ثمار الشراكة.. 50.5 مليار دولار التجارة غير النفطية بين الإمارات والهند
خلال الـ12 شهرا الأولى من دخول اتفاقية الشراكة بين دولة الإمارات والهند حيز التنفيذ، بلغت التجارة الثنائية غير النفطية 50.5 مليار دولار
وعقد فريق العمل الاستثماري الإماراتي الهندي المشترك رفيع المستوى، الخميس، اجتماعه الحادي عشر في أبوظبي برئاسة مشتركة بين الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، العضو المنتدب لجهاز أبوظبي للاستثمار، وبيوش جويال، وزير التجارة والصناعة وشؤون المستهلك والأغذية والتوزيع العامّ والمنسوجات في حكومة الهند.
جرى خلال الاجتماع، استعراض التقدم المُحرز على مستوى تنفيذ اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات والهند، التي دخلت حيّز التنفيذ في مايو 2022، مدشّنة بذلك حقبة جديدة من التعاون، وأرست ركائز قوية للعلاقات الثقافية والسياسية والاقتصادية بين البلدين؛ كما ساهمت اتفاقية الشراكة في تخفيض الرسوم الجمركية على أكثر من 80% من السلع وإزالة المعوقات الفنية أمام التجارة وفتح آفاق جديدة للاستثمار وإقامة المشاريع المشتركة.
وتشير البيانات الأولية إلى أنه خلال الأشهر الـ12 الأولى من دخول اتفاقية الشراكة حيز التنفيذ، بلغت قيمة التجارة الثنائية غير النفطية بين البلدين 50.5 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 5.8 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مما يؤكد أن البلدين يسيران بخطى حثيثة نحو تحقيق مستهدف الوصول بالتجارة غير النفطية بينهما إلى 100 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030.
واستعرض وفدا فريق العمل المشترك، خلال الاجتماع، مسار المفاوضات بشأن اتفاقية الاستثمار الثنائية بين الهند ودولة الإمارات، مؤكدين مجدداً الحاجة لتسريع وتيرة المحادثات الثنائية بغية إبرام اتفاقية متوازنة في أسرع وقت ممكن، بحيث يعود بالخير والمنفعة على البلدين والمستثمرين فيهما.
وناقش الجانبان، توفير السبل والحوافز اللازمة لتعزيز التدفقات الاستثمارية من قبل الكيانات الاستثمارية السيادية الإماراتية إلى الهند.
وفي هذا السياق، طرح الجانب الهندي فرص الاستثمار المحتملة في الهند في القطاعات ذات الأولوية كالطاقة المتجددة والصحة وأشباه الموصلات وتسييل الأصول.
كما بحث الجانبان التقدم المحرز في مسار إنشاء مكتب "آلية المسار السريع" لتسهيل الاستثمارات الهندية في دولة الإمارات؛ وفي هذا الصدد، طلب الجانب الهندي زيادة تعزيز هذه الآلية، خاصة فيما يتعلق بتسهيل الاستثمارات في القطاعات ذات الأولوية كالطاقة المتجددة والتحول في قطاع الطاقة؛ واتفق الجانبان على استخدام آلية المسار السريع في خلق أجواء أكثر تنافسية وأكثر قدرة على استيعاب مشاركة القطاع الخاص في كل بلد وإتاحة كافة الفرص أمامه لتوسيع أنشطته في أسواق البلد الآخر.
من جهة أخرى، تطرّق الجانبان في محادثاتهما لمشروع "جسر الشركات الناشئة بين دولة الإمارات والهند"، وهو مبادرة مشتركة بين كلٍّ من وزارة الاقتصاد الإماراتية ووزارة التجارة والصناعة الهندية تهدف لتوفير منصّة شاملة تقدّم دورات تدريبية للشركات الناشئة وتتيح لأعضائها فرصة تبادل المعلومات والخبرات حول موضوعات هامّة تتعلق بقواعد وقوانين دخول الأسواق المحلية، وصناديق الاستثمار، ورأس المال المُخاطر، وحاضنات الأعمال، والحالة العامّة لمناخ الأعمال في البلدين.
ومن القضايا المهمة أيضاً التي بحثها الاجتماع إنشاء "ممر التجارة الافتراضي" بين أبوظبي والهند، والذي يهدف إلى زيادة حجم التجارة الإجمالية عبر تطوير أنظمة تبادل البيانات لتسهيل تبادل المعلومات والوثائق المتعلقة بالتجارة غير الورقية بين البلدين، مما يساهم في تعزيز مستويات الكفاءة والأمن؛ واتفق الجانبان على مواصلة التنسيق والتعاون بين الأطراف المعنيّة في كلا البلدين من أجل تنفيذ هذه المرحلة الهامّة في أسرع وقت ممكن.
كما اطّلع الرئيسان المشاركان لفريق العمل المشترك على تقدم سير العمل في المشروعات الرئيسية، بما في ذلك الاستثمارات المتعلقة بمشروع الممر الغذائي في الهند الذي تم الاتفاق عليه خلال منتدى I2U2، ليكون بمثابة أداة قوية في معالجة تحديات الأمن الغذائي، وذلك بهدف تعزيز توريد المواد الغذائية الأساسية وإنشاء سلاسل إمداد غذائية بين البلدين، بحيث تكون متنوعة ومرنة وقادرة على التكيّف مع الأزمات العالمية.
وأشاد فريق العمل المشترك بالتقدم المُحرز على صعيد خطط جهاز أبوظبي للاستثمار للتواجد في "غوجارات إنترناشيونال فاينانس تيك سيتي" (غيفت سيتي)، وهي منطقة مالية حرة في ولاية غوجارات الهندية، بهدف تسهيل الاستثمارات المستقبلية لدولة الإمارات في الهند؛ ووجه الجانب الهندي الدعوة لصناديق الثروة السيادية الإماراتية الأخرى لتحذو حذو جهاز أبوظبي للاستثمار في تأسيس حضور ونشاط قوي لها في الهند.
يذكر أن فريق العمل المشترك تأسس سنة 2013 بهدف تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية والاقتصادية بين دولة الإمارات والهند، ويعد بمثابة قناة اتصال فعالة لتسهيل إمكانية بحث فرص وآفاق الاستثمار في البلدين ورصد كافة العقبات التي تعترض المستثمرين في كل بلد والعمل على إزالتها.
ومنذ تأسيسه، كان "فريق العمل المشترك" بمثابة هيئة فاعلة في عملية تحديد وحل المشكلات التي تواجهها الشركات الإماراتية والهندية التي ترغب في الاستثمار في كلا البلدين.
وقد تباحث الجانبان في القضايا العالقة الخاصة بالمشاريع الاستثمارية واتفقا على ضرورة الإسراع في حل كافة المصاعب والعراقيل التي يواجهها المستثمرون، وقد وجّه كل رئيس مشارك فريقه بمواصلة التعاون والعمل معاً وبالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنيّة لمعالجة هذه القضايا وحلّها بسرعة وبطريقة مُرضية لكلا الطرفين.
حضر الاجتماع، الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية، وخالد محمد بالعمى، محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين من الجهات الحكومية والهيئات الاستثمارية في كلا البلدين.
مذكرات تفاهم
من جانب آخر، شهد فريق العمل المشترك، توقيع مذكرة تفاهم، بين وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات ووزارة التجارة والصناعة في جمهورية الهند للتعاون في مجالات الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، لا سيما مجالات الفضاء والرعاية الصحية والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي وغيرها.
ويسعى الجانبان لحشد جهودهما لوضع إطار عمل مؤسسي لدعم جهود التعاون الثنائي، نظراً للدور الحاسم الذي تلعبه الصناعات والتكنولوجيا المتقدمة في تحقيق التنمية والتنوع الاقتصادي.
كما تم توقيع اتفاقية أخرى بين شركة "الاتحاد للمدفوعات"، وهي إحدى الشركات التابعة لمصرف الإمارات المركزي، وشركة المدفوعات الوطنية الهندية.
وتهدف الاتفاقية لإقامة شراكة استراتيجية لتطوير "المنظومة المحلية لبطاقات الدفع" في دولة الإمارات؛ وتمثّل هذه المنظومة إحدى الركائز الأساسية التي يقوم عليها برنامج تحوّل البنية التحتية المالية لمصرف الإمارات المركزي، الذي يهدف إلى تعزيز الدور الريادي لدولة الإمارات في مجال البنية التحتية المالية الرقمية عالمياً.
وستكون المنظومة أول منصة موحدة وآمنة وفعالة لبطاقات الدفع في دولة الإمارات، مما سيساهم في تسريع تحوّلها نحو اعتماد الاقتصاد الرقمي عبر دعم نمو التجارة الإلكترونية، وتزويد المستهلكين بعروض مصممة خصيصاً لتلبية احتياجاتهم، وإتاحة الخدمات المالية لمختلف شرائح المجتمع، وخفض تكاليف الدفع.
وبمناسبة عقد الاجتماع وتوقيع الاتفاقيات؛ أكد الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، العضو المنتدب لجهاز أبوظبي للاستثمار، والرئيس المشارك لفريق العمل المشترك سعي فريق العمل على مواصلة التكاتف وتضافر الجهود لضمان تطوير هذه الشراكة وجعلها أكثر قوة ونجاحاً بمرور الوقت، معربا عن ثقته بأن أنشطة فريق العمل المشترك ستلعب دوراً محورياً في الحفاظ على زخم العلاقات التجارية والاستثمارية بين الهند ودولة الإمارات وضمان استمرار ازدهارها، والعمل على استكشاف فرص جديدة لمجالات التعاون بين البلدين.
من ناحيته قال بيوش جويال وزير التجارة والصناعة وشؤون المستهلك والأغذية والتوزيع العامّ والمنسوجات في حكومة الهند، والرئيس المشارك لفريق العمل المشترك: في ختام هذه الجولة الناجحة من اجتماعات فريق العمل المشترك، يمكنني القول أننا تمكنا من خلال مباحثاتنا من تغطية العديد من الجوانب الرئيسية محل الاهتمام المشترك، كما قمنا بمراجعة آليات التعاون الثنائي الحالية وعملنا على تعزيزها، وبحثنا في سبل فتح آفاق جديدة أمام شراكات مستقبلية مثمرة.
وأضاف أن الحكومة الهندية تجدد تأكيدها أنها على وعي تام بمدى أهمية الأمن الغذائي بالنسبة لدولة الامارات، وأنها على أتم الاستعداد لتقديم كافة أشكال الدعم اللازم في هذا الملف؛ وقال إن التقدم الحاصل في مشروع الممر الغذائي أخذ يكتسب أهمية كبرى مع اتضاح معالمه الأولى.
وأشار إلى اتفاقية الشراكة بين شركة المدفوعات الوطنية الهندية ومصرف الإمارات المركزي لتطوير منظومة محلية لبطاقات الدفع في دولة الإمارات على غرار نظام بطاقة RuPay الهندية يعد من المحطات الرئيسية في مسيرة العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وأعرب عن ثقته في أن الشراكة القائمة بين دولة الإمارات والجمهورية الهندية ستقطع أشواطاً بعيدة في مسيرة النجاح لتصبح عنواناً للشراكات الناجحة والمثمرة بين الدول.