جريدة الديار
الأحد 22 ديسمبر 2024 08:58 صـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

نميرة نجم: ما يحدث في غزة يفقد الشباب في العالم ثقته بالعدالة الدولية

نميرة نجم : ما يحدث في غزة يفقد الشباب في العالم ثقته بالعدالة الدولية

قالت السفيرة د. نميرة نجم خبير القانون الدولي و مديرة المرصد الأفريقي للهجرة، إن ما يحدث الآن في منطقة الشرق الأوسط وما يتعرض له الشعب الفلسطيني اليوم من إبادة جماعية علي يد الإحتلال الإسرائيلي يجعل العديد من الشباب ليس في هذه المنطقة وحدها، ولكن حول العالم يفقدون الثقة في منظومة العدالة الدولية، نظرا لعدم قدرتها للتصدي للجرائم التي ترتكب ضد البشر والشعوب، وهو أمر يقتضي منا وقفة حتى يمكن لنا الاستفادة من إخطائنا في مكافحة الإرهاب وربطها بالعوامل المؤدية لانتشار التطرف العنيف أو بجذور الإرهاب، جاء ذلك أثناء كلمة السفيرة ‏ كعضو المجلس الإستشاري للمعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون في ندوة " هل سيادة القانون مهمة حقا للأمن العالمي؟ " وذلك بمناسبة الاحتفال بالعيد العاشر لتأسيس المعهد والتي أقيمت بمقر المعهد في جامعة مالطا.

‏وأشارت السفيرة في كلماتها تحت عنوان "حول نظرة تاريخية في مجال جهود مكافحة الإرهاب والدروس المستفادة لتحسين الأداء الدولي لمواجهته " إلى أهمية الدور الذي يلعبه المعهد على المستوى الدولي و تزايده لان من شأنه تدريب العاملين في مكافحة الإرهاب على الأسس القانونية والعملية لتكون جهود مكافحة الإرهاب مجدية وناجعة.

ونوهت إلى انه بالنظر إلى ما حدث خلال السنوات السابقة نجد أنه لا يزال الطريق أمامنا طويل في هذه القضية، خاصة في ضوء أن التعامل الأمني وحده لا يكفي لمكافحة الإرهاب وإفريقيا تعاني من ظاهرة تنامي الإرهاب بشكل خطير بسبب، عدم وجود تنمية كافية في الدول الإفريقية، وإستمرار إستغلال ثرواتها من قبل المُستعمرين السابقين، إلي جانب العوامل الأخرى من سوء الإدارة والفساد وغياب الديمقراطية والتي تؤدي في مجملها إلى وقوع الشعوب فريسة للإرهابيين، وتدفع الأفراد في ظل ظروف معيشية صعبة للغاية إلى الهجرة غير النظامية أو تجبرهم حينما يكون البعض منهم في موقف ضعيف على الإنخراط في الجريمة المنظمة أو الإرهاب، فحتى الآن لا يزال يربط البعض بين الإسلام والإرهاب دون إتخاذ إجراءات كافية للتوعية حول أسباب اتجاه الإرهابيين إلى النصوص الدينية القديمة والمقدسة، وان القصور وغياب تعاليم مفاهيم أصول الديانات السماوية الحقيقية من التسامح والمحبة والسلام تؤدي إلى سهولة الإنحراف في استخدام البعض للنصوص الدينية لدفع باقي أفراد المجتمع للتعاطف معهم وخلق البيئة الحاضنة للإرهاب، مما يسهل خلق وإعداد جيل من المُتطرفين يسهل انخراطهم في عمليات ارهابية تحت غطاء مسميات الدفاع عن الرب أو التمسك بأصول الدين.

وأكدت نجم أن إستخدام البعض اليوم ليس فقط نصوص القرآن ولكن النصوص من التوراة لحشد التأييد لجهود غير مشروعة، حتى يحصل البعض على رخصة آلهية لمزيد من القتل بإسم المفهوم الخاطئ المتعمد لفهم الأديان السماوية، ولم يتوقف الأمر عند ذلك إلا أن العديد يستخدم النصوص القديمة لحشد الدعم الشعبي للتطرف العنيف على غرار إستخدام الكهنة البوذيين النصوص الدينية لقتل المسلمين في ميانمار والتي لا علاقة لها بتعاليم بوذا المسالمة حتى في الأديان الغير سماوية.

وركزت نجم، على أهمية نشر التعليم النقدي حتى يتمكن أفراد المجتمع من فرز و فهم والتدقيق في معاني النصوص الدينية الحقيقية لفهمها فهما صحيحا وحتى يمكن لهم المساهمة في مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأشارت نجم، إلى أن علينا جميعا العمل على رفع الوعي السياسي بمتطلبات العدالة خاصة في المناطق التي تعاني من فقدان العدالة ، على اعتبار أن العدالة هي الأساس ضد التطرف والإرهاب ، وأن الافتقار إلى العدالة والشعور بالظلم يولد تطرف فكري يصاحبه مزيد من التطرف في العنف والإرهاب .

وقالت السفيرة نجم، إلى أنه منذ 10 سنوات كان مرفوض من قبل العديد من الدول الإشارة إلى جذور الإرهاب، فالشعور الأفراد بالظلم والفقر وعدم العدالة من الأسباب المُباشرة المؤدية إلى الإرهاب وهي كلها أمور اليوم نرى أنها تتغير بعض الشيء، ولكن يجب علينا أن نقوم بإجراءات عملية تعيد ثقة الأجيال الجديدة في منظومة العدالة، مع ضرورة عمل برامج تنموية شاملة لإفريقيا، والتي تقتضي إعادة النظر في كيفية التعامل مع الموارد الطبيعية الإفريقية وإستغلالها لصالح دول أخرى وليس لصالح شعوبها حتى يمكن الحد من النزوح القسري والهجرة غير نظامية بسبب النزاعات والحروب والإضطهاد والظروف الإقتصادية وغياب الحكم الرشيد، والتي تتضافر جميعا في تهيئة الأشخاص الضعيفة لان تكون عرضة للإلتحاق بالإرهابيين.

‏و أوضحت السفيرة أننا لا يزال ينقصنا الدراسة حول الهجرة والتطرف والإرهاب وبحث العلاقة بينهم وهي أمور يجب علينا النظر فيها في ضوء تزايد أعداد المهاجرين الذين يواجهون بعنف في بلاد المقصد ،أو يتعرضون إلى ظروف بائسة و غير إيجابية و غير إنسانية قد تؤدي بهم إلى التطرف بسبب العنصرية .

و شددت نجم على أهمية التعليم مجددا لأنه جزء لا يتجزأ من حل المشكلة ، وبدون تعليم صحيح و تنمية حقيقية سوف نستمر في دائرة مفرغة، ونعود إلى هذه القاعة الرصينة بعد 10 سنوات لنتحدث عن ذات المشاكل و عن ذات الأسباب ، وعلى الرغم من موقفنا الثابت لفرض المشروطية المقترنة بالمنح والقروض إلا انه على الدول المانحة التي تربط المساعدات للدول النامية بالمشروطية إلا تقع فريسة للنفاق السياسي وان تلتزم هي بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان قبل أن تحاول فرضها على الآخرين لان ذلك يفقدها المصداقية ويفقد الشعوب المصداقية في حكوماتها.

وأنهت نجم، حديثها بضرورة تطوير آليات مكافحة الإرهاب لتواكب التطور السريع للسبل التى يستخدمها الإرهابيين بما في ذلك سبل مكافحة تمويل الإرهاب والجريمة المنظمة.

وقال ستيفن هيل، السكرتير التنفيذي للمعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون أنه عندما تأسس المعهد عام 2014، كان تنظيم داعش في صعود على مستوى العالم، حيث سافر الآلاف من المُقاتلين الإرهابيين الأجانب من جميع أنحاء العالم إلى العراق وسوريا، وسيطر التنظيم على مساحات شاسعة من الأراضي، وكان هناك إعتراف مُتزايد في ذلك الوقت بأن نهجنا في مُكافحة الإرهاب يحتاج إلى التكيف، مع التركيز بشكل أكبر على بناء سيادة مُستدامة لبنية مُكافحة الإرهاب القائمة على القانون، وكان المعهد أحد العناصر المهمة في جهود المجتمع الدولي لمُعالجة هذه الثغرات، مُضيفًا أنه على مدى السنوات العشر الماضية، استثمر المجتمع الدولي موارد كبيرة في بناء المؤسسات والأطر القانونية للتصدي للإرهاب والأنشطة الإجرامية العابرة للحدود الوطنية ذات الصلة، وفي العديد من المجالات، أصبحت سيادة القانون مقبولة بإعتبارها حجر الزاوية في الإستجابة العالمية للإرهاب، وقد تحقق تقدم كبير، وقد لعب المعهد دورًا حيويًا في هذا الجهد، بتدريب ٩ ألاف خريج من القضاة والمدعين العامين والمُحققين والبرلمانيين وغيرهم من ممارسي العدالة الجنائية من عدد كبير من الدول الإفريقية والشرق الأوسط وآسيا و من 130 دولةً.

وأوضح هيل، انه مع ذلك، في البلدان المُستفيدة والمانحة على حد سواء، تستمر الهجمات الكارثية ويتصدر التطرف العنيف قائمة التهديدات للأمن القومي، وتطور مشهد التهديد الإرهابي بشكل كبير منذ عام 2014، مع ظهور تهديدات جديدة مثل التطرف العنيف ذو الدوافع العنصرية أو العرقية وتراجع تهديدات أخرى.

وقال هيل، إن الهدف من هذا الإحتفال هو إنشاء منتدى لتبادل الآراء الصريحة حول العالم المعقد والمتطور لسياسة مكافحة الإرهاب، وللنظر في طرق جديدة لتحديد وقياس نجاح جهودنا، ولإلهام مجتمع المعهد بأكمله للفصل التالي في حملتنا الجماعية.

وكان علي رأس ضيوف الإحتفال رئيس مالطا جورج فيلا الذي قال في كلمته الإفتتاحيةً للإحتفال: "بعد بضعة أسابيع من المفاوضات الشاملة، نيابة عن حكومة مالطا، كوزير للخارجية في ذلك الوقت، كان من دواعي سروري إطلاق المعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون في 18 يونيو 2014 مع 13 شريكًا مؤسسًا آخر".

وأشار رئيس مالطا، إلى أنه من خلال مشاريعه العملية وتعاونه مع المؤسسات الرائدة، عالج المعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون بعض القضايا العابرة للحدود الأكثر إلحاحًا التي تواجه المجتمع العالمي اليوم في الوقت المناسب وبطريقة مؤثرة، بما في ذلك الإرهاب المحلي لمواجهة الدوافع العنصرية أو العرقية، التطرف العنيف، مُشددًا على أن المعهد يساهم بشكل ملموس في تطوير وتعزيز ممارسي العدالة الجنائية، وفي ظل السيناريو المضطرب الذي نعيشه اليوم، وأنشأ منتدى لتبادل الممارسات الجيدة لمُكافحة الإرهاب وغيره من الأنشطة الإجرامية العابرة للحدود الوطنية.

وقال الرئيس فيلا، إن المعهد في وضع جيد لقيادة الطريق ولعب دور مهم في مُعالجة التهديدات الناشئة في مواجهة المشهد الجيوسياسي والأمني المتدهور.

وكان من ضيوف الندوة والمتحدثين أندرو بيج، من المديرية التنفيذية للجنة مُكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن بالأمم المتحدة، وعضو المجلس الإستشاري للمعهد، ونيكولاس غيو، قاضي، الدوائر الخاصة بكوسوفو، في هولندا، والقاضي المنتخب للمحكمة الجنائية الدولية، وعضو المجلس الإستشاري للمعهد، وجوليان لوتي، مديرية إدارة السجون، مهمة مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، بوزارة العدل الفرنسية، و جولييت إيبيكاكو، المدير التنفيذي للمركز الأفريقي للحوكمة وإسترداد الأصول والتنمية المُستدامة، إسلام الغزولي، مدير برنامج بناء السلام والإستقرار، المنظمة الدولية للهجرة بالعراق، وعثمان فيكتور كوليبالي، رئيس النيابة العامة، محكمة النقض، كوت ديفوار ، و كونستانس ميلستين، سفيرة أمريكا بمالطا، وغريغوري د. لوجيرفو، القائم بأعمال النائب الرئيسي لمساعد المنسق مُكافحةً الإرهاب بوزارة الخارجية الأمريكية، وستيفن ج. براير، قاضي السابق في المحكمة العليا بالولايات المتحدة.