هل أقوم من مكان به غيبة ونميمة؟ شاهد رد الإفتاء
قال الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه يجب على الإنسان إذا سمع أحد يغتاب غائبًا؛ أن ينهاه وإن لم يستطع يفارق المجلس.
وأوضح «ممدوح» فى إجابته عن سؤال ورد إليه يقول صاحبه: «ماذا تفعل إذا سمعت شخصًا يغتاب آخر ؟»، أنه لا يشترط أن ينهى الإنسان صراحةً من يقوم بالغيبة فى حق غيره؛ فلا يقول له «لا» صراحةً.
وتابع: "بل يمكن للشخص عندئذ أن يذكر مساوئ الغيبة للمغتاب ويقول له على سبيل المثال: ( إن فيه من الحسنات كذا وكذا، لا داع لذكر مثل هذا الكلام) ، وذلك للفت نظر من يتحدث أنه على خطأ.
جدير بالذكر أن الغيبة تعنى أن يذكُرَ المسلم أخاه بما يكره في عدم حُضوره وغيابه عنك بأمور موجودة لديه، سواءً أن تستهزء به أو تُقلل من شأنه أو تُظهر بعضًا من عيوبه ونقائصه وتحدّثَ الناسَ بها، فإن كانَ ما ذكرتهُ عنه بما يكره وهوَ ليسَ موجودًا فيه فقد افتريت عليه ويسمى بذلك بُهتانًا.
وبيّنَ ذلكَ قولُ النبيّ - عليهِ الصلاةُ والسلام- في الغيبة والبُهتان، فقد رودَ في صحيح مُسلم أنَّ النبيّ- عليهِ الصلاة والسلام- قال: «الغيبة ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فقد بهته».
عواقب وخيمة تعود على من يتتبع عورات الناس
قال الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن تتبع عورات الآخرين من الأخلاق السيئة والأمور المحرمة التي تزرع الأحقاد في النفوس وتُشيع الفساد في المجتمع.
وأضاف "الورداني"، خلال برنامج "ولا تعسروا"، المذاع عبر القناة الأولى، أن من كان حريصا على أن يسمع ويتتبع عورات الآخرين تحدث له ثلاث مصائب، وهي: الأولى: بدلا من أن يغير من نفسه للأفضل تأتي نفسه الأمارة بالسوء وتجعله يتتبع أسرار الآخرين حتى تهون عليه بلوته، ولكن ستزيد عليه نكبته وسيكون كسولا أن يغير من نفسه شيئا، الثانية: أكثر أمر يمحق البركة فى الحياة هو تتبع عورات الآخرين لأنه يشعر أن المجتمع ملوث مثله، أما المصيبة الثالثة: هى أنه يهون عليه سره فيقول “ما كل الناس بتحكي أسراره”، فهو بذلك يكشف ستر الله عليه.
وتابع قائلاً: “فبدلا من أن تكشف سرك تكلم وتحاور مع أهل بيتك، أو هناك حل آخر وهو عندما تشعر أنك تريد أن تحكي أسرارك دونها فى مذكرة، حاول أن تكون صاحب حكمة وكن حريصا على ألا يطلع أحد على هذا الكلام الذي دونته”.
تحريم الغيبة في الإسلام
نهى الله- تباركَ وتعالى- عن الغيبة، كما جاء في القُرآن الكريم في سورة الحُجرات، حيثُ يقول- سُبحانهُ وتعالى-: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ، وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ، وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ، بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ، وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ، وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ».
وينوه فى شرح الآية أن النهيٌ فيها شديد وزجرٌ واضح عن الوقوع في الغيبة، وتشبيه الشخص الذي يغتاب أخاه كمن يأكُلُ لحمَ أخيهِ وهوَ ميّت، وهذا تشنيعٌ للفعل وردعٌ للواقعين فيه.
خطر الغيبة على الأفراد والمُجتمعات
تورث الغيبة بين الناس الشحناء والبغضاء، خُصوصًا إذا وصَلَ للشخص الذي اغتبته كلامَكَ فيه، فيحصُلُ عندها التقاطع والتباغُض، وكذلك تنشُرُ الغيبة أجواء من الكراهية وعدم الثقة بمن حولَكَ من الناس، فأنت عندما تكون بين بيئة يغتاب بعضهُم بعضًا فأنت بلا شكّ سيغتابونك وأنت لست حاضرًا معهم، وهذا يقتل الثقة بالآخرين ويُطفئ الودّ ويجعل الكراهية في صدرك لمن حولك، وهذا من عظيم خطر الغيبة على الفرد والجماعة.