بعد حكم الدستورية.. موقف الزيادة الجديدة في شقق قانون الإيجار القديم
بعد عقود من النزاع والعلاقة المتوترة بين المالك والمستأجر بسبب قانون الإيجار القديم.. انتصرت المحكمة الدستورية، برئاسة المستشار بولس فهمي، لأصحاب العقارات المؤجرة وفق قانون الإيجار القديم، وقضت بعدم دستورية المادتين 1 و2 من القانون رقم 136 لسنة 1981، والخاص بتأجير الأماكن السكنية وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر.
تفسير حكم المحكمة الدستورية بشأن عدم دستورية قانون الإيجار القديم
ينظم القانون رقم 49 لسنة 1977 إجراءات ومدة وبنود عقود تأجير وبيع الأماكن، وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، وينظم القانون رقم 136 لسنة 1981 معايير تحديد قيمة أجرة تأجير الأماكن وزيادتها السنوية، وتمثل قوانين الإيجار القديم قنبلة موقوتة؛ لما تتضمنه من أمرين؛ أولهما مدة العقد، وامتداد هذه المدة إلى الورثة، وثانيهما أجرة الإيجار، وزيادته السنوية.
مدة عقد الإيجار القديم
عقد إيجار الشقق السكنية لم يكن محددًا فيه مدة انتهائه، والمعروف بـ”تأبيد عقود الإيجار”، “أي تستمر إلى أبد الآبدين”، وبالتالي فإن الشقة تظل يتوارثها ورثة المستأجر الأصلي حتى الدرجة الثالثة، وفي 14 نوفمبر 2002، تصدت المحكمة الدستورية لذلك الخلل، وقضت بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977، فيما لم تتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذي يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق في شغل العين، بانتهاء إقامة آخرهم بها، سواء بالوفاة أو الترك، وفي عام 2011 حكمت فسرت المحكمة الدستورية الحكم بأن تكون لمرة واحدة.
أثر هذا الحكم هو عدم جواز امتداد العقد إلى أقارب المستأجر المقيمين معه، بحيث يكون مقتصرًا على جيل واحد فقط من ورثة المستأجر الأصلي، وهو “الأبناء والزوجات والوالدين”، ويبدأ العقد معهم وينتهي بوفاتهم، بشرط الإقامة الهادئة المستقرة لمدة سنة على الأقل قبل وفاة المستأجر الأصلي.
تحديد قيمة الإيجار القديم
نص القانون على تشكيل لجنة في كل محافظة لتحديد قيمة الإيجار المناسب لكل منطقة، وقيمة الزيادة السنوية لها، بشرط ألا يتم رفع قيمة الزيادة السنوية للإيجار عن 7% من قيمة الأرض عند الترخيص، والمباني طبقًا للتكلفة الفعلية وقت البناء، وعرف ذلك بـ”تأبيد الأجرة وزيادتها”، وبالتالي يقوم المستأجر أو ورثته من الدرجة الأولى بدفع قيمة إيجارية زهيدة مع حظر زيادتها عن 7% كل عام.
كما أن هذا الحكم يخص الأماكن السكنية فقط مثل الشقق السكنية، وليس للأغراض التجارية والصناعية كالمحلات.
موعد تنفيذ حكم المحكمة الدستورية بشأن قانون الإيجار القديم
وفق منطوق الحكم فإن موعد تنفيذ الحكم سيكون في اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي لمجلس النواب، وهو ما يعني ضرورة قيام البرلمان من الآن وحتى فض دور الانعقاد بصياغة مشروع قانون بتعديل الفقرتين الأولى من المادتين 1 و2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 الخاص بقيمة الزيادة السنوية للإيجار القديم، بالنسبة للوحدات السكنية المؤجرة بهذا القانون، مع الأخذ في الحسبان أن دور الانعقاد العادي بدأ في شهر أكتوبر 2024 الجاري، ويستمر لمدة تسعة أشهر، وعقب انتهائه يبدأ تنفيذ الحكم، أي يرجح أن يكون موعد تنفيذ حكم المحكمة الدستورية بشأن قانون الإيجار القديم هو يونيو أو يوليو 2025.
إلغاء الإيجار القديم
يحمل حكم المحكمة الدستورية تداعيات كبيرة على المواطنين، سواء المالك أو المستأجر، ففي حين ينتظر الملاك تحسنًا في عوائدهم الإيجارية، يتخوف بعض المستأجرين من ارتفاع مفاجئ في قيمة الأجرة.
أثر حكم المحكمة الدستورية على المالك
سيتيح هذا الحكم للملاك إمكانية الحصول على عوائد أفضل من عقاراتهم، خاصةً إذا أقرَّ البرلمان تعديلات ترفع من قيمة الأجرة أو تحدد زيادات سنوية تتماشى ومعدل التضخم، ويعاني العديد من الملاك من عوائد إيجارية ضئيلة على وحداتهم، ما دفع البعض إلى ترك عقاراتهم غير مستغلة أو بيعها بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية، بسبب تقييد العوائد.
أثر حكم المحكمة الدستورية على المستأجر
يشكل هذا الحكم تحديًا للمستأجرين، الذين اعتادوا لسنوات طويلة على دفع إيجارات ثابتة ومخفّضة، وإذا لم يتم تعديل القانون على نحو متوازن، قد يتعرضون لزيادات كبيرة في الأجرة، أو احتمالية طردهم من العقارات، لذا، يتعين على البرلمان وضع آليات تدعم التدرج في رفع الأجرة، بحيث تراعي الظروف المعيشية، وتتجنب الزيادات المبالغ فيها.
عدد شقق قانون الإيجار القديم
تشير الإحصائيات إلى أن عدد الوحدات السكنية الخاضعة لقانون الإيجار القديم يتراوح بين 2.5 إلى 3 ملايين شقة في مصر، وهو رقم ضخم يُظهر مدى تأثير هذا النظام على سوق العقارات.
النائب إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، قال في تصريحات صحفية سابقة، إن نحو 50% من هذه الشقق غير مستخدمة فعليًا، إذ يحتفظ بها المستأجرون دون استغلالها، ما يؤدي إلى إهدار موارد إسكانية، في وقت يعاني فيه السوق من نقص الوحدات المتاحة.
ويرى الخبراء أن فتح المجال أمام تعديل الأجرة قد يُسهم في إعادة طرح هذه الوحدات إلى السوق، إما عبر إخلائها وتسكينها من جديد، أو بتوفيرها لمن يحتاجون إلى سكن بأسعار تتماشى وأسعار السوق حاليًّا، وبالتالي قد يسهم حكم المحكمة الدستورية على نحو غير مباشر في تخفيف أزمة السكن، وتحقيق استخدام أكثر فعالية للشقق السكنية.
آليات تنفيذ حكم المحكمة الدستورية بشأن قانون الإيجار القديم
يشهد البرلمان في الشهور المقبلة آلية تنفيذ قرار المحكمة الدستورية، عبر نقاشات مكثفة لصياغة قانون جديد يضبط العلاقة بين المالك والمستأجر، وفي ضوء حكم المحكمة يتناول التشريع الجديد عدة نقاط أساسية، أبرزها:
- إقرار زيادات سنوية عادلة تتماشى ومعدلات التضخم وارتفاع الأسعار، بحيث تضمن للملاك عائدات تتناسب مع الظروف الاقتصادية، من دون إرهاق المستأجرين بزيادات كبيرة فجائية.
- تنظيم امتداد العقود والحد من استمرار العقود إلى الأبد، بحيث ينتهي عقد الإيجار بوفاة المستأجر الأساسي أو انتقال ملكية العقار، لتجنب انتقال الملكية دون عائد معقول للمالك.
- توفير بدائل للمتضررين، والنظر في توفير دعم سكني للمستأجرين ذوي الدخل المحدود، الذين قد يتأثرون بارتفاع قيمة الإيجار القديم، سواء عبر دعم مباشر أو توفير وحدات سكنية بديلة.
- تحديد فترة زمنية محددة لعقود الإيجار، بحيث ينتهي عقد الإيجار بعد انتهاء هذه الفترة، ويحق للمالك إخلاء المستأجر عند انتهاء العقد.
- منح المالك الحق في زيادة قيمة الإيجار على نحو عادل، بحيث لا يتسبب في تضرر المستأجر.
- توفير آلية واضحة لحل النزاعات بين المالك والمستأجر، بحيث لا يضطر أحدهما للجوء إلى القضاء.