احذروا.. الانتحار فيروس معدي
في وقت سابق تحدثت عن الانتحار، وقد تعرضت مؤخرا لحاله استفزاز اجتماعيه كبيره ازاء هذا الأمر، وذلك عبر معايشتي لتفاصيل حاله انتحار جعلتني أريد الحديث عن الأمر بشكل مختلف.
فبداية نود أن نعرف ما هو الانتحار؟ فهو قيام الشخص باتخاذ قرار بإنهاء حياته، و قتل نفسه، وعدم رغبته في العيش، وله العديد من الأسباب، منها: إحساس الشخص بعدم قدرته علي حل المشاكل التي تواجهه، واصابته بالاكتئاب، وهو أكثر الاسباب التي تؤدي الى الانتحار، وهو يبدا عند الشخص بسيطًا، ومع مرور الوقت وعدم شعور الآخرين بمعاناة الشخص، وعدم إدراك ذاتي بالمعاناة، يصل إلى أقصى درجات الاكتئاب، فيصبح مريضًا بالاكتئاب الشديد، والذي حتما يؤدي به إلى الانتحار، مع مزيدٍ من المحاولات المستمرة، والتي تنجح في نهاية الأمر، ويتخلص بهذا من معاناته، بينما مصابي الاضطرابات العقلية "الذهان"، مثل مرضى الفصام وغيرها من الامراض العقلية الأخرى التي تسيطر فيها افكار وهلاوس سمعيه وبصريه على الشخص وتدعوه للتخلص من حياته، تختلف تماماً عن الاكتئاب.
فما يميز هؤلاء الاشخاص هو أنهم يستطيعون التعبير عن ما يعانون منه، فيستطيعون أن يخبرونا عن الاصوات التي بداخلهم، وهناك البعض الذي ينتحر بسبب تعاطي المخدرات، حيث يصابون بحاله من غياب الوعي الشديد، والتي يفقدون معها السيطرة على أنفسهم و يشعرون بعدم قيمتهم في الحياه، وأنهم يخطئون في حق من حولهم، فيقررون باندفاع مفرط إنهاء حياتهم.
وهناك بعض الاشخاص الذين يحاولون الانتحار للفت الانتباه لمساعدتهم في تجاوز المحن والالام التي يشعرون بها، وهي محاولات انتحار كاذبه، لكنها من الممكن أن تنجح، وتخطىء خططهم وحساباتهم، وتفشل محاولة انقاذهم، وتنجح محاولة الانتحار، وذلك على الرغم من أن رغبتهم لم تكن الموت.
وفي الآونة الأخيرة لاحظنا انتشار عدد حالات الانتحار بين الشباب، والتي تم ترويجها بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لذا الضروري أن ننوه و نحذر أن الانتحار "معدي" ويتم بفعل التقليد والمحاكاة، فإذا رأى المراهق شخص ما ينتحر، فنجد شخص آخر ينتحر، ويليه منتحر، ثم منتحر.
وفي دراسة أجريت في 2013 وجدت أن المراهقين يتأثرون بحالات الانتحار خمسه أضعاف، في المحيط الذي جرت فيه عملية الانتحار، فيما أوضحت دراسة أخرى أن معظم المنتحرين تقع اعمارهم ما بين سن 15 و 35.
وأن الذين لديهم استعداد للانتحار من خلال الرؤية أو النقل عبر وسائل الاعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي أكثر، وقد امتلئ التاريخ بالعديد من القصص التي أدت فيها وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي إلى المساعدة في انتشار ظاهرة الانتحار، وذلك بفعل التقليد والمحاكاة، حيث في سبعينيات القرن العشرين توصل الباحث، فليبس، إلى توصيه هامة، وهي الابتعاد عن التغطية الصحفية الكبيرة التي تظهر على الصفحات الاولى لظاهرة الانتحار.
وفي فينا.. في وثمانيات القرن العشرين، حاربت الصحيفة الرئيسية في المدينة انشار الانتحار على قطبان القطارات من خلال قراراها بالحد من تسليط أضواء الشهرة على مثل هذه الحالات، مما يوضح القوة الإيجابية للإعلام لانتشار ظاهرة الانتحار.
وفي عام 1962، كانت النساء يقمن بالانتحار بعد واقعة انتحار مارلين منرو، نجمة السينما العالمية، لذا فإن الوقاية والعلاج لهذه الظاهرة أمر حتمي، وضرورة ملحة اجتماعية، حتى لا يتحول الأمر إلى ظاهرة.
لابد أن نوجه أنه من أساسيات الوقاية، هى الملاحظة.. فعلينا ملاحظة سلوكيات بعضنا البعض حتى يتسنى لنا معرفة ميول الشخص إلى هذه الفكرة، ونخص بالملاحظة مرضى الاكتئاب، فإذا ما لاحظنا هذا من خلال بعض المظاهر الواضحة المتمثلة في الشعور بالحزن واليأس، عدم الاهتمام بالمظهر، الزهد في الحديث، والهدوء المفاجئ او اضطراب النوم، او عدم الرغبة في ابداء الرأي بشكل عام.. كل ذلك يستدعي لسؤاله بشكل مباشر .. هل تفكر في الانتحار؟ وهو الأمر الذي يستلزم بعد ذلك اتخاذ خطوات فاعلة نحو العلاج والاستعانة بمتخصص على الفور، مع العمل على إعادة تأهليه اجتماعيًا عبر زيادة وعيه الإدراكي على مستوى السلوك والدين