رئيس الوزراء يلقي بياناً أمام مجلس النواب بشأن الجهود المصرية لدعم الأشقاء الفلسطينيين
ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بياناً أمام مجلس النواب، صباح اليوم، حول الجهود المصرية لدعم الأشقاء الفلسطينيين، وكذا التدابير المصرية المتخذة لمنع محاولات التهجير القسري من قطاع غزة.
واستهل رئيس مجلس الوزراء البيان بتقديم الشكر لرئيس مجلس النواب وأعضائه على إتاحة الفرصة لاستعراض موقف الدولة المصرية، والجهود التي تمت خلال الفترة الماضية، وتتم وستستمر، لدعم أشقائنا الفلسطينيين، على مختلف المستويات؛ السياسية، والدبلوماسية، والمجتمعية.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: تابعت باهتمام بالغ طلبات الإحاطة الموجهة من جانب عدد من النواب الموقرين، بشأن التدابير والإجراءات التي تتخذها الدولة تجاه منع محاولات التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة، مؤكدا أنها تعكس فهماً دقيقاً وواضحاً لما تواجهه مصر من تحديات، وما تتعرض له من ضغوط سياسية واقتصادية، حيث شرح ما تتعرض له مصر منذ فترة من ضغوط، وما ستتعرض له في الفترة المقبلة، لافتاً إلى أنه لذا كانت رؤية القيادة السياسية منذ سنوات لتقوية الجيش المصري، مؤكداً أنه أصبح واضحاً الآن أهمية هذه الرؤية.
وأكد مدبولي في هذا الإطار، على عدد من الحقائق الواضحة تتمثل في أن التضامن والدعم المصري الكامل؛ قيادةً وشعباً، للشعب الفلسطيني في محنته الحالية وللقضية الفلسطينية، ليس وليد اللحظة، وإنما هو استمرار للدور المصري تاريخياً، الذي لم ولن يتخلى عن القضية الفلسطينية، فمصر ضحَّت وستضَّحي من أجل الشعب الفلسطيني.
وفي هذا الصدد، قال رئيس الوزراء: لا بد من إعادة التذكير بأن الرؤية المصرية للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ترتكز على الاعتقاد الجازم في أنه لا سبيل لحل القضية الفلسطينية سوى من خلال الدولتين، حلاً عادلاً وشاملاً يضمن الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، من خلال إقامة دولة فلسطينية على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف: أن السياسة الإسرائيلية القائمة على إغلاق الأفق السياسي أمام الفلسطينيين ستكون عواقبها وخيمة، ومن ثم فلا بديل عن إحياء المسار السياسي.
ومنذ اليوم الأول للمواجهات ومع محاولات التحذير والعمل على وقف أو خفض التصعيد، طرحت مصر ضرورة الانتباه للمسار السياسي، نحو حل الدولتين.
كما ذكّر رئيس الوزراء الحضور بأنه كان من نتائج انتصار القوات المسلحة المصرية في حرب ۱۹۷۳ ليس فقط استعادة الأرض المسلوبة في سيناء، وإنما تغيير ميزان القوى في العالم، كما أن الحرب كانت دافعاً قوياً لتأكيد الحق العربي في فلسطين؛ حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر ١٩٧٤ قراراً تاريخياً أكدت فيه حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ، وحقه في الاستقلال والسيادة واستعادة حقوقه المسلوبة.
وفي السياق نفسه، أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه في عام ۱۹۷۹ توصلت مصر وإسرائيل إلى توقيع معاهدة السلام والتي أكدت على أن السلام الدائم والعادل في المنطقة لن يتحقق باتفاق منفرد بين مصر وإسرائيل، وإنما بحل شامل لجميع أوجه النزاع فى المنطقة ، والانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة عام ١٩٦٧، والاعتراف للشعب الفلسطيني بحقه في تقرير مصيره، وأن تكون المعاهدة أساساً للسلام، ليس فقط بين مصر وإسرائيل، بل أيضاً إسرائيل وأي من جيرانها العرب.
وقال رئيس الوزراء: استمراراً لدعم القضية الفلسطينية، قام السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، منذ تولي سيادته المسئولية، وكذا أجهزة الدولة المعنية، بتقديم كل الجهود لدعم القضية الفلسطينية، والدعوة لعقد الاجتماعات واللقاءات لدعم هذه القضية، وعند اندلاع الأزمة الحالية، دعت مصر لعقد قمة القاهرة للسلام ۲۰۲۳ بالعاصمة الإدارية الجديدة، والتي أكد فيها سيادته على الإدانة وبوضوح كامل لاستهداف وقتل وترويع للمدنيين المسالمين، بالإضافة إلى عدم إغلاق معبر رفح في أي لحظة.
بالإضافة إلى الرفض التام للتهجير القسري للفلسطينيين ونزوحهم إلى الأراضي المصرية في سيناء، فضلا عن الرفض التام لتصفية القضية الفلسطينية دون حل عادل، وفي كل الأحوال لن يحدث على حساب مصر أبداً .
وخلال بيانه، أشار رئيس الوزراء إلى تأكيد السيد رئيس الجمهورية في مؤتمر القمة العربية/ الإسلامية المشتركة الاستثنائية بالرياض أن سياسات العقاب الجماعي لأهالي غزة من قتل وحصار وتهجير قسرى غير مقبولة وينبغي وقفها على الفور، مؤكدا أن السيد الرئيس لا يزال يقود تحركات الدولة المصرية في مختلف المسارات: السياسية، والدبلوماسية والإنسانية؛ لوقف هذه الحرب وحقن دماء الشعب الفلسطيني.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي : هذه التحركات ماهي إلا استمرار لدور مصر التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية، والذي يمتد لعقود طويلة تنطلق من ثوابت راسخة على رأسها الحق العادل للشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، مضيفا أنه انطلاقا من ذلك، فمنذ اللحظات الأولى للأحداث الأخيرة، أعلنت الدولة المصرية إدانتها الكاملة للجرائم التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية وفي حق الفلسطينيين وسكان قطاع غزة، وانتهاكاته الواضحة للقانون الدولي والإنساني وكافة المواثيق الدولية.
وأكد رئيس مجلس الوزراء، في بيانه، أن مصر ترفض تماما استهداف المدنيين الأبرياء ومنازلهم والمؤسسات المدنية من المستشفيات والمدارس ودور العبادة من المساجد والكنائس التي تتمتع بحماية دولية وفقاً للقانون الدولي الإنساني، كما أكدت مصر رفضها لسياسة العقاب الجماعي، التي تفرضها إسرائيل في كل مكان من قطاع غزة.
وفي السياق ذاته، أشار مدبولي إلى أن تحركات الدولة المصرية شملت كافة المستويات السياسية والدبلوماسية لوقف إطلاق النار، حيث يتم التنسيق على مدار الساعة مع كل الأطراف الدولية والإقليمية لوضع سبل حل الأزمة، ووقف التصعيد في الأراضي الفلسطينية، وذلك من خلال لقاءات واتصالات مكثفة حرص كبار قادة دول العالم على إجرائها مع السيد الرئيس، مؤكدا في الوقت نفسه أن مصر على ثقة كاملة أن الأشقاء الفلسطينيين واعُون ومُدركون تماما أن الموقف المصري يخدم بشكل مباشر القضية الفلسطينية ويُفشل أي محاولات لتصفيتها.
وحول الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة، أوضح رئيس مجلس الوزراء أن مصر ضغطت ـ منذ بداية الأحداث ـ من أجل إدخال المساعدات الإغاثية لأهالي القطاع، من خلال التعاون بين مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، حيث بلغ حجم المساعدات الإنسانية التي قدمتها مصر إلى قطاع غزة، أكثر من 11200 طن، حتى 19 نوفمبر، من المواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية والمياه والخيام وغيرها من المساعدات والاحتياجات؛ لتخفيف حدة المعاناة الإنسانية عن الشعب الفلسطيني الشقيق، وهو ما يمثل نحو 4 أضعاف حجم المساعدات المقدمة من 30 دولة، بلغ مساعداتها مجتمعة 3 آلاف طن.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن آخر المساعدات التي قدمتها مصر لأهالي غزة كان مطلع الأسبوع الحالي، مشيرا إلى أنه شرُفُ بإطلاق أكبر قافلة إغاثة إنسانية شاملة لأهالي القطاع ضمت ما يزيد على 2500 طن من مختلف المساعدات الغذائية والدوائية وغيرها، قائلا: هناك دفعات أخرى من المساعدات يتم تجهيزها حاليا للأشقاء في غزة، كما تتواصل الجهود الخاصة باستقبال المصابين من قطاع غزة، القادمين عبر معبر رفح البري، حيث تم استقبال حتى الآن نحو 8200 قادم من مختلف الأعمار، تم مناظرتهم وتقديم مختلف أوجه الرعاية الطبية اللازمة لهم بمختلف التخصصات، وتم استقبال 383 في المستشفيات، ومن بين هذه الأعداد 28 طفلا من الأطفال المبتسرين، تم استقبالهم مؤخراً، كما تم تجهيز أكثر من 30 ألفاً من الأطقم الطبية لخدمة أهالينا المصابين الوافدين.
وأكد مدبولي في الإطار نفسه الاستعداد التام من جانب المستشفيات والأطقم الطبية في مصر؛ لاستقبال الحالات الوافدة عبر منفذ رفح، وتوفير الرعاية الطبية المطلوبة لهم، وقال: لا يفوتني أن أشيد بما قامت به منظمات المجتمع المدني المصري من دور إنسانيّ عظيم، من خلال المساعدات الإنسانية الموجهة لقطاع غزة، وهناك مواطنون تقدموا فرادى لمساعدتهم.
ولفت رئيس مجلس الوزراء إلى نقطة في غاية الأهمية، وهي أن معبر رفح المصري لم يُغلق لحظة، موضحا اللبْس الموجود لدى العديد من الأطراف الخارجية، وبعض وسائل الإعلام، الذي يتمثل في أن هناك معبرا واحدا هو معبر رفح المصرى وأن مصر تُغلق هذا المعبر ولا تسمح بعبور وتدفق المساعدات لسكان غزة أو عبور العالقين من الأجانب ومزدوجي الجنسية، وقال في هذا الصدد: هناك معبران باسم رفح؛ معبر رفح المصري ومعبر رفح الفلسطيني، وأن إسرائيل هي التي تتحكم في معبر رفح الفلسطيني، وأن الإعاقة والعقبات من الجانب الإسرائيلي وليست من الجانب المصري.
وخلال بيانه، تطرق الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، لما طرحه السيد رئيس الجمهورية، خلال مؤتمر القاهرة للسلام، والذي عقد في أكتوبر الماضي، بشأن خريطة طريق لحل الأزمة الراهنة، مشيرا إلى أن هذه الخريطة مكونة من ثلاثة محاور، هي: إدخال المساعدات الإنسانية، والتهدئة الأمنية، والمفاوضات السياسية؛ وأصبحت مخرجات هذه القمة أساسا لتوحيد الجهود العربية والدولية؛ من أجل تهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.
كما لفت رئيس الوزراء في الوقت نفسه إلى أن مصر واجهت المخططات الرامية لتوظيف هجوم السابع من أكتوبر؛ حيث أدركت مصر أن الهدف من التصعيد هو وضع مخطط "التهجير القسري" للفلسطينيين باتجاه سيناء لتصدير الأزمة لمصر موضع التنفيذ، من خلال أكبر عملية عسكرية من القصف الموسع على القطاع لتحوله إلى "قنبلة بشرية" قابلة للانفجار باتجاه مصر، وإزاء ذلك المخطط أعلنت مصر بشكل واضح أن التهجير القسري للفلسطينيين مرفوض، وأن محاولات تصفية القضية الفلسطينية مرفوضة، وأن تصدير الأزمة لمصر خط أحمر غير قابل للنقاش.
وقال مدبولي: خرج الشعب المصري، وعبّر بكامل إرادته عن رفضه بشكل قاطع مخطط التهجير القسري لسكان قطاع غزة إلى الأراضي المصرية أو غيرها، وذلك لما لهذا المخطط من تداعيات سلبية على الأمن القومي المصري والعربي، ولما يمثله من تصفية كاملة للقضية الفلسطينية بل واتساع دائرة الحرب لدول أخرى؛ مما يهدد أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط بل العالم ككل.
كما أكد رئيس مجلس الوزراء أن مصر وقفت حائط صد أمام الدعوات الإسرائيلية والغربية لمخطط التهجير القسري، والتي ظهرت في تصريحات مرفوضة رفضا قاطعا من عدد من المسئولين، قائلا: من خلال الدبلوماسية والموقف الثابت للدولة المصرية، تراجعت القوى الدولية عن هذا المقترح بل وتبنت وجهة النظر المصرية.
وفي سياق محاولات التهجير القسري للأشقاء الفلسطينيين من قطاع غزة أيضا، أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن هناك عددا من المحددات الأساسية التي حكمت الموقف المصري تجاه هذه المسألة، هي حماية الأمن القومي المصري، باعتبار أن التهجير القسري إلى سيناء هو أمر يمس السيادة المصرية، وهو أمر مرفوض تماماً، وكذلك حماية القضية الفلسطينية وعدم تصفيتها، مؤكداً أن أي موجة جديدة للتهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم هو بمثابة تصفية للقضية الفلسطينية بالقوة المسلحة، خاصة في ظل وجود تيارات سياسية متشددة تسعى إلى توظيف ما حدث في السابع من أكتوبر لتصفية القضية، بالإضافة إلى مُحدِد آخر يتمثل في أن اليقين الراسخ للدولة المصرية في حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي هذا الإطار، استعرض رئيس مجلس الوزراء مجموعة من الإجراءات المهمة التي اتخذتها الدولة المصرية منذ اليوم الأول لبدء العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، لوأد أية محاولات للتهجير القسري، وأهمها التأكيد على الرفض القاطع والحاسم لأي محاولات للتهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم إلى مصر، لافتاً إلى أن مصر أكدت هذا الموقف عشرات المرات وفي كل المناسبات منذ بدء العدوان، حتى يكون هذا الموقف واضحاً للجميع ولا لبْس فيه، وقطع الطريق على أية محاولات للالتفاف على هذا الموقف، وجدد تأكيده من هذا المنبر، على "أن مصر ترفض بشكل تام ومُطلق تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية وترفض أية وكافة الإجراءات الإسرائيلية لإجبار الفلسطينيين على ذلك، وتعتَبرُ ذلك الأمر تهديداً للأراضي والسيادة المصرية".
كما شّدد رئيس الوزراء على أن مصر لن تتوانى عن استخدام كافة الإجراءات التي تضمن حماية وصون حدودها، كما هو الحال مع حدودها في الجهات الأخرى الغربية والجنوبية، مؤكداً أن مصر ـ وحال حدوث أي سيناريو يستهدف نزوح الفلسطينيين إلى الأراضى المصرية ـ سيكون لها رد حاسم، وفقاً لأحكام القانون الدولي.
وفي الوقت نفسه، لفت مدبولي إلى أن موقف مصر ثابتٌ من احترام معاهدة السلام المصرية/ الإسرائيلية والالتزام بنصوصها، وأنها تتطلع في المقابل لمثل هذا الموقف من جانب إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بتصرفاتها الحالية في قطاع " غزة "، وما قد تشكله من تهديد ٍغير مباشر للدولة المصرية.
وأكد رئيس الوزراء أن مصر حذرتْ مِراراً وتِكراراً من أن الأمن العالمي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بأي تطورات تجري في منطقة الشرق الأوسط، وأن أية صراعات ومواجهات عسكرية في المنطقة من شأنها خلق تحديات أمنية عالمية؛ سواء على مستوى الظواهر الإرهابية أو الهجرة غير القانونية، معتبراً أن التطورات الخطيرة التي تشهدها منطقة البحر الأحمر، مؤخراً، نتيجة تداعيات الحرب الإسرائيلية في غزة، تؤكد ما حَذَّر منه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بأن عدم الوقف الفوري للعمليات العسكرية الوحشية على قطاع غزة سيُسهم في تقويض أمن واستقرار المنطقة بأسرها، وسيفتح الباب أمام صراعٍ أوسعُ نطاقاً، وسيُجُّر الإقليم إلى مزيد من التوتر.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: يتعين على الأشقاء الفلسطينيين أن يعوا أن الموقف المصرى يخدمُ وبشكل مباشر، ضرورة صمودهم على أراضيهم، وعدم تركها أبداً.
كما أكد أنه على الشعب المصري ونوابه أن يتفهموا حجم الضغوط التي تُمارس على مصر، مع تكثيف مواقفهم المساندة لإجراءات الدولة المصرية في ملف قطاع غزة والتطورات الجارية هناك؛ صوناً لمقدرات الأمن القومي المصري.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن من بين الإجراءات التي اتخذتها مصر، التنسيق الكامل مع الدول العربية المعنية والشقيقة، وخاصة المملكة الأردنية الهاشمية؛ إذ أن من شأن تمرير التهجير القسري من قطاع غزة أن يمثل ذلك سابقة يمكن تكرارها في حالة الضفة الغربية، مشيرا إلى أنه تم أيضاً تحويل الموقف المصري الرافض للتهجير القسري إلى موقف عربي موحد، وهو ما انعكس في بيان اجتماع وزراء الخارجية العرب في دورته غير العادية بالقاهرة في 11 أكتوبر 2023، ثم في البيان المهم للقمة العربية الإسلامية التي عقدت في المملكة العربية السعودية بالرياض في 11 نوفمبر الجاري.
وأكد رئيس الوزراء أن مصر تنتهز هذه الفرصة للتعبير عن تقديرها للجهود العربية الداعمة للموقف المصري والمُتفهمة لخطورة التهجير القسري للأشقاء الفلسطينيين من أراضيهم، مشيراً إلى أننا نعمل على بناء رأي عام دولي رافض لهذا التهجير القسري، حيث نجحت الجهود المصرية بشكل كبير في هذا الصدد، إذ بات هناك موقف أمريكي وأوروبي ودولي واضح يؤكد رفض التهجير، أو توطين الفلسطينيين خارج أراضيهم.
وأشار مدبولي إلى أن تلك الإجراءات تتضمن كذلك العمل على توفير تدفق آمن ومستدام للمساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، حيث بدأت الجهود المصرية في هذا الشأن من بدء العدوان وبات هناك موقفٌ دوليٌ داعم لهذا الموقف المصري، كما لم تكتف مصر بذلك، لكنها انتقلت إلى العمل على ضمان تدفق الوقود لضمان عمل الخدمات الحيوية داخل قطاع غزة؛ إذ من شأن تدفق المساعدات الإنسانية وتدفق الوقود - حتى الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار في أقرب وقت ممكن ـ أن يقلل من حاجة الأشقاء الفلسطينيين إلى الخروج من القطاع، وأن يدعم حالة الصمود الفلسطيني للتمسك بالأرض وعدم تصفية قضيتهم العادلة، موجهاً التحية للشعب الفلسطيني على صموده وإصراره على التمسك بأرضه في مواجهة هذا العدوان الغاشم.
واستطرد رئيس الوزراء أن هناك جهوداً مستمرة بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية تقود إلى وقف إطلاق نار دائم، يمهد الطريق لفتح أفق سياسي وبدء عملية سلام على أساس المرجعيات الدولية والمبادرة العربية للسلام ومبدأ حل الدولتين تنتهي بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، مشيراً إلى نجاح الجهود المصرية في إدخال تغييرات مهمة على الموقف الدولي بهذا الشأن.
وفي ختام بيانه أمام مجلس النواب، جدد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء التأكيد على أن تراب سيناء عزيزٌ على كل المصريين؛ فهناك سالت دماؤهم في حروب شتى كُتب للمصريين فيها دوما النصر، لأن عقيدتهم كانت دوما النصر أو الشهادة، مشيراً إلى أن الدولة المصرية تبذل الآن جهوداً غير مسبوقة لتحقيق التنمية الشاملة في شبه جزيرة سيناء، لإيماننا بأن التنمية الشاملة هي المساندة لقواتنا المسلحة في الدفاع عن سيناء، ولدينا خطة لأن يكون في سيناء 8 ملايين مواطن، موضحاً أنه من إجمالي أكثر من 600 مليار جنيه أنفقتها الدولة خلال السنوات العشر الماضية لتنفيذ مشروعات بها، استأثرت شمال سيناء وحدها بنحو نصف هذا المبلغ، لتنفيذ أكثر من ألف مشروع باستثمارات قاربت 300 مليار جنيه، في ظل ظروف شديدة الصعوبة خاضتها الدولة في مواجهة إرهاب بغيض.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه حرص في نهاية شهر أكتوبر الماضي، تنفيذاً لتوجيهات السيد الرئيس، على زيارة محافظة شمال سيناء، وقام بإعلان تفاصيل خطة الدولة القادمة لاستكمال مسيرة التنمية المتكاملة بهذه المحافظة، والمُستهدف تنفيذها خلال 5 سنوات قادمة باستثمارات تقترب من 400 مليار جنيه، لتنفيذ 302 مشروع ترتبط بثلاثة مستهدفات رئيسية، تشمل: تحسين مستوى المعيشة لأهالينا في شمال سيناء، وتأسيس مجتمعات زراعية وعمرانية وصناعية وسياحية جديدة، وتهيئة البيئة الجاذبة للاستثمار لهذه المنطقة الواعدة.
وقال رئيس الوزراء: "جئت هنا لأطمئنكم وأطمئن المصريين بأن أجهزة الدولة المصرية، وعلى رأسها فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والحكومة المصرية، وجيشها الباسل، تعي ما يُحاك من أجل تصفية القضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه محاولة زعزعة الأمن المصري، وأننا لن نسمح بتحقيق أي من هذين المخططين، وفي الوقت نفسه ستستمر جهودنا لتنمية أرض الفيروز، في إطار مسيرة التنمية الشاملة التي تتحقق على أرض مصر".