”نمرة نجم” تحذر من تزايد أعداد كبار السن المُهاجرين في إفريقيا وتدعو إلى حمايتهم
أعلنت السفيرة د. نميرة نجم، أثناء كلمتها في المؤتمر العالمي لدعم ورعاية البالغين "من الوصاية على البالغين إلى الإستقلال الشخصي" الذي نظمته كلية الحقوق بجامعة بوينس آيرس بالإشتراك مع الشبكة الدولية للوصاية وإنعقد لمدة أربعة أيام بالأرجنتين، تحت عنوان حماية كبار السن من المُهاجرين بين الوصاية والدعم، عن تصريحاتها في قضية بالغة الأهمية تتعلق بفئة غالبًا ما يتم تجاهلها في نقاشات الهجرة، ألا وهي كبار السن من المهاجرين.
إفتتح المؤتمر القاضي هوراسيو روساتي رئيس محكمة العدل العليا في دولة الأرجنتين، وأدار الجلسة البروفيسور مايكل جانر من معهد القانون المدني في جامعة إنسبروك في النمسا، و حضر اللقاء رئيسة المؤتمر إيزولينا دابوف ورئيس المجلس الإستشاري للرئيس الأرجنتين، ومن وزارة الخارجية الأرجنتينية السفيرة ماري لوز ميلون، وستيفن هيل الأمين التنفيذي للمعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون (IIJ) ، والدكتورة سالي بالش هيرمي من المجلس الاستشاري لشبكة الدولية للوصاية.
قالت السفيرة د. نميرة نجم، خبير القانون الدولي و مديرة المرصد الإفريقي للهجرة، إن حماية كبار السن من المُهاجرين، الذين نضعهم في فئة الأشخاص المَنسيين الذين يجدون أنفسهم في كثير من الأحيان في مواقف هشة، فوفقًا للتوقعات السكانية العالمية للأمم المتحدة، من المُتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا أو أكثر في إفريقيا من 69 مليونًا في عام 2017 إلى 226 مليونًا بحلول عام 2050
وأشارت نجم، إلى إنه مع إستمرار ونمو إرتفاع عدد كبار السن، بما في ذلك كبار السن المُتنقلين، أصبحت تلبية إحتياجاتهم الخاصة أكثر إلحاحًا، وهناك العديد من الدول الإفريقية تتبع الشريعة الإسلامية، التي أسست نظامًا عميقًا لحماية كبار السن، حيث أن الثقافة الإفريقية تحترم السن وعادة ما يحظى كبار السن بمكانة مُحترمة في المجتمع، ومع ذلك، فإن التغيرات في الثقافة المُرتبطة بالتحضر والتغيرات في المجتمع تؤثر بشكل كبير على رفاهية كبار السن.
وتابعت نجم، لا نريد أن أرسم صورة مزهرة أو قاتمة للوضع، لكن الأعراف الإجتماعية تلعب دورًا كبيرًا بالإشتراك مع الهياكل القانونية في تحديد وضع كبار السن في المجتمع، وإذا كان المجتمع والقانون يحميان كبار السن، فماذا نفعل هنا؟، نحن هنا لبحث قضايا المُهاجرين الأكبر سنًا المعرضين لخطر الإهمال، خاصة مع عدم معرف البيانات التي توضح عدد المُهاجرين المُسنين ولكن ما نعرفه هو أن القارة الإفريقية تتميز بـ "حركات سكانية مُعقدة بما في ذلك اللاجئين وطالبي اللجوء والمُهاجرين لأسباب إقتصادية وضحايا الإتجار والمُهاجرين المُهربين والقصر غير المصحوبين وغيرهم"، فضلاً عن المُهاجرين من الريف إلى المدن، والنازحين داخليًا، في عام 2023، بلغ عدد النازحين داخليًا في إفريقيا 29 مليونًا، وهو ما يمثل نصف عدد النازحين داخليًا في العالم البالغ 59.1 مليونًا نازحا، ويرجع ذلك لأسباب رئيسية وهي الصراعات وعدم الإستقرار السياسي والكوارث الطبيعية مثل الجفاف والفيضانات، كما تستضيف إفريقيا 800 ألف طالب لجوء، وهو ما يمثل 12%، من طالبي اللجوء على مستوى العالم البالغ عددهم 6.5 مليون طالب، كما أنها موطن لـ 6.3 مليون لاجئ، أي ما يمثل 30% من 21 مليون لاجئ على مستوى العالم، ومن ثَمَّ، فمن الواضح أن وضع المُهاجرين المُسنين محفوف بالتحديات بسبب نقاط الضعف المُتأصلة لديهم، وهذا يثير أسئلة حاسمة: هل هناك أي شكل من أشكال الحماية والوصاية والدعم الممنوح لهم؟ مع الأخذ في الإعتبار أن الغالبية العظمى من الهجرة تحدث داخل القارة نفسها، وللحصول على حماية أفضل للمُهاجرين المُسنين في إفريقيا، من الضروري دراسة الصكوك القانونية الموجودة في هذا المجال، وهذا السياق المُحدد وتقييم ما إذا كانت هذه الصكوك توفر الحماية الحالية والكافية والوصاية والدعم لهؤلاء السكان الضعفاء.
جاء ذلك أثناء كلمة السفيرة د. نميرة نجم، تحت عنوان حماية كبار السن من المُهاجرين بين الوصاية والدعم في المؤتمر العالمي لدعم ورعاية البالغين "من الوصاية على البالغين إلى الإستقلال الشخصي" الذي نظمته كلية الحقوق بجامعة بوينس آيرس بالإشتراك مع الشبكة الدولية للوصاية وإنعقد لمدة أربعة أيام بالأرجنتين.
وعلي صعيد الأدوات القانونية لحماية المُهاجرين المُسنين على مستوى الإتحاد الإفريقي، قالت السفيرة، نحن تحترم الدول الأعضاء التقاليد، مثل مفهوم العصبية، الذي قدمه ابن خلدون، يُسلط الضوء على أهمية التماسك الإجتماعي والتضامن الإجماعي، ويعزز دور الروابط الأسرية القوية والمسئولية المجتمعية في رعاية المُسنين، وعلى نحو مماثل، تعزز فلسفة أوبونتو، التي تجسد فكرة "أنا موجود لأننا موجودون"، قيم التعاطف والإحترام والدعم المُتبادل، مما يضمن رعاية كبار السن بكرامة داخل مجتمعاتهم، ويجسد مفهوم تارانجا من غرب أفريقيا الضيافة واللطف، ويدافع عن الواجب الإجماعي للمجتمع لدعم وتكريم أعضائه المُسنين، وتوفر هذه المبادئ الثقافية وعناصر المعايير المحلية الإفريقية إطارًا قويًا لفهم وتعزيز رعاية كبار السن في السياق الإفريقي. وهي تؤكد على الحاجة إلى سياسات تدعم الأدوار التقليدية للأسر والمجتمعات في تقديم الرعاية، وتعزيز التماسك الاجتماعي، والاستفادة من القيم الثقافية لضمان رفاهية كبار السن.
ولهذه الأسباب، لدينا الأدوات القانونية التالية التي تهدف إلى حماية كبار السن بما في ذلك المهاجرين المسنين.
ونوهت نجم، إلى هذه الأدوات تشمل من بين أمور أخرى أجندة 2063، إفريقيا التي نريدها، والتي تشبه أجندة 2030 للأمم المتحدة، وبروتوكول 2016 للميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق كبار السن في إفريقيا، وإتفاقية الإتحاد الإفريقي لعام 2009، لحماية ومساعدة النازحين داخليًا في إفريقيا (إتفاقية كمبالا) ، وخصص إطار سياسة الهجرة لإفريقيا 2018-2030 وخطة العمل الخاصة به قسمًا لحماية حقوق المُهاجرين المُسنين.
وعلى المستوى القاري، توجد آليات قائمة ومُصممة ومُخصصة لحماية المُهاجرين المُسنين ودعم حقوقهم، بما في ذلك القدرة على إتخاذ قراراتهم بأنفسهم، والتشاور معهم، وتلقي الحماية الإجتماعية، والرعاية الصحية، وخدمات الرعاية طويلة الأجل، وفرص العمل، والتعليم، والوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والإتصالات، ومع ذلك، يظل السؤال الرئيسي: هل آليات الحماية هذه فعالة وكافية في الممارسة العملية؟
و أكدت السفيرة نجم، أن فعالية وكفاية أداة الحماية للمُهاجرين المُسنين، فإن حقوق كبار السن بما في ذلك المُهاجرين المُسنين مُحددة في إتفاقيات وبروتوكولات الإتحاد الإفريقي المختلفة، ومع ذلك، تكافح هذه الأطر القانونية من أجل التنفيذ الكامل على أرض الواقع بسبب الإفتقار إلى الإهتمام بكبار السن، الذين قد يتعرضون للتمييز أمام القانون، وداخل أسرهم ومجتمعاتهم.
وأشارت السفيرة نجم، إلى انه في الواقع، لا يتمتع العديد من كبار السن بإمكانية الوصول إلى الضمان الإجتماعي والرعاية الصحية والتعليم والحماية القانونية، وغالبًا ما يُحرمون من الحق في المشاركة في أنشطة التنمية، لافتة إلى أنه لجعل الأدوات القانونية المذكورة أكثر فعالية، فهي بحاجة إلى تدجين على المستوى الوطني، مع تخصيص موارد كافية لتقديم الخدمات المُرتبطة بها، فنادرًا ما تصل قضايا إنتهاك الحقوق ضد كبار السن والمُهاجرين المُسنين إلى المحاكم، لأسباب عديدة قد تشمل جهلهم بحقوقهم.
وأوضحت السفيرة نجم، أن من أجل تحسين الوضع لكبار السن في إفريقيا، وخاصة المُهاجرين المُسنين، أوصي بتعزيز جمع البيانات والبحث، وإنشاء قواعد بيانات شاملة وقابلة للتشغيل المُتبادل لجمع معلومات دقيقة ومفصلة عن المُهاجرين المُسنين، ويمكن للجهود التعاونية مع المؤسسات الأكاديمية والمنظمات الدولية ضمان موثوقية وشمولية البيانات، وتطوير برامج تستفيد من المبادئ الثقافية الإفريقية مثل أوبونتو وتارانجا، فيجب أن تعزز هذه البرامج أنظمة الرعاية المجتمعية حيث يتم تمكين الأسر والمجتمعات من دعم أعضائها المُسنين، بما في ذلك المُهاجرين المُسنين، وتنفيذ مشاريع بين الأجيال تشمل الشباب وكبار السن، وتعزيز الدعم المُتبادل والتفاهم، ويمكن أن تشمل هذه المشاريع برامج الإرشاد والتبادل الثقافي ومُبادرات الخدمة المجتمعية، تقديم عيادات صحية مُتنقلة يمكنها الوصول إلى المناطق النائية والمحرومة حيث قد يقيم المُهاجرون المسنون، والإستثمار في الطب عن بعد لتوفير الدعم الصحي المُستمر للمُهاجرين المُسنين، وخاصة أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية، وتعزيز وتنسيق الأطر القانونية لضمان تغطيتها الشاملة لحقوق المُهاجرين المُسنين، ويشمل ذلك الحماية الصريحة ضد التمييز، والوصول إلى الخدمات الإجتماعية، والإدماج في عمليات صنع القرار وإنشاء آليات رصد وتقييم قوية لتقييم فعالية هذه الأطر بانتظام ، وإشراك منظمات المجتمع المدني في هذه العملية يعزز الشفافية والمساءلة ، و توفير تدريب متخصص لمسئولي إنفاذ القانون والموظفين القضائيين والعاملين الاجتماعيين بشأن حقوق واحتياجات المهاجرين المسنين ، وينبغي أن يركز هذا التدريب على الكفاءة الثقافية وحقوق الإنسان، وتدريب العاملين والمتطوعين في مجال الصحة المجتمعية لدعم المُهاجرين المُسنين، وضمان حصولهم على الرعاية والمساعدة الحساسة ثقافيًا، وإطلاق حملات تثقيفية عامة لزيادة الوعي بحقوق ومساهمات المُهاجرين المُسنين تُسلط الضوء على قصص النجاح والأمثلة الإيجابية لمُكافحة الصور النمطية والتمييز، و التواصل مع وسائل الإعلام المحلية للترويج للروايات الإيجابية حول المُهاجرين المُسنين، والتأكيد على دورهم في الحفاظ على التراث الثقافي والمُساهمة في الحياة المجتمعية، وتشكيل تحالفات مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والهيئات الدولية للدفاع عن تدجين المعاهدات المتعلقة بالمهاجرين المسنين ، والاستفادة من المنصات الرقمية ووسائل التواصل الإجتماعي لتحقيق نطاق أوسع من الوصول والمشاركة، وتنظيم الحوارات السياسية وورش العمل مع أصحاب المصلحة الرئيسيين، بما في ذلك صناع السياسات وقادة المجتمع وكبار السن، لمناقشة أهمية وفوائد تدجين المعاهدات، وتحديد ودعم أبطال التشريع الذين يمكنهم الدفع نحو إعتماد المعاهدات ذات الصلة في البرلمانات الوطنية، و إطلاق حملات عامة تُسلط الضوء على قصص النجاح وأفضل الممارسات من البلدان التي نجحت في تدجين هذه المعاهدات وتنفيذها.
ومن خلال تبني هذه الإستراتيجيات المُبتكرة والمُجدية، يمكن لإفريقيا أن تخلق مجتمعًا أكثر شمولاً وعدالة يحترم حقوق الجميع.