جريدة الديار
السبت 23 نوفمبر 2024 04:46 مـ 22 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

نميرة نجم: الجنائية الدولية لا تقوم بدورها ضد المسئولين عن الإبادة الجماعية في غزة

قالت السفيرة د. نميرة نجم مدير المرصد الإفريقي للهجرة AMO بالاتحاد الإفريقي، إن الوضع الإنساني في غزة مأساوي، والأراضي الفلسطينية مُحتلة والصراع الذي يدور الآن ليس صراعًا داخليًا، ولكن تصنيفه قانونيًا صراع دولي، وتنطبق فيه علي الأراضي الفلسطينية كافة قواعد القانون الدولي الإنساني وقواعد قوانين حقوق الإنسان، وعندما تقوم دولة احتلال بعمليات عسكرية في الدولة المُحتلة، عليها أول الأمر وهذه من أساسيات الحرب، أن أي قوات عسكرية لها يجب ألا تستهدف المدنيين، ولكن في غزة لا يوجد أمام دولة الاحتلال سوي المدنيين لضربهم، وأصبح لديها اتجاه لقصف المدنيين بشكل ممنهج مصنف طبقًا للقانون الدولي إبادة جماعية، والجانب الأخر أن دولة الاحتلال عندما تضطر عسكريًا لضرب منطقة بها مدنيين عليهم أن تحذرهم وعليها أن تجد لهؤلاء المدنيين منطقة آمنة لينزحوا إليها، واللعبة التي تمارسها إسرائيل في غزة أنها توزع منشورات علي آهل شمال غزة تقول لهم فيها أن يتجهوا جنوبًا هذا بدعاء حماية المدنيين، ولكن في مسار الذهاب للجنوب يتم قصفهم، يذهبوا للجنوب يتم قصفهم أيضًا، وهنا أصبح الوسط والجنوب في غزة غير أمان للمدنيين، وهذا مسئولية دولة الاحتلال أن تحاول الابتعاد عن قصف المدنيين واستهدافهم وكذلك مسئوليتها في إيجاد أماكن للمدنيين حتى يمكن لها استهداف المناطق العسكرية، ولكننا الآن بصدد إبادة جماعية ممنهجة وفقًا للقانون الدولي.

جاء ذلك أثناء الحوار التليفزيوني مع السفيرة ردًا علي تساؤل المحاور الإعلامي نشأت الديهي حول إشكالية النزوح القسري الذي تقوم به إسرائيل ضد المدنيين في غرة وذلك في برنامج "بالورقة و القلم" المذاع علي قناة Ten الفضائية المصرية مساء أمس.

وأوضحت السفيرة في اللقاء التليفزيوني أنه عندما نتكلم عن المسئولية فقد تم توجيه عدد لا بأس به من الطلبات للمحكمة الجنائية الدولية لتحريك الدعوى ضد المسئولين الإسرائيليين المُنخرطين في عملية القصف الممنهج للمدنيين في غزة إلا انه حتى الآن لم نرَ حركًا من المحكمة علي غرار ما رأيناه ضد الرئيس الروسي بوتين الذي تم توجيه له مذكرة توقيف في زمن قصير للغاية من المحكمة بسبب حرب الروسية الأوكرانية، ولكن إذا تعلق الأمر بإسرائيل لم نرَ أي حراك حقيقي من قبل المحكمة الجنائية الدولية علي الرغم أن كل ما يحدث في غزة يقع تحت نطاق الاتفاق المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية.

وأشارت السفيرة إلى خطوط مسارات الهجرة الغير نظامية من إفريقيا في ليبيا وتونس إلى أوروبا، ومسار خليج غينيا القارتين الأميركتين، وأن أغلب المُهاجرين فيها من جنوب الصحراء ومناطق النزاعات سواء في الساحل والصحراء والسودان والمناطق الأكثر تضررًا من التغييرات المناخية، وأكدت السفيرة أن التعامل مع هذه الظاهرة وحده لا يكفي، فهناك مواطنين من الدول التي تعتبر أكثر استقرارا ولكن نظرًا للأوضاع الاقتصادية بها يحاولون الهجرة بشكل غير نظامي ويذهبون لهذه الدول الترانزيت كمسار عبور إلى الشمال أو للأميركتين، وأن أرقام المُهاجرين تتوقف علي الأوضاع التي سيجدونها في دول الاستقبال المُهاجر إليها، وفي تونس كان هناك في الفترة الأخيرة حراك مع الاتحاد الأوروبي نظرًا لقربها الشديد من إيطاليا فإعداد المُهاجرين التي تذهب من تونس لجزيرة لامبيدوزا في إيطاليا كبيرة للغاية، وتونس لديها اتفاق ثنائي مع إيطاليا فمن يثبت انه تونسي يعود لتونس، والقانون الدولي يتيح ذلك لأنها هجرة غير نظامية فطالما ثبت من أين يأتي هذا الشخص المُهاجر يعود إلى بلده، ولكن لو كان المُهاجر يَفر من بلده بسبب صراع أو ظروف سياسية أو اضطهاد فهذا يعتبر لجوء وهذه هي المشكلة، فتنقل الأفراد والحراك يبدأ بالهجرة ولكن في إطار هذه الهجرة لدينا النزوح القسري واللجوء والمشكلة أن وفقًا لقواعد القانون الدولي لا يصح للدول إعادة اللاجئين لدولهم بدون قرارات قانونية وًمحاكمة وأسباب واضحة تتعارض مع أحكام اتفاقية الخاصة بحقوق اللاجئين لعام ٥١، وما يحدث اليوم حتى في بعض مناطق النزاعات دول الشمال الرافضةً للهجرة غير النظامية منها وتريد إعادة كافة أنواع الهجرة سواء كانت هجرة غير نظامية لأسباب اقتصادية تتعارض مع قوانين هذه الدولة فتريد إعادة المُهاجرين إلى دولهم، وكمثال فقد كان مازال الصراع محتدمًا في ليبيا في مرحلة ما ولكن الدول الأوروبية اعتبرتها دولة آمنة من وجهة نظرها فأعادوا المُهاجرين إليها منها إلى ليبيا وهذا أمر خطير، وهذه هي الإشكالية لأنهم يريدون إعادة اللاجئين تحت هذه المظلة دون دراسة وضع أوراق اللاجئين لأن دراسة الأوراق والتبين إذا كان المُهاجر غير نظامي أو لاجئ يستغرق وقت من هذه الدول، وهم لا يريدون أضاعت الوقت وتحمل عبء وجود هؤلاء المواطنين المُهاجرين علي أراضيهم.

ونوهت السفيرة، إلى أن بريطانيا ليست وحدها التي فكرت في إعادة المُهاجرين إليها لدولة إفريقية ثالثة مثل رواندا فهذا أصبح موضوع و مشروع أوروبي ليس متكاملاً ومتفق عليه حتى الآن، ولكن هناك ثلاث دول في الاتحاد الأوروبي تريد أن تحذوا حذو المنهج البريطاني في محاولة إيجاد دولة ثالثة لعمل مراكز فيها يطلقوا عليها "مراكز الإجراءات " لمراجعة أوراق المُهاجرين وبناء عليها إذا ثبت أن هذا المُهاجر الغير نظامي لاجئ يتم قبول أوراقه، وما عدا ذلك يظل في الدولةُ المُتلقية له، وفي مجلس العموم البريطاني كان هناك نقاش حاد خلال الأسبوع الماضي في هذا الاتفاق بين بريطانيا ورواندا، وجرى تعديله من قبل الحكومة البريطانية بعد أن أفادت المحكمة العليا البريطانية أن هناك إشكالية تمس حقوق الإنسان في الاتفاق، والحكومة البريطانية عدلت بعض البنود وعرضته علي مجلس العموم البريطاني وخلال النقاش داخل المجلس العموم هاجم بعض النواب الحكومة البريطانية الذين أشاروا إلى أن الحكومة البريطانية منحت رواند ٤٠٠ مليون جنيه إسترليني دون الاستفادة من هذا الاتفاق، ودون أن يصل أحد من المُهاجرين غير النظاميين من بريطانيا لرواندا، والحكومة البريطانية دافعت وقالت أن بمجرد الانتهاء من هذا الاتفاق سيتم تفعليه وأن هذه الأموال الممنوحة لرواندا كانت للتمهيد له.

وأكدت نجم، أن المبدأ أنه لا يمكن إعادة طالب اللجوء إلي دولته أو دولة ثلاثة طالما سيواجه فيها صعوبات كصراعات أو ملاحقة سياسية، يجب النظر في ملفه وإذا ثبت أنه لاجئ يجب قبوله وفقًا للمواثيق الدولية، واليوم هم في أوروبا يريدون قبل دراسة طلب اللجوء إرسال اللاجئين إلى مراكز الإيواء في دول ثالثة، والمشكلة أن الدولة الثالثة في مرحلة سوف تقبل توطين من لم يقبل لجوئه لدول الشمال، فهم ليسوا مواطنيها ولكن ستقبل بتوطينهم في أراضيها، وإعادة التوطين هذه مخالفة للقانون الدولي وكانت سببًا للاعتراضات علي الاتفاق في مجلس النواب البريطاني، والدول الأوروبية تحاول أن تؤكد أن حقوق الإنسان سيتم احترامها في الدول الثالثة ولكن في نهاية المطاف هذه الدول جميعها أطراف في اتفاقية اللاجئين لعام ٥١، وبالتالي طردهم لطالبي اللجوء دون دراسة أوراقهم طبقا لقوانينها في حد ذاته مخالفا للقانون الدولي.

وبشأن تطور الأوضاع في السنة الجديدة ٢٠٢٤، علقت السفيرة عن عدم تفاؤلها حتى الآن وفقًا للمعطيات التي نراها أمامنا الآن التي تشير إلى أن عام ٢٠٢٤ لن يأتي بجديد في مشكلة الهجرة والنزوح نحو حلول بشكل سريع، فمازلنا أمام صرعات لم تستطع الآلية الدولية الراهنة إيجاد حلول لها، وأصبح هناك ضرورة فعلية، أن يتم إعادة النظر في كيفية التعامل في كافة المنظومة الدولية وكافة المنظمات الدولية، فهي بالشكل الراهن غير قادرة علي مواجهة الصراعات أو حماية المُهاجرين، فإذا كان إصلاحها أصبح من الصعب فيجب أن يتم إعادة النظر في هذه المنظومة حتى يمكن أن تأتي بثمارها التي أنشئت من أجلها.