جريدة الديار
الخميس 23 يناير 2025 04:28 مـ 24 رجب 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

بالأدلة والآثار.. كشف زيف ”إسرائيل الكبرى”

على مدى العقود الماضية، أبدعت الحركة الصهيونية في صناعة الأكاذيب وترويج الأساطير لتبرير مشروعها الاستعماري القائم على فكرة "إسرائيل الكبرى"، هذه الفكرة التي تدّعي وجود سيطرة يهودية تاريخية تمتد من النيل إلى الفرات، ليست سوى وهمٍ معلق في فراغ الدعاية السياسية التي تفتقر إلى أي سند تاريخي أو أثرى ،هذا السراب الذي يروّج له قادة الاحتلال لتبرير توسعهم الاستيطاني على أراضينا العربية.

لكن هيهات، فالتاريخ لا يرحم، والآثار تشهد، والحق يعلو ولا يُعلى عليه ،وكما يقول المثل "الكذب مالوش رجلين"، وهذا بالضبط حال الادعاءات الصهيونية.

يريدون أرضًا بلا تاريخ، وشعبًا بلا جذور، ليقيموا عليها دولتهم المزعومة.

لكن عبثًا يحاولون، فجذورنا ضاربة في أعماق هذه الأرض، وشواهدنا الأثرية شامخة تشهد على عروبتنا.

فمنذ نشأة الحركة الصهيونية، كان اعتمادها على قراءة مغلوطة للتوراة سلاحًا لخلق "حقيقة مزورة"، تُوظف لتبرير التوسع الاستيطاني ونهب الأراضي العربية.

ولكن كما قال الكاتب الفلسطيني عصام سخنيني في كتابه الجريمة المقدسة: "أمام الأكاذيب الصهيونية، تقف حقائق التاريخ شامخة، لا تعرف التزوير ولا الانحناء."ويؤكد ان محاولات الصهاينة فبركة التاريخ وسرقة التراث الفلسطيني، ورغم عمليات التنقيب المحمومة على مدار سبعين عامًا، لم يتم العثور على أي أدلة أثرية عن الوجود اليهودي المزعوم في فلسطين.

التاريخ والأثر: سيف العدالة ضد الأسطورة

حين نعود إلى الأثر والتاريخ، نجد أن الرواية الصهيونية تنهار أمام وقائع صلبة، فقد كشف العالم الفرنسي جان باتيست هامبرت، خلال حفرياته في غزة، عن بقايا حصن مصري يعود إلى 3200 قبل الميلاد، في منطقة تل السكن جنوب المدينة.

هذه الحفريات تثبت أن غزة كانت قاعدة مصرية متقدمة منذ فجر التاريخ، مما يدل على جذور حضارية أقدم من أي وجود مزعوم للعبرانيين.

ولا يقف الأمرعند ذلك، إذ إن العملات المكتشفة تعيد صياغة الحقائق الاقتصادية والسياسية لفلسطين التاريخية.

فبينما تم العثور على 350 إصدارًا من العملات المضروبة في غزة خلال الفترة الكنعانية، لم تصدر مملكة يهوذا المزعومة سوى 22 إصدارًا فقط.

هذا التفاوت الهائل يكشف مركز الثقل الحقيقي، الذي كان في مدن الساحل الفلسطيني وليس في الداخل الذي تزعم الرواية الصهيونية أنه كان مركز الحضارة.

خرائط مزورة وأوهام مملكة عظمى

أحد الأعمدة التي تعتمد عليها الرواية الصهيونية هو الادعاء بوجود "مملكة إسرائيل العظمى" التي امتدت إلى البحر المتوسط، لكن الأدلة الأثرية تسحق هذا الادعاء.

إذ إن مملكة السامرة – أو "إسرائيل" كما يسمونها – كانت كيانًا محدودًا، حبيس الداخل، ولم تصل إلى السواحل إلا في عهد الحاكم الروماني هيرودس، الذي لم يكن سوى موظف تابع للإمبراطورية الرومانية.

حتى القدس، التي يروجون لها كعاصمة مملكة عظيمة، لم يتجاوز عدد سكانها في القرن السابع قبل الميلاد خمسة آلاف نسمة، وفق ما أكده الباحث الأثري محمد عبد الحميد.

كيف لمثل هذا التجمع الصغير أن يكون مركزًا لإمبراطورية؟

الإبادة التاريخية والذاكرة المزورة

الصراع مع إسرائيل ليس فقط على الأرض، بل يمتد إلى الذاكرة والتاريخ.

إذ تسعى الصهيونية إلى طمس الهوية الفلسطينية وسرقة تراثها.

ورغم سبعين عامًا من التنقيب المحموم، لم يجد علماء الآثار الصهاينة أي دليل يثبت وجود ممالك إسرائيلية عظمى.

بل إن زئيف هيرتزوج، عالم الآثار الإسرائيلي الشهير، اعترف قائلًا: "قصص الآباء في التوراة ليست سوى أساطير."

رسالة التاريخ: فلسطين كانت وستظل عربية

أمام هذا التزييف الممنهج، تبقى الحقائق الأثرية والتاريخية صخرة تتحطم عليها الأكاذيب الصهيونية.

ففلسطين، بمدنها الساحلية المزدهرة مثل غزة وعسقلان وأشدود، وبحصونها التي تعود إلى فجر التاريخ، هي شهادة على عمق الحضارة العربية في المنطقة.

ومهما حاولت إسرائيل إعادة كتابة التاريخ، ستظل الحقيقة واضحة كالشمس: هذه الأرض عربية، بكل ما تحمله من ذاكرة وهوية وشواهد أثرية، وستبقى كذلك رغم غارة المحتلين ومحاولات التزوير.

لأن الحقائق لا تموت، ولأن التاريخ لا يكذب، سيظل الفلسطينيون يقاومون بكل ما يملكون من إرادة وشواهد، يفضحون الأكاذيب وينتصرون للحقيقة.

موضوعات متعلقة