نميرة نجم: ”خطة ترامب لترحيل الفلسطينيين تُعدّ إنتهاك للقانون الدولي و تطهير عرقي”
في حلقة نقاشية حديثة في برنامج "العالم هذا المساء" على قناة BBC، يوم الأربعاء، سلطت السفيرة د. نميرة نجم، خبيرة القانون الدولي و شئون الهجرة و المحامية أمام محكمة العدل الدولية لفلسطين، الضوء على تداعيات خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المُثيرة للجدل، و التي تقضي بترحيل الفلسطينيين من غزة إلى مصر و الأردن، و الإستيلاء على قطاع غزة. وقد أثارت هذه الخطة، التي تم الكشف عنها مؤخرًا، ردود أفعال غاضبة و إستنكارًا واسعًا من قِبل المجتمع الدولي، نظرًا لما تنطوي عليه من إنتهاكات صارخة للقانون الدولي و حقوق الإنسان.
و تحدثت د. نميرة نجم، عن إمكانية تفعيل قضية إتهامات جرائم الحرب أمام محكمة العدل الدولية بشكل أكبر، من خلال توسيع نطاقها و إنضمام المزيد من الدول العربية و الإسلامية إليها، التي قد تصبح أداة فعالة لوقف هذا المقترح، و قالت لتحقيق هذه الغاية، نقترح البدء بحراك دبلوماسي في لاهاي، حيث يتم تشكيل مجموعة من سفراء الدول الإسلامية والعربية والغربية. تهدف هذه المجموعة إلى حماية المؤسسات الدولية القانونية، والإستفادة من الديناميكية الحالية التي تسعى لإصدار بيانات للتعامل مع تصريحات الرئيس ترامب منذ انتخابه، والتي تهدف إلى تقويض جهود المحكمة. يمكن لهذه المجموعة أيضًا اقتراح آليات لتوسيع نطاق القضية، مثل تقديم أدلة جديدة أو طلب تدخل منظمات دولية أخرى، مُضيفة هذا من جانب وعلى الجانب الآخر، الإنضمام إلى الدعاوى الدولية هو قرار سيادي لكل دولة، تدرسه و تتخذه بناءً على معطياتها الخاصة. ومع ذلك، هناك أدوات ضغط عديدة، تبدأ برفض الشعب الفلسطيني للتهجير من أرضه. هذا الرفض هو الأساس والأهم، لأننا أمام ملايين البشر الذين يريد رئيس دولة ترحيلهم قسرًا والإستيلاء على أراضيهم لأهداف إقتصادية بحتة، لا تمت بصلة إلى قواعد العمل السياسي الطبيعية، منوهة على أنّ تصرفات ترامب لا تُمثل انتهاكًا للقانون الدولي فحسب، بل تُجسد فكرًا إستعماريًا يقوم على الإستيلاء غير المشروع على الأراضي الفلسطينية وتهجير سكانها قسرًا، وهو ما تُجرمه صراحةً إتفاقية روما التأسيسية. يُضاف إلى ذلك، أنّ هذه الإجراءات تُنكر على الشعب الفلسطيني حقه وتحرمه منه في تقرير مصيره، وهو حقٌ ثابت وفقًا لقرارات الشرعية الدولية و قرارات محكمة العدل الدولية.
وأوضحت السفيرة د. نميرة نجم، أن التصريح الذي يدعو إلى تهجير الفلسطينيين يشكل خرقًا للقانون الدولي، ويرتقي إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية. هذا التصريح لا يقتصر على كونه تهجيرًا قسريًا فحسب، بل يحمل في طياته خطر التطهير العرقي، وهو ما يجعل الأمر أكثر خطورة. إن الدعوة إلى التهجير، في حد ذاتها، تعتبر جريمة بموجب القانون الدولي والقانون الجنائي الدولي، حيث أنها تمثل اعتداءً على أرض دولة أخرى، حتى لو كانت الدولة التي صدر منها التصريح لا تعترف بتلك الدولة.
و أكدت السفيرة د. نميرة نجم، عند الحديث عن الجانب القانوني، كما ذكرت سابقًا، فإن هذا المشهد لا يمت للقانون الدولي بصلة، بل يتعارض معه بشكل كامل. إن استمرار الحديث عن الإبادة، والتأكيد على أن العودة إلى هذه المنازل تعني الإبادة والقتل من جديد، يعني أن رئيس دولة يحرض دولة أخرى، وهي المحتلة وهي إسرائيل، على الاستمرار في ضرب أهل غزة. وقد تجلى ذلك بوضوح في تصريحات المندوب الدائم لإسرائيل في نيويورك اليوم، حين أشار إلى احتمالية، بل حتمية، عودة إسرائيل إلى الحرب مجددًا ضد غزة طالما استمر الوضع على ما هو عليه، لافتة إلى أن إسرائيل لم تستطع طيلة خمسة عشر شهرًا من إخلاء غزة من سكانها، ليس فقط من أجل الإستيلاء على الأرض أو إقامة منتجعات عليها، ولكن أيضًا بسبب مخزون الغاز الذي تعاقدت بالفعل مع شركات دولية على تنقيبه و إستخراجه من المياه الإقليمية الفلسطينية الواقعة على شواطئ غزة. وبالإضافة إلى فكرة تهجير السكان، يتجاوز هذا الأمر الحديث عن حق العودة للفلسطينيين في الشتات.
و أشارت السفيرة د. نميرة نجم، إلى أن القانون الدولي يؤكد أن الإحتلال مؤقت، و يحق لكل لاجئ، سواءً كان خروجه من وطنه طوعاً أو قسراً، اللجوء إلى دولة أخرى بحثاً عن إقامة آمنة، وذلك إلى حين إنتهاء الوضع غير الآمن في بلده. وعند زوال الأسباب المُوجبة للجوء، يحق له العودة إلى وطنه، وحق العودة هذا هو حق أصيل من حقوق الإنسان التي نصت عليها القوانين و المواثيق الدولية، و لا يجوز لأي جهة، بما في ذلك الدولة التي لجأ إليها، أن تنتزع هذا الحق منه، ولا يمكن لأي ظرف أو سبب كان أن يسقط هذا الحق، خاصة بالنسبة للشعب الفلسطيني الذي عانى ولا يزال من اللجوء والتهجير القسري.