حكايات وأسرار ضريح السبع بنات بالمنيا
قباب تفوح منها رائحة الشهداء، تتجلى منه روحانيات تهز القلوب، وتقشعر منها الأبدان من هيبة المكان وعظمته، هى منطقة شهداء البهنسا ببنى مزار شمال محافظة المنيا، أو البقيع الثانى كما يطلق عليها، فهى تضم شهداء الفتح الإسلامى لمصر من الصحابة والتابعين؛ حيث تضم نحو خمسة آلاف ضريح، وبها عديد من قبور الصحابة الذين شاركوا في غزوة بدر؛ لذا فقد اكتسب المكان قداسة بالغة عند المصريين حيث استوجب عليهم أن يخلعوا نعالهم قبل أن يطأوا هذه الرمال المختلطة بدماء الشهداء الزكية ليتحول هذا المكان إلى مقصد المريدين والمحبين.
وبين جنبات هذا المكان الروحانى نجد منطقة السبع بنات هذا المكان الذى اكتسب قدسيته من القصص التى تدور حولهم حيث يروى عنهم أنه مع دخول جيش عمرو بن العاص إلى مصر لقتال الروم، لحقت مجموعة من النسوة بالجيش العربي، إذ ارتدين ملابس رجال وقاتلن معهم، فتسلل الروم ليلاً وذبحوهن، وبعدها دفن معًا، وعددهن سبع، وكانت الأرض قد امتلأت بدمائهن.
فحولت دماء الفتيات السبع التي تشبعت بها الأرض الى مكان مقدس مضاف إليها مقابرهن وبه قبة أثرية؛ حيث يقع القبر السابع بجوار البئر الأثري من الناحية الغربية، ويحوي المكان أيضًا بئرًا قديمًا عمقها 15 مترًا تحت الأرض، ومياه لا تنقص.
ويُعد مزار السبع بنات قِبلة الأهالي في شهري شعبان ورمضان، حيث يجمع بين عبق التاريخ والنفحات الروحانية.
ويتكون مزار السبع بنات من قبة أثرية كبيرة، محاطة بسور حديدي، وتضم القبة سبعة أضرحة، ستة منها داخل القبة، وواحد خارجها، والقبة مبنية من الطوب اللبن، وتغطيها خوذة مدببة، أما الأضرحة فهي مبنية من الحجر، وتغطيها زخارف إسلامية.
وللتمرغ طقوس معروفة فى تلك المنطقة حيث تبدأ بنوم الزائر أو الزائرة على جنبه الأيمن ثم يتم دفعة على الرمال للتبرك والإنجاب، وخاصة فى كل يوم جمعة تتوافد إليه أعداد غفيرة بقصد التبرك والشفاء ويواظب الزائرون على ممارسة الطقوس، بداية من خلع أحذيتهم ثم الدعاء وبعدها يطوفون في شكل دائري حول الأضرحة المتباعدة قليلاً، ومنها للمنحدر الرملي وبه يتمرغ أو يتدحرج الرجال والنساء حسب معتقداتهم.
وكانت منطقة البهنسا عاصمة الإقليم لفترات طويلة من الزمن وأول ما سقط فى يد الجيش الإسلامى عند الفتح هى البوابة الشمالية بالمنطقة، و تبعد منطقة شهداء البهنسا عن مركز بنى مزار، ما يقرب من 16كيلو، وأشهر من استشهد ممن شهد غزوة بدر هو سليمان ابن خالد ابن الوليد وغيره من الصحابة.
وتضم المنطقة عدد كبير من مقابر صحابة النبي صلي الله علية، لذلك عرفت باسم أرض الشهداء أو البقيع الثاني لكثرة المسلمين الذين استشهدوا بها اثناء الفتح الاسلامي للبهنسا. وفتحها قيس بن الحارث المرادي سنة 22 هجرية وسميت ولاية البهنسا لتمتد من منطقة الواسطي حتى سمالوط، واستمرت كعاصمة الإقليم حتى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي.
ومن أشهر المزارات والمعالم التاريخية بقرية البهنسا قبة السبع بنات، ومقــام سيدي جعفر وعلى أولاد عقيل بن علي ابن أبى طالب، وقبـة التكرورى، ومقـام سيدي الأمير زياد بن الحارث بن ابى سفيان بن عبد المطلب، ومقـام ابان بن عثمان بن عفان، وقبـة محمد بن ابى عبد الرحمن بن ابى بكر الصديق، وأيضا مسجد الحسن الصالح بن زين العابدين بن الحسين بن على بن ابى طالب.
وتضم أيضا منطقة شهداء البهنسا، إحدى القباب التى يرقد بها 12 من الشهداء الذين شاركوا فى غزوة بدر مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وحضروا إلى المنيا فى الفتح الإسلامية مع عمرو ابن العاص فى فتح مصر ، ومنهم القعقاع ابن عمرو التميمي ، وعقبة ابن عامر الجهمى، وميسرة ابن مسروق العبسى، ومالك ابن اشتر الربعى ، وذو القلاع الحمرى، وهاشم ابن المرقال.