هل تأثم الأم إذا رفضت حضانة أولادها بعد الطلاق؟
لعل ما يطرح السؤال عن هل تأثم الأم إذا رفضت حضانة أولادها بعد الطلاق ؟، هو كثرة حالات الطلاق مؤخرًا دون وضع اعتبارات لوجود أولاد، بل إن ما يزيد الطين بلة هو تخلي الأم عن أبنائها، ومن ثم ينبغي الوقوف على حقيقة هل تأثم الأم إذا رفضت حضانة أولادها بعد الطلاق؟
قالت الدكتورة إيمان محمد، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن بعض الأمهات يشعرن بالعجز عن تربية أبنائهن بسبب الطلاق.
وأوضحت " محمد" في إجابتها عن سؤال : هل تأثم الأم إذا رفضت حضانة أولادها بعد الطلاق وهل تأثم الأم المتخلية عن أبنائها بعد الطلاق؟، أن بعض الأمهات يعتقدن أن الأطفال سيقضون معظم الوقت مع والدهم.
وتابع: مما يبرر تخليهن عن مسؤولية تربيتهم في بعض الحالات، ويتسألن هل تأثم الأم؟، منوهة بأن الأم تتحمل مسؤولية كبيرة في حياة أبنائها، وخاصة في المراحل العمرية التي يحتاج فيها الأطفال لرعايتها.
وأضاف أنه إذا كانت الأم قادرة على رعاية أبنائها في مرحلة عمريّة حرجة، ويحتاجون إلى وجودها، فإنها ستكون مقصّرة إذا تخليت عن هذا الدور، والأمومة هي من أعظم أدوار المرأة، ومن المفترض أن تكون الأولوية الأولى لها.
ونبه إلى أن مرحلة الطفولة تتطلب وجود الأم وتوجيهها ورعايتها، خصوصًا في الأوقات التي يكون فيها الأب غير قادر على تقديم الرعاية الكافية، وقد يكون الأب مسؤولًا عن النفقة.
واستطرد : ولكن ذلك لا يعني أن الأم تتخلى عن دورها الأساسي في التربية، الأمومة هي الدور المنوط بالمرأة، وهي من أعظم أدوارها في الحياة، مشيرة إلى أن الانفصال بين الزوجين قد يؤثر على الأطفال، ولكن على الأم أن تدرك أهمية دورها في حياة أبنائها ولا تتخلى عن مسؤوليتها مهما كانت الظروف.
حكم رفض الأم حضانة أولادها
ورد أن الحضانة حق للأم لا عليها فلا تجبر عليها إلا إذا لم يوجد حاضن غيرها، وإذا سقطت حضانتها أو تنازلت عنها انتقلت الحضانة إلى من هي أولى بها حسب الترتيب الذي ذكره الفقهاء، وليس لها الحق في طردهم من بيت أختها، وخاصة إن كانت حضانتهم حقا لأختها.
وننصح بهذه المناسبة بالحذر من جعل الأولاد طرفا في الخلاف بين الزوجين، فهذا له آثاره السالبة عليهم في الغالب، ولا يجوز شرعا منع الأم من رؤيتهم ولو كانت حضانتهم عند غيرها، وليس هنالك طريق مشروع لمنعها هذا الحق.
ولا ندري ما تعني بمنعها من الأمومة، فإن كان المقصود كونها أما لهم فلا سبيل إلى إسقاط ذلك البتة، وإذا كانت على ما ذكرت من كونها متآمرة أو خائنة أو سارقة فهي مسيئة بذلك، إلا أن هذا لا يمنعها من رؤية أولادها وينبغي أن تنصح بالتوبة من ذلك كله.
حكم تنازل المطلقة عن حضانة الطفل لتتزوج
ورد أن من حق المرأة المطلقة أن تتخلى أو تتنازل عن حضانة أولادها إذا كان وجود الأطفال مع الأم المطلقة يمنعها من الزواج – أو يقلل فرصتها فيه- كما هو واقع في كثير من البلاد، وحينئذ يتدخل الحاكم الشرعي، ويلزم الأب بالقيام بمسئوليته تجاه أولاده.
وورد أن الأصل في حضانة الأطفال أن تكون للأم ، إذا حصل الطلاق بين الزوجين، فالأصل في حضانة الأولاد الصغار أن تكون للأم، ما لم تتزوج، وقال ابن المنذر رحمه الله تعالى: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الزوجين إذا افترقا ولهما ولد طفل، أن الأم أحق به ما لم تنكح...وقد روينا عن أبي بكر الصديق أنه حكم على عمر بن الخطاب، وقضى بعاصم لأمه أم عاصم. وقال: حجرها، وريحها، ومسها: خير له منك، حتى يشب فيختار.
وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن لا حق للأم في الولد إذا تزوجت. وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (هي أحق بالولد ما لم تتزوج. " انتهى من "الاشراف" (5 / 171). فإذا تزوجت انتقل حق الحضانة إلى أقرب أقارب الطفل، كأبيه أو جدته الأقرب فالأقرب.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: "وقد ضبط هذا الباب شيخنا شيخ الإسلام ابن تيمية بضابط آخر، فقال: أقرب ما يضبط به باب الحضانة أن يقال: لما كانت الحضانة ولاية تعتمد الشفقة والتربية والملاطفة، كان أحق الناس بها أقومهم بهذه الصفات، وهم أقاربه يقدم منهم أقربهم إليه، وأقومهم بصفات الحضانة.
وجاء أنه إذا اجتمع منهم اثنان فصاعدا، فإن استوت درجتهم، قدم الأنثى على الذكر، فتقدم الأم على الأب، والجدة على الجد، والخالة على الخال، والعمة على العم، والأخت على الأخ، فإن كانا ذكرين أو أنثيين، قدم أحدهما بالقرعة، يعني مع استواء درجتهما، وإن اختلفت درجتهما من الطفل، فإن كانوا من جهة واحدة قدم الأقرب إليه.
وورد أن بهذا الضابط يمكن حصر جميع مسائل هذا الباب وجريها على القياس الشرعي، واطرادها وموافقتها لأصول الشرع، فأي مسألة وردت عليك، أمكن أخذها من هذا الضابط، مع كونه مقتضى الدليل، ومع سلامته من التناقض، ومناقضة قياس الأصول، وبالله التوفيق " انتهى من "زاد المعاد" (5 / 402 - 403).