أيدي القدر...
ولكن يا صغيرتي
غادر أبي وبقي أباكِ
بقيت أمّي وغادرتْ أمُّك
أعلمُ  مدى انهزامِك حين تكتبين
"ماما...شهد غلطت علي"ّ
"ماما...سميرة قالت لي: بالسم الهاري"
وماما لا يسعُها أن تدفعَ عنك انكسارَكِ إلا في الغياب
ولكنّها علمتِْك طويلاً أنْ تكوني قويةً
أنْ تقاومي تقلباتِ الأمزجة'ِ وتغيّرَ الأماكنِ' وسوءَ التدابير
مذ أول جوابٍ لك في عمر السنتين حين سألك خالُك:" من تحبين أكثر' أمَّك أم أباك؟"
أجبتِ:"الرسول صل الله عليه وسلم قال:" أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك"
ومن يومها... (أنتِ ثم أنتِ ثم أنتِ ثم أخوك) 
أفتقدك  كلَّ حينٍ.... وقد انقلبت ادوارنا
أنا أصبحتُ الابنةَ 
وأنتِ أصبحتِ الأمَّ
 تُعدّينَ لأخيك الحليبَ في السادسة صباحاً
 بينما أنا أَعدُّ أيامَ غيابِك
 تُقلّبين رقائقَ البطاطا رغم تحذيري لك بــألا تقتربي من النار 
بينما أقلّب أنا الأفكارَ  في سريري
بوجودِك (( تثبتينَ أنّ لا إلغاءَ لوجودي)) 
أحبُّك جدّاً يا فتاة.. 
تشبهينني 
ودودةٌ وحاضرةٌ ببهجةٍ تقاومُ هشاشةَ الوقتِ اللّادغةُ عقاربُهُ لنا
يُحبُّك كلُّ مَنْ لم تضرِّهم... و تبقين حدثاً فارقاً في حياةِ مَن تحبينهم...
لطالما تمنيتُ أنْ تكوني أفضلَ مني بأكثر من عشرِ وصايا أكررُهن على مسامعِ تجهّزِك...
لهذا
مواجهةُ العالمِ الكبيرِ بعمرٍ لا يتجاوزُ بضعَ سنتيمتراتٍ
 تُعدِّينَ مائدةَ الإفطارِ لجدِّك وجدّتِك...
وتقفينَ بجوارِ والدِك تحمّّصينَ حبّاتِ الأرُزِّ لحينِ تتركُ حبيبتُهُ زوجَها ومن ثمّ تشاركُكم بيتي الذي كان...
تمسحينَ الغبارَ عن الكنبةِ التي أحبُّها... 
وتفرشينَ ملاءةَ سندريلا التي اشتريتُها لسريرِك...
علمتُك فصْلَ الملابسَ الداكنةَ عن الفاتحةِ...
و مدة غسيلِ كلٍّ منهما.. ثم طيّهَما برتابة في خزانتِك. 
 أحتفلُ بيوم ميلادِك وأقطّعُ  الكيكةَ وحدي
لكنّني  أبتسمُ في سرّي قائلةً:
"لي في هذه الدنيا قلبٌ يمشي على الأرض' 
فإنْ دارت بي الوحشةُ وجدتُهُ نبضاً يرشدُني إلى العيش"
كثيراً ما كنت ِ بجانبي حين أقعُ أرضاً لفرط التعب
ورغم صراخي عليك حينها... إلا أنك تمسكين يدي
 تجلبي لي الماءَ لحينِ أقفُ مجددا.. 
لحينِ نضحكُ مجددا... 
لحينِ يجادلُ بعضُنا بعضاً ..
أعلمُ  أنك تحبّينَ كتابَ (العواصف) لجبران وأنك تحلمين أن تصبحي شاعرةً أو كاتبة
لكنّ ياقلبي
تلك شوائبِ أمِّك التي خلَّفتْها وراءَها في سيرةِ أبيك المسيئةِ لها.
 فكوني ذاتَ سيرةٍ حسنةٍ
 ولا تلطخي شرفَ أبيك بالشِعر
 استمعتُ إلى تسجيلٍ صوتيٍّ لك عبرَ مجموعةِ الدراساتِ الاجتماعية منذ قليل 
 كنتِ رائعةً كعادتك
 أعتزّ بك
 أثق بك
و أعلمُ.. أن ما من شيءٍ يقدرُ عليك
فقد جبلتُك بصبري وقهري وأحمالِ ظهري
وكلُّ ما سعيتُ لأكونَه يوماً وما كُنته فكونيه أنتِ...
 كي أراني فيك 
ويكبِرَ عمري الواقفُ عندك أيتها الغالية...

أُمِك...