جريدة الديار
الخميس 28 مارس 2024 07:05 مـ 18 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

تفاصيل المعركة بين السيسى ورجال مال مبارك

عصام عامر
عصام عامر

من كان "سيساوى" الهوى صار الآن أكثر المهاجمين للسيسى

مصر ليس بها رجال أعمال وإنما رجال مال وبأمر الدولة التى قالت لهم كونوا فكانوا

"أحمد عز" لم يبع مصانعه كما باع ساويرس الأخ والأخ مصانعهم وشركاتهم التى اشتروها بتراب الفلوس

عندما يعيد السيسى للشعب حقه سوف يكون رئيسا بأمر الشعب لا بأمر رجال مال مبارك

تستطيع الدولة أن تعيد مصانعها وأراضيها بالقانون فجميع رجال المال خالفوا العقود

أحمد عز رجل وطنى أضاع وطنه واجتهد فى إطار ما كان مشروعا داخليا عند جميع الفصائل السياسية فى حينه

وأخيرا قد فهمها السيسى وأول الفهم كان التصريح بأن الأراضى المنهوبة على طريق مصر - الإسكندرية الصحراى، ومصر-الإسماعيلية الصحراى، تبلغ أكثر من 370 مليار جنيه "370 ألف مليون جنيه"، وأن الدولة ستتخذ كافة الاجراءات لاسترداد هذه الأموال، كبداية لكبح جماح الفساد الذى يطول كافة أنشطة الحياة الاقتصادية المصرية.

فالسيسى بهذا التصريح يعلن أن صبره قد نفذ من آلاعيب رجال الأعمال الذين يتخذون من "صبيانهم" فى الصحف والفضائيات المملوكة لهم وسيلة من وسائل تفريغ التآييد الشعبى الذى يتحصن به السيسى لإنقاذ الاقتصاد المصرى من السقوط فى هاوية الإفلاس.

السيسى بتحديه هذا، ورجال الأعمال بتحركاتهم تلك يعيد الأمور إلى نقطة البداية "الحقيقية" التى يجب على الدولة ممثلة فى السيسى، ورجال الأعمال ممثلين فى الأربعة الكبار "ساويرس- الأمين - البدوى - إيهاب طلعت"، أن يحدد كل منهما أهدافه، وخط سير المعركة، وإلى أين ستسير، فى مصلحة مصر العليا وشعبها الصابر المثابر، أو مصلحة رجال أعمال لا يشبعون، ويظنون أن اليوم مثل الأمس، ما دام النظام يسير فى طريق "الصبر الطويل"، ربما تقديرا منه أن المعركة الكبرى لم يحن آوانها ولم يتحدد مكانها.

رد الفعل الرئاسى

والقريبين من الطرفيين المطبخ الرئاسى، مطبخ رجال الأعمال يعلمون جيدا التفاصيل التى أدت لنفاذ صبر السيسى، حيث فوجىء المتابعون للبرامج الرئيسية فى قناتا أون تى فى، سى بى سى، وبعض برامج قناة النهار، وقناة القاهرة اليوم بسيل من الهجوم على السيسى.

والمدهش أن هذا الفريق "المهيج" كان الأعلى صوتا ضد الإخوان، والأعلى صوتا لاستدعاء السيسى ليخلصنا "أى مصر" من الإخوان.

والمدهش أن البادىء فى هذه المعركة الغير مفهومة توقيتا، ومحتوى، وأهدافا ينظر إليه على أنه سيساوى الهوى بطريقة أقرب للمرض، رغم أنه بنى تاريخه على ارتياد الأماكن غير المتروكة فى إنتقاء الرؤساء، والاعتماد على الصداقة، والغلو فى الألفاظ والتعابير بطريقة تقبل الآخر على اللجوء إلى الحائط ومقابلة العنف بالعنف، وهو قد لا يكون مناسبا فى توقيتات كثيرة كما حدث مع مبارك فى فترات عدة، انتهت بحكم "حبس" تنازل عنه مبارك نفسه، لأنه لا يصح أن يكون له خصومة مع أحد "أولاده"، وهو ما رده المعفو فى حقه فى شهادته أمام محكمة محاكمة مبارك، تلك الشهادة التى كانت "صك براءة" من قتل المتظاهرين، عن إبراهيم عيسى أتحدث.

أون تى فى برنامجه 30/25

فقد انتقد إبراهيم عيسى على قناة ساويرس وفى برنامجه 30/25، ما يقوم به السيسى ونظامه ما يراه إعادة الجهات الأمنية للمشهد السياسى ممثلة فى أمن الدولة أو ما يسمى الآن "الأمن الوطنى"، عن طريق التواصل مع الأحزاب والتكتلات والقوى، وهو ما يوصفه إعادة للجريمة التى ارتكبها نظام مبارك فى حق المصريين، ويعيد انتاجها نظام السيسى.

وانتقد عيسى بشكل أقرب للهجوم طلبات السيسى للتفويض، المستمر من المواطنين، وحديثه المستمر عن وجوده فى المنصب رغما عنه، وطالبه بشكل "الأمر" أن يتصرف كرئيس منتخب للبلاد، والتوقف عن الحديث المستمر عن أنه مستدعى بأمر الشعب، وهو بذلك غير مسئول عن عواقب ما يفعله باعتباره مستدعى وذلك رغبة شعبية وليست رغبة شخصية من السيسى.

الحسينى والـ"أون تى فى" أيضا

وفى نفس القناة على لسان "سيساوى أصيل" أخر هو يوسف الحسينى، تلك القناة التى يمتلكها "ساويرس"، قال الحسينى .. أن المنطق يحتم على الجميع ضرورة محاسبة السيسى على كافة الأخطاء والأزمات التى تعرض لها المواطن البسيط كما كان يحدث مع مرسى من قبل، فالجميع كان يهلك عند وقوع أى خطأ من جانب نظام الإخوان، يتم المطالبة بمحاسبة الرئيس المسئول عن كل صغيرة وكبيرة تحدث فى البلاد، والمنطق أيضا يحتم على الجميع أن يسأل.. لماذا لا يحدث مع السيسى ما كان يحدث مع مرسى، ويحاسب السيسى على كل صغيرة وكبيرة كما كان يحدث مع مرسى.

ولكى يحمل الحسينى الرئيس السيسى المسئولية كاملة بالوصول مباشرة إلى الهدف الذى يسعى إليه عيسى من قبل ويكمله الحسينى، ويؤكد الحسينى أن السيسى هو من اختار التشكيل الحكومى الحالى وليس البرلمان، كما أن جميع التغيرات التى حدثت تمت بموافقته وعلمه، كما أنه وحده من ينفرد بإصدار التشريعات لعدم وجود مجلس نواب منتخب وبالتالى .. كما يؤكد الحسينى فإن كافة السلطات بيد السيسى، ولذلك يجب محاسبته عن كل صغيرة وكبيرة تحدث فى البلد.

عمرو أديب .. القاهرة اليوم

وهاجم عمرو أديب النظام الحالى وهو ما يضع الكثير من علامات الاستفهام، لأن الهجوم على القاهرة اليوم ذات التمويل الخليجى الذى جله سعوديا، حيث اعترض بشدة على هجوم السيسى على الإعلاميين ووصفه لهم بأنهم ضد تقدم البلاد وضد الاستقرار.

وقال أديب أن السيسى يريد أن يكون الإعلام كما قال فى عهد عبدالناصر الذى يراه أديب إعلاما مغيبا بالأكاذيب، قال عن الهزيمة نكسه، وفى ظل انهيار الجيش قال إننا فى قلب تل أبيب، وتحدث عن امتلاكنا لصواريخ القاهر والظافر التى لم نراها، وأن البترول فى مصر أكثر من السعودية.

وفى نوبة "شجاعة" نادرة قال عمرو أديب .. لن نتوقف عن قول الحقيقة، وإذا أراد النظام أن يغلق القنوات فليفعل ولكنى- أى عمرو الشجاع - لن أتوقف حتى تلك اللحظة.

تحليلات البانجو والدخان الأزرق

وبالطبع دخل على الخط المحللين الاستراتيجين ليقولوا فى تصميم تام أن تلك الحملة على السيسى خطط لها جمال مبارك وتبناها أحمد عز، وبدأها "ساويرس" ورأس الحركة فيها والمهاجم الإعلامى الأول هو إبراهيم عيسى.

وهذا فى رائى إما من تأثير الدخان الأزرق وخيوط البانجو، أو ذكاء من المحللين الذين إذا افترضنا أن ظهورهم على نفس القنوات التى تدير الحملة والهجوم على السيسى فإنهم ذو مصلحة فى إدخال الكل فى سلة واحدة لإضعاف السيسى الذى عليه أن يحارب أعداء كثر وإعلاميين هم "سيساويين" فى الأساس، ورجال أعمال هم مع السيسى وأى سيسى يسكن القصر الرئاسى.

أصل الحكاية رجال المال

وأصل الحكاية يكمن فى قول لقد فهمها السيسى حيث وقر فى يقينه أن المعركة الحقيقية هى فى رجال أعمال مبارك الذين هم بعيدون كل البعض عن السلوك الطبيعى لرجال الأعمال وما هم برجال أعمال على الإطلاق، بل هم رجال مال وتلك هى المشكلة والمعركة الحقيقية التى يجب على السيسى أن يخوضها ولو نجح فيها، نجا بنفسه وبمصر لمئات من السنين القادمات.

إن مصر على طول فترة مبارك لم تشهد رجال أعمال فى أى مجال من مجالات أنشطتها الاقتصادية، فبعض من يطلق عليهم رجال أعمال، نام بعضهم وهو يسأل الله فى حق "النشوق"، بل إنه نام وهو لا يجد ثمن العشاء، وصحى من نومه وهو ملياردير يشار له بالبنان فقط لأن الدولة أرادت ذلك وفتحت المحبس وكانت إرادتها أن يكون ملياردير.

من يذكر نجيب ساويرس قبل أن تقدر الدولة رجلها فى مجال الإتصالات، فكان نصيبه رخصة "موبينيل"، والأخير رخصة "أسمنت"، الأول بتزوير شهادة ضمان ترتفع بثروته إلى 2 مليار جنيه، سجن مزور شهادة، وصار ساويرس ملياردير بأمر الدولة، والثانى بقروض بنكية، وشراء مصنع أسمنت، ثم بيعه بأكثر من 70 مليار جنيه "لافارج" الفرنسية، تلك الصفقة التى زور فيها ساويرس الأخ هو الأخر ليهرب من ضرائب مقدارها 14.1 مليار جنيه، ولأن الدولة لازالت لم تقدر على اللعب على المكشوف، سمحت لأحد وزارتها "وزراة المالية: لتكوين لجنة هدفها إعفاء ساويرس الأخ من الضرائب بحجة أنه تعرض لضغط سياسى من الإخوان المسلمين، وللعلم هذا الضغط لايمكن للجنة المشكلة من المالية أن تحدده، وإنما يلزم حكم قضائى يقف يقينا على تفاصيل هذا الضغط.

تزوير أم ضغط

والغريب أن تفاصيل التزوير معروفة للجميع حيث قام ساويرس الأخ بتسجيل شركة الأسمنت فى البورصة قبل البيع بثلاث أيام، للتحايل على الضرائب والهروب منها، لأن الأرباح الرأسمالية للبورصة لا تخضع للضرائب.

امبراطور الحديد "أحمد عز"

كما أرادت الدولة المصرية "أخ وأخ" كذلك أحمد عز أن يكون امبراطور الحديد واعطته حديد "الدخيله"، المحتكر "حديد الدرفله"، هو المصنع المسمى الآن "حديد عز"، ومولت العملية كلها من البنوك بقروض صغار المودعين، وهكذا صار عز، رغم أن المقارنة ظالمة بين عز وساويرس، فهو أى "عز" لم يبع مصنعه للأجانب، ولم يهدد بالبيع أبدا، ولم يقفز من مركب مبارك وصار ثوريا ومن لجنة الحكماء، وإنما كان حظه أن يكون ممثلا للدولة فى هذا القطاع، وحظه أن تخصه الدولة بهذه العطية التى دفع ثمنها، وسيظل يدفعه إلا إذا تحلى بشجاعة نادرة وأعاد للدولة بعض مما أخذ دون وجه حق.

إن أحمد عز رجل وطنى أضاع وطنه باجتهاد كان مشروعا داخليا فى حينه ومقبول من مختلف الفصائل السياسية ومن ضمنها الإخوان المسلمين، الذين كانت معظم صفقاتها تتم فى إطار تمرير مشروع التوريث، وهو بطبيعته لا يتأمر ضد الدولة وإنما دائما ملتصق بالدولة، وقد فوجىء كما تفاجىء الجميع بإنقلاب "خارجى"، على مشروع إطار الرأس، وظل الجسم الذى يحتل فيه أحمد عز مساحة كبيرة بدون رأس، وسيظل الجسم أحمد عز تائها حتى يجد رأسا وفى رأئيى أن نجاح أحمد عز الحقيقى هو اليقين أن الرأس الوحيد الذى يصلح حجم أحمد عز هو رأس عز نفسه.

رغبة ومحبس الدولة

وهكذا إذا أرادت الدولة فعلت، وبيعت مصانع القطاع العام الذى كونه المصريين وكان السبب الرئيسى فى انتصار أكتوبر "بتراب الفلوس"، تحت شعار الخصخصة، ونهبت أراضى مصر على طول الإسكندرية الصحراوى، والإسماعيلية الزراعى، واصبح مالكيها فى غمضة عين ملوك متوجه من دماء المصريين وأصحاب صحف وقنوات يهددون بها كل من يقترب من ذواتهم المصونة، وظهرت المدن المغلقة والشقق بأسعار الملايين والكمبوندات والمطوريين العقاريين، ورجال السياحة وهلم جرا.

كلهم لم ينتقلوا مائة متر فى مصانع اصبحوا مالكيها، ولم يبنوا فنادق وإنما تملكوا فنادق المصريين ليقتلوا بأموالهم المصريين، حتى أننى طالبت من أحد رجال المال أن يخصص من ربحه 500 مليون جنيه لمرضى "فيرس سى" الذين يحتاجهم للعمل فى مصانعه ضمن حملة تقوم بها "الديار"، من أجل مرضى هذا الفيروس، فأقسم أنه يسحب على المكشوف وهو الذى له من الطائرات ثلاث طائرات خاصة، لا ثلاث تكاتك يركبها أهله المصريين.

ولماذا السيد البدوى؟

البدوى دخل على الخط لأن ساويرس ابتكر تحالف إعلامى يديره إيهاب طلعت المتهم فى قضايا فساد مالى متعلقة بمؤسسات الأهرام والتليفزيون المصرى التزم فى هذا التحالف، بإنقاذ شبكة قناة الحياة التى يديرها السيد البدوى من أزمتها المالية 500 مليون جنيه لمدة 3 سنوات، مقابل حصوله على حق الإعلانات حصريا على الشبكة واستخدم الرصيد التاريخى لحزب الوفد للوصول إلى أغلبية داخل البرلمان، أو على الأقل الثلث المعطل ليصبح طرفا فى الحكم كما يتمنى ويعمل لذلك.

افعلها يا ريس ولا تخف

إنها المعركة أيها الرئيس إن كنت قد فهمتها كما إتوقع، وفات زمن إن نتسول إموالنا من هؤلاء الناس، وعلينا أن نعيد اموالنا، وبالقانون دون اتباع أى اجراءات استثنائية، والحل يكمن فى العقود.

نعم الحل يكمن فى العقود فقد من الله على مصر بفصيل من شرفاء الوطن حافظوا للوطن على حقه عندما كانوا يصيغون عقود بيع مصر، وكأنهم كانوا يحفظون حقا لمن يريد استرجاعه، وآن الآوان أن تكون أنت من يرجع ثروة مصر المنهوبة.

إن عقود المصانع كان فيها بالنص ما يحظر بيع أراضى تلك المصانع، وما يشترط زيادة خطوط الإنتاج، وما يحفظ حقوق العمالة.

عقود الأراضى التى خصصت كان فيها ما يحظر تغيير تخصيص من أراضى زراعية إلى أراضى بناء القصور والفيلات والكمبوندات.

وعقود الاستثمار السياحى كانت تنص على الترويج للسياحة وإضافة الغرف الفندقية، والحفاظ على المنشاءات السياحية وتطويرها وتوسعتها.

وكلهم خالفوا العقود ونستطيع إعادة مصانعنا وأراضينا وفنادقنا ومنشئاتنا السياحية المنهوبة بالقانون، دون أن نتسول حقنا، ومن يريد أن يصحح وضعه قانونا، فليدفع الفروقات المالية الخرافية التى اكتسبها بالباطل فى ظل دولة مبارك الرخوة الفاسدة وهى بالمليارات نعم بالمليارات، وإذا كان حق الدولة فى بند واحد370 مليار جنيه، فما هو الرقم الذى سيدخل الخزانة العامة من باقى منهوبات المصانع والفنادق والمنشاءات السياحية والأراضى الأخرى.

من سيدفع الفاتورة؟!

إنهم يتصورون أن عليك أيها الرئيس أن تدفع ثمن الفاتورة التى سددوها فى30 يونيو وآتت بك إلى قصر الإتحادية، وعليك أن تثبت لهم أنك آتيت لأن الشعب أراد، وحين تعيد للشعب حقه، سوف تكون حقا رئيسا بأمر الشعب.

(مقال سابق تم نشره فى العدد الورقى)