موضوع خطبة الجمعة اليوم فى مساجد مصر .. ”حق الله فى المال”
تعرف علي موضوع خطبة الجمعة اليوم فى مساجد مصر .. "حق الله فى المال" ..
حيث يؤدى أئمة المساجد خطبة الجمعة الأخيرة من شهر مايو 31/ 5/ 2024 بعنوان "حق الله فى المال" وهو الموضوع الذى حددته وزارة الأوقاف فى وقت سابق، مشددة على الأئمة ضرورة الالتزام بموضوع الخطبة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير وألا يزيد زمن الخطبة عن 15 دقيقة، لتكون ما بين عشر دقائق وخمس عشرة دقيقة للخطبتين الأولى والثانية معا كحد أقصى، مع التأكيد على أن البلاغة الإيجاز، ولأن ينهى الخطيب خطبته والناس فى شوق إلى المزيد خير من أن يطيل فيملوا، وفى الدروس والندوات والملتقيات الفكرية متسع كبير.
وشددت على الأئمة ضرورة الالتزام بموضوع الخطبة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير وألا يزيد زمن الخطبة عن 15 دقيقة، لتكون ما بين عشر دقائق وخمس عشرة دقيقة للخطبتين الأولى والثانية معا كحد أقصى، مع التأكيد على أن البلاغة الإيجاز، ولأن ينهى الخطيب خطبته والناس فى شوق إلى المزيد خير من أن يطيل فيملوا، وفى الدروس والندوات والملتقيات الفكرية متسع كبير.
حقُّ اللهِ في المالِ
الموضوع
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابِهِ الكريمِ: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}(الأنعام)، وأشهدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ وهو علي كلِّ شيءٍ قديرٍ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ البشيرُ النذيرُ، والسراجُ المنيرُ سيُّدُ الأولينَ والآخرين، أرسلَهُ ربُّهُ رحمةً للعالمين، وعلي آلِهِ وأصحابِهِ أجمعين، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلي يومِ الدين.
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024م بعنوان : حق الله في المال
أولًا: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}.
*عبادَ الله: إنَّ هذا المالَ الذي بأيدِينَا مالُ اللهِ استخلفنَا اللهُ فيهِ، فنحنُ وما في أيدِينَا ملكٌ للهِ قالَ تعالي: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)}(المائدة) .
*والمالُ نعمةٌ تفضّلَ اللهُ بهَا على عبادِهِ فالواجبُ على العبدِ المسلمِ أنْ ينظرَ مِن أينَ يكتسبُ المالَ وفيمَا يُنفقهُ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ” لَا تَزُولُ قَدِمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمُرُهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟ “.(المعجم الكبير للطبراني).
وقال تعالي:{ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)}(الحديد).
فأنتَ مستخلفٌ في هذا المالِ، أنتَ مستخلفٌ مِن ربِّكَ عزَّ وجلَّ لينظرَ عملَكَ، هل تستقيمُ على طاعتِهِ وأداءِ حقِّهِ، أم تتبعُ هواكَ وتطيعُ شيطانَكَ وتقفُ عندَ مرادِ نفسِكَ، فمَن أطاعَ ربَّهُ وامتثلَ أمرَهُ ووقفَ عندَ حدودِهِ تمتْ لهُ السعادةُ في الدنيا والآخرةِ، وصارَ مرتاحَ الضميرِ مرتاحَ القلبِ فيمَا يأتِي ويذرُ عن بصيرةٍ وعن هدَى، ومَن تابعَ الهوىَ والشيطانَ ولم يتقيدْ بأوامرِ اللهِ خسرَ الدنيا والآخرةِ.
*قال تعالي: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}(الأنعام)، وتأملْ واعلمْ أنَّ للمالِ حقًّا في أعناقِنَا، يأمرُنَا اللهُ تعالى بأدائِهِ لأصحابِهِ، وانظرْ لدقةِ هذا النظامِ الذي وضعَهُ خالقُ الأنامِ ومدَى إنصافِه، فإنَّ الفائدةَ تعودُ على المنفقِ قبلَ المنفقِ عليهِ، نتملكُ الأرضَ فتنبتُ لنَا مِن خيراتِهَا، بغيرِ حولٍ منَّا ولا قوةٍ، بل بقدرتِه تعالى وإرادتِه ويأمرُنَا الرزاقُ الوهابُ لسائرِ هذه النعمِ أنْ نُعطِيَ الفقيرَ حقَّهُ فيهَا، ولو شاءَ لجعلَهُ المالكَ لهَا، ونحنُ الفقراءُ إلى قليلِ العطاءِ فيأبَى الكثيرُ منَّا إلَّا الشحَّ والبخلَ، فنوردُ أنفسَنَا النيرانَ، ويحلُّ بوادِينَا الخسران، فانظرْ بربِّكَ أيُّها المنصفُ لو أنَّ الخلائقَ عملتْ بإرشادِ الخالقِ وأخرجتْ ما في ذمتِهَا مِن الصدقاتِ لمَا بقِيَ على ظهرِهَا إنسانٌ يشتكِي الفقرَ والحرمانَ، ولحلَّ الوئامُ مكانَ الخصامِ، والوفاقُ مكانَ الشقاقِ وإذا نظرتَ بعينِ التدبرِ إلى معظمِ الجرائمِ لوجدتَ أنَّ السببَ الأولَ هو المالُ، يتمتعُ الغنيُّ بسائرِ ضروبِ النعمِ، ويكسرُ قلبَ الفقيرِ بمَا يظهرُهُ مِن نفيسِ الملبسِ، ولذيذِ المطعمِ، وفارهِ المركبِ فيدفعهُ الفقرُ، والحقدُ، والجوعُ إلى ارتكابِ السرقةِ، والنهبِ، والسلبِ، والقتلِ ويعلمُ اللهُ تعالى وحدَهّ أنَّ تبعةَ هذه الآثامِ لا تقعُ على الجانِي وحدَهُ، بل على المجنِى عليهِ فليبادرْ مَن يتقِي اللهَ ويخشاه، ويحذرْ عقابَ آخرتِه وشقاءَ دنياه، وليخرجْ ما في عنقهِ مِن زكاةِ مالِه، وصدقاتٍ أوجبَهَا عليهِ ربُّهُ، عن طيبٍ خاطرٍ وصفاءَ نيةٍ، ففي هذا النعيمُ الأكبرُ، والخيرُ الأوفرُ.(أوضح التفاسير).
عبادَ الله: اقتضتْ حكمةُ اللهِ تعالي أنْ يكونَ في الناسِ غنيٌّ وفقيرٌ ليتعاونُوا جميعًا علي عمارةِ الأرضِ؛ لأنَّهُ سبحانَهُ لو خلقَهُم جميعًا أغنياءَ لبطلتْ مصالحُهُم، ولم يكنْ للحياةِ معني، ولو خلقَهُم كلَّهُم فقراءَ لفسدتْ معيشتُهُم وهانتْ حياتُهُم ولكن شاءَ الحكيمُ الخبيرُ أنْ يرزقَ بعضَ الناسِ مِن أيدِي أناسٍ آخرين، وأنْ يهبَ الغنَي لقومٍ ليعطٌوا آخرينً، فلمصلحةِ البشرِ فضلَ بعضهُم علي بعضٍ في الرزقِ، قال تعالي: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) (71)}(النحل )، وقال أيضًا: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)}(الزخرف) .واللهُ ابتلَي الغنيَّ بغناهُ لينظرَ أيُعطِي الحقَّ أم يبخلُ، وكذلك ابتلَي الفقيرَ بفقرِهِ لينظرِ أيستعففُ ويصبرُ أم يلجُ بابَ الحرامِ؟ ولقد أنزلَ اللهُ تعالي مِن الرزقِ ما يكفِي الجميع، فجوعُ الفقيرِ وحاجةُ المحتاجِ ناتجةٌ عن بخلِ بعضِ الأغنياءِ، فعن مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فِي أَمْوَالِهِمْ مَا يَكْفِي للْفُقَرَاءِ، فَإِنْ جَاعُوا أَوْ عَرُوا أَوْ جُهِدُوا، فَبِمَنْعِ الْأَغْنِيَاءِ، وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يُحَاسِبَهُمْ وَيُعَذِّبَهُمْ( كتاب الأموال للقاسم بن سلاّم).
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024م بعنوان : حق الله في المال
ثانيًا: الصدقةُ مِن أعظمِ أسبابِ رفعِ البلاءِ.
* إنَّ مِن أعظمِ ما يرفعُ اللهُ تعالى بهِ العذابَ الصدقةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ».(صحيح البخاري).
* وهي مِن أفضلِ الأعمالِ، فإنَّهَا تطفئُ الخطايا، ويدفعُ اللهُ تعالَى بهَا البلايا، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنِ النَّارِ، قَالَ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، تَعْبُدُ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ البَيْتَ, ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ ، وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ قَالَ: ثُمَّ تَلاَ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}، حَتَّى بَلَغَ {يَعْمَلُونَ} , ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ, ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ.(سنن الترمذي).
(والصدقةُ تطفئُ الخطيئةَ) تطفئُ النارَ التي تسببتْ مِن فعلِ الخطيئةِ في الآخرةِ أو أنَّ الخطيئةَ نارٌ في القلبِ فتطفئُهَا الصدقةُ. (كما يطفئُ الماءُ النارَ)، فينبغِي لِمَن قارفَ خطيئةَ التصدقُ على أثرِهَا. (التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ).
والصدقةُ تطفيءُ غضبَ الربِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ».(المعجم الكبير للطبراني).
اللهُمَّ آتِ نفوسَنَا تقواهَا، وزكِّهَا أنتَ خيرُ مَن زكَّاهَا، أنتَ وليُّها ومولاهَا، اللهُمَّ اجعلْ مصرَ أمنًا أمانًا سلمًا سلامًا سخاءً رخاءً وسائرَ بلادِ المسلمين، اللهُمَّ احفظهَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنَا مُحمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.
وآخرُ دعوانَا أنْ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
كان ذلك بيان يوضح تفاصيل موضوع خطبة الجمعة اليوم فى مساجد مصر .. "حق الله فى المال".