نميرة نجم: نحتاج كافة الوسائل للتصدي لمحاولات هدم نظام القانوني الدولي

قالت السفيرة د.نميرة نجم الخبير الدولي والهجرة ومدير المرصد الإفريقي الهجرة بالإتحاد الإفريقي أنه تم إغتيال القانون الدولي في غزة ، وشاهدنا إبادة جماعية في بث مُباشر علي شاشات التلفزيون، و الآن نواجه تهديد علني لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، و بالتالي نحتاج إلى كافة الوسائل المتاحة أمامنا للتصدي لمحاولات هدم النظام القانوني الدولي الذي يحمينا بكافة الوسائل القانونية والسياسية، جاء ذلك في كلمتها أمام ملتقى عالي المستوى لممثلي الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لمناقشة تفعيل محكمة العدل الإسلامية الدولية الذي إستضافته دولة الكويت في إطار جهودها الدبلوماسية للمصادقة على نظام المحكمة الأساسي.
وحول أهمية إنشاء هذه المحكمة الجديدة، أشارت السفيرة إلى قضية تشاجوس و الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية التي شاركت فيه والتي انتهت المحكمة إلى ضرورة إعادة سيادة موريشيوس على جزر تشاجوس مما أدى بالمملكة المتحدة العودة إلى التفاوض مع موريشيوس لترتيب اعادتها لها.
و أضافت نجم، أن إنشاء محكمة جديدة فعالة خاصة تلك المحكمة التي تستند إلى الأحكام العامة للشريعة الإسلامية من شانها منح المفاوضين سبل ضغط جديدة لدعم تفاوضهم في القضايا الدولية وخاصة في القضية الفلسطينية وحال إصدار هذه المحكمة لأراء إستشارية تؤكد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره سيدعم ذلك بلا شك المفاوض الفلسطيني كما حدث في الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أعلن عدم مشروعية الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة. فإذا خرجت علينا المحكمة بآراء و قرارات تدعم حقوق الشعوب الإسلامية وفقًا لقواعد القانون الدولى ستمثل إضافة جيدة وستؤكد على أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان .
وأكدت السفيرة، أن مقارنة ومقابلة محكمة العدل الإسلامية الدولية (IICJ) مع المحاكم الدولية الأخرى مثل محكمة العدل الدولية، المحكمة الجنائية الدولية، المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان و الشعوب، محكمة العدل الإفريقية ومحكمة العدل وحقوق الإنسان الأفريقية(مع استبعاد المحاكم الأوروبية بسبب اختلاف طبيعة المنظمات التي تنبثق منها ومستوى التكامل)كلها هيئات قضائية تتعامل مع النزاعات القانونية على المستوى الدولي. ومع ذلك، هناك اختلافات من حيث اختصاصها، الإجراءات القانونية ونطاق السلطة.
و أشارت نجم إلى أن محكمة العدل الإسلامية الدولية تشبه إلى حد كبير محكمة العدل الدولية والمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب أكثر من المحكمة الجنائية الدولية التي تحاكم الأفراد في القضايا الدولية ، و المحكمة الجنائية الدولية تحاكم الأفراد على الجرائم الدولية الخطيرة مثل الإبادة الجماعية، جرائم الحرب، الجرائم ضد الإنسانية، والعدوان ، وهي تركز على المسؤولية الجنائية للأفراد ، بينما المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب تتعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان في الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي ، وكان من المفترض أن تكون محكمة العدل الأفريقية الجهاز القضائي الرئيسي للاتحاد الأفريقي، وتتعامل مع النزاعات القانونية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي وتفسر معاهدات الاتحاد الأفريقي. ومع ذلك، لم يتم تنفيذها بالكامل وتم دمجها لاحقًا مع المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (AfCHPR) لتشكيل محكمة العدل وحقوق الإنسان الأفريقية (ACJHR) .
وأشارت نجم أن محكمة العدل الدولية تساهم في تطوير القانون الدولي، و تعتمد عليه، بما في ذلك المعاهدات، القانون الدولي العرفي، والمبادئ العامة للقانون بينما ستعزز محكمة العدل الإسلامية تطبيق القانون الإسلامي بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ، و أحكامه في القانون الإسلامي (الشريعة) والمبادئ المستمدة من القرآن والسنة ، مع إعتبار ان المبادئ العامة للإسلام والشريعة لا تختلف عن القانون الدولي ، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل.
وأشارت نجم ان نطاق الاختصاص محكمة العدل الدولية اختصاص عالمي، تتعامل مع النزاعات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بينما تركز محكمة العدل الإسلامية على النزاعات بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. وهي ليست إقليمية أيضًا، مما يجعل التنسيق صعبًا بعض الشيء، ولكن في أفريقيا تمكنت المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب من إدارة هذه الاختلافات.
و أصافت نجم، أنه يجوز للمحكمة أن تواصل في غياب أحد الأطراف المحكمة إذا كان لها اختصاص ، وقد تم قبول هذا المفهوم في قضية الفلبين ضد الصين أمام محكمة التحكيم الدائمة ،وقبل ذلك في محكمة العدل الدولية في قضية نيكاراجوا ضد الولايات المتحدة عام 1984 .
وأضافت نجم انه إذا قارنا بالاتحاد الأفريقي ومحكمة العدل الدولية، فإن اختصاص محكمة العدل الإسلامية الدولية يشبه اختصاص محكمة العدل الدولية ولكنه أوسع من اختصاص المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب الذي يقتصر على انتهاكات حقوق الإنسان ، و محكمة العدل الأفريقية لها اختصاص أوسع لأن لديها اختصاص جنائي بالإضافة إلى مسائل التفسير وحقوق الإنسان للتعامل معها.
من جهته، أكد المستشار صالح الرقدان، نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى الكويتي، أن الملتقى يمثل فرصةً لتعزيز التعاون القضائي الإسلامي، مشيدًا بدور الكويت الرائد في دعم إنشاء المحكمة.
وبدوره، شدد السفير جراح جابر الأحمد الصباح، نائب وزير الخارجية الكويتي، على أهمية المحكمة كمنبرٍ لإرساء العدالة وفق الشريعة الإسلامية والقانون الدولي، مع الحاجة لحوارٍ مستمرٍ لبناء منظومة قانونية إسلامية متكاملة.
يُذكر أن فكرة إنشاء المحكمة وُلدت في ثمانينيات القرن الماضي، حيث اعتمدت منظمة التعاون الإسلامي نظامها الأساسي، لكنها ما تزال قيد الإنشاء، مع توقعات بأن يكون مقرها الدائم في الكويت. وتأتي هذه الخطوة في سياق الجهود الإسلامية لتعزيز التضامن وتقديم نموذجٍ قضائيٍ يجمع بين الخصوصية الدينية والاندماج في النظام القانوني العالمي.