سها جندي تدعو إلى تحويل الهجرة غير النظامية إلى هجرة كريمة في إفريقيا
إفتتحت السفيرة د. نميرة نجم، خبيرة القانون الدولي والهجرة ومديرة المرصد الإفريقي للهجرة، و د. سها جندي، وزيرة الهجرة المصرية السابقة، بالتعاون مع ووفابريزيو بوريتي، مدير شمال إفريقيا في الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، ورشة عمل حول دور المراصد الوطنية في حَوكمة الهجرة في إفريقيا.
جاء ذلك في ورشة عمل بعنوان "دور المراصد الوطنية في حَوكمة الهجرة في إفريقيا"، على هامش مؤتمر دولي حول بيانات هجرة الأطفال وحمايتهم، نظمه المرصد الإفريقي للهجرة بالشراكة مع منظمة الهجرة الدولية والوكالة السويسرية للتنمية، وبالتعاون مع وزارة الخارجية المغربية بمدينة طنجة في المغرب.
رحبت السفيرة د. نميرة نجم في كلمتها بالوزيرة د. سها جندي، والضيوف على دور المرصد الإفريقي للهجرة، مُشيرة إلى أنه مؤسسة أنشأها الإتحاد الإفريقي لتوفير مصدر مركزي ومُوحد للبيانات المُتعلقة بالهجرة وتقديم المُساعدة الفنية والتدريب وبناء القدرات في مجال جمع بيانات الهجرة وتحليلها وإعداد سياسات الهجرة، من بين أمور أخرى، للدول الأعضاء في الإتحاد الإفريقي .
وأوضحت نجم، أن الغرض من هذه الورشة القارية هو تبادل الخبرات بين المراصد الوطنية القائمة، لفهم إحتياجاتها والتحديات التي تواجهها بشكل أفضل، وعلى أهمية تنشيط المراصد الوطنية وفهم الطريقة التي تعمل بها داخليًا .
وألقت السفيرة سها جندي وزيرة الهجرة المصرية السابقة، الكلمة الرئيسية لإفتتاح الورشة وأكدت علي أهمية مُكافحة الهجرة غير النظامية من خلال خلق بدائل وأشكال للهجرة القانونية مع رفع معايير العمل لشبابنا وصقل مهاراتهم كموارد بشرية لخلق فرص لهم للتنافس في سوق العمل الدولي و من ثَمَّ خلق فرص للتدريب من آجل التوظيف.
وأشارت سها جندي، إلى أن العالم الحديث يواجه مُشكلة شيخوخة مُروعة وفجوات في سوق العمل، بينما تواجه البلدان النامية تحديًا مُضادًا تمامًا من حيث زيادة الأيدي العاملة، والشباب الذي يحتاج إلى عمل ومهنة وعائلة لتوفيرها والبحث عن غد أفضل، مُشددة علي أنه لابد من تعاون حقيقي بين الدول والشركاء من أجل إستبدال الهجرة غير النظامية بالهجرة الكريمة في البلدان التي توجد فيها فجوة تتعلق بالشباب، مُؤكدة على العلاقة القوية ما بين الهجرة والتنمية، مُوضحة بعض الأمثلة المُتعلقة بالتحويلات المالية ومُدخرات المُهاجرين في الخارج، و أن مصر أصبحت نقطة جَذب للهجرة مع المستقبل المُزعج للدول الأخرى والحروب والفرص الأقل في البلدان القريبة، فوفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، مصر لديها حوالي 9.2 مليون مُهاجر من السودان وجنوب السودان وسوريا واليمن وإثيوبيا والعراق وفلسطين ولبنان وغيرهم، وهم يتقاسمون مواردها المُحدودة بالفعل ولكن لا يمكننا أن نقول لا للإخوة والجيران عند الحاجة .
ونوهت سها جمدي، على أن سمات الهجرة تتغير عبر الزمن، ولقد تغيرت بالنسبة لمصر التي كانت تعتبر دائمًا أرضًا للعديد من الفرص فقد إعتاد الأوروبيون أصحاب الموارد المُحدودة على القدوم إلى مصر للعثور على فرص عمل في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وقد تغيرت الظروف في القرنين العشرين والحادي والعشرين، حيث كان العديد من المصريين يبحثون عن فرص للعمل والحياة في الخارج، وأن كانت مصر مُؤخرًا أرضا لجذب لأكثر من 9 ملايين شخص من العديد من البلدان، في ذات الوقت الذي خرج منها لـ 14 مليونًا مصري يبحثون عن الهجرة والدراسة والعمل في دول اخرى حول العالم، وليس جميعهم مُهاجرين، فأكثر من نصف المصريين المُقيمين في الخارج بهدف العمل.
وأوضحت الوزيرة، أنها عندما تولت منصبها كوزيرة سابقة للهجرة، كان عدد سكان مصر 104.9 مليون نسمة، 21.1٪ منهم من الشباب (بين 18 إلى 29 عامًا) ، ولكن مصر مثل المغرب ودول شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط الأخرى (نغادر البلاد ولكن البلاد لا تغادرنا أبدًا) نذهب للعمل ولكن في أي مكان وبلد لا ننسى أبدًا أننا مصريون بغض النظر عن عدد السنوات التي نعيشها في مكان آخر، فالمصريون مُرتبطون دائمًا ببلادهم وجذورهم، ويتحدثون يوميًا مع أقاربهم في الوطن، ويستثمرون في وطنهمً، ويشترون العقارات والمنازل والشاليهات على الشاطئ والسيارات ومقابر العائلة لاحقاً - منح الله العمر للجميع حيًا أو ميتًا - ويعود المصري إلى وطنه، والتحويلات المالية للمُهاجرين المصريين إلى الوطن أصبحت ركيزة أساسية للإقتصاد المُتنامي واحدي المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية .
وأضافت الوزيرة، أننا لمُواكبة حركة التغيير في التنقل الإنساني نحتاج إلى آليات وفهم وتحليل ظاهرة الهجرة والي مراصد الهجرة لتبصير صانع القرار لإتخاذ القرار الصحيح في عالم متغير بشأن الهجرات من والي الوطن.
وأضافت وزيرة الهجرة المصرية السابقة، أن إفريقيا هي واحدة من أسرع القارات نموًا في العالم من حيث عدد السكان الذي يبلغ 1373 مليارًا (وفقًا لأحدث تعداد سكاني في يوليو 2021) ، 60٪ من سكان إفريقيا هم من الشباب، الذين تبلغ أعمارهم 25 عامًا أو أقل، إنهم القوة البشرية و الحقيقية وراء التنمية والإستدامة وبالتالي القوة الحقيقية وراء تحقيق أهداف التنمية المُستدامة بحلول عام 2030 إذا كنت تريد القارة تحقيقها حقًا.
وأوضحت الوزيرة، أن إفريقيا حاليًا تشهد نموًا سنويًا مُتوسطًا للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.9٪ ، ومع ذلك، فإن توفير وظائف أفضل وضمان إستدامة النمو والحَدّ من التفاوتات يجب أن تكون في طليعة صنع السياسات من أجل النمو في إفريقيا، لتحسين الرفاهية وتعزيز التصنيع، وفي حالة ما إذا كان صانع السياسات لن يوفر لهم ذلك، فسوف يبحثون المُهاجرون عنه في مكان آخر، والسؤال الآن كيف ينبغي أن يتم تصميم صناعة السياسات لمُعالجة مجموعة مُتنوعة من التحديات في جميع أنحاء القارة؟ هناك حاجة للتكاتف والتعاون الدولي من خلال المُنظمات الدولية والإقليمية وإتحادنا الإفريقي من أجل تحويل الهجرة إلي مُحرك للتنمية وملء فجوات المُجتمعات ذات الحاجة بالعمالة الزائدة عن الإحتياج في دول أخرى، فدون تعاون لن يستطيع العالم أن يحيا ويحقق التنمية المُستدامة المرجوة وأهدافها المُعلن تطبيقها مع حلول ٢٠٣٠، كما أنه دون وجود مراصد للهجرة لن تتمكن الدول من متابعة وتقييم أوضاع إنتقال الأفراد والهجرات في مختلف الدول.
وأكد فابريزيو بوريتي، مدير شمال إفريقيا في الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون على أهمية تبادل الخبرات بين المراصد الوطنية، وفهم التحديات التي تواجهها ودعم بناء قدراتها، وأهمية البيانات الموثوقة عن الهجرة، مُشددًا على الحاجة الدائمة إلى تحديث البيانات، مع العلم أن التحديات الرئيسية هي الإفتقار إلى البيانات نفسها مما يجعل من الصعب وضع سياسات تعتمد على البيانات، كما شدد علي الحاجة إلى وجود مؤسسات مُحددة مثل (المراصد الوطنية واللجنة الوطنية أو وكالة الإحصاء الوطنية) التي تتعامل مع الهجرة، ولتعزيز مهاراتها في جمع البيانات.