الشيخ أحمد علي تركي يكتب: رفع اليدين في الدعاء
#الأصل في الدعاء رفع اليدين .
#أي أن الأصل أن من آداب الدعاء أن يمد الإنسان يديه إلى ربه كالفقير المستجدي .
#ويدل بذلك قوله صلى الله عليه وسلم :
إن الله حليم كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً .
#وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل :
أشعث أغبر يمد بيديه إلى السماء يا رب يا رب .
إلا إذا دلت السنة على عدم الرفع .
وهذه المسألة لها أحوال بل أقسام :
#القسم الأول ما وردت السنة بتركه :
مثل رفع اليدين في الدعاء حال خطبة الجمعة؛ فإن الصحابة رضى الله عنهم أنكروا على بشر بن مروان رفع يديه في خطبة الجمعة حين الدعاء ؛ إلا في شيء واحد ؛ وهو الدعاء بالاستقساء أو الاستصحاء .
فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه في خطبة الجمعة ؛ فقد دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فقال :
يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادعُ الله أن يُغيثنا .
فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال :
اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا .
ورفع الناس أيديهم معه ، فأنشأ الله سحابة مثل الترس ، ثم لما توسطت السماء انتشرت ورعدت وبرقت ونزل المطر قبل أن ينزل النبي صلى الله عليه وسلم من على المنبر ، ما نزل إلا والمطر ينحدر من لحيته ، وبقي المطر أسبوعاً كاملاً ، وفي الجمعة الثانية دخل رجل أو الرجل الأول وقال :
يا رسول الله ؛ غرق المال وتهدم البناء ؛ فادعُ لله يمسكها عنا .
فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال :
اللهم حوالينا ولا علينا .
وجعل يشير إلى النواحي ، فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت ، وخرج الناس يمشون في الشمس ففي حال الاستسقاء يرفع الإنسان يديه إلى ربه عز وجل ولو في خطبة الجمعة .
#الحال_الثانية
ما ظاهر السنة فيه عدم الرفع ؛ وذلك في الدعاء في الصلاة فإن الظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه فهو يجلس بين السجدتين ويقول :
ربي اغفر لي وارحمني .
ولم ينقل عنه أنه رفع يديه مع حرص الصحابة على تتبع أقواله وأفعاله في صلاته ونقلها .
والحال الثالثة :
أن تكون السنة قد وردت بالرفع فيه ، كما ثبت ذلك في الدعاء على الصفا وعلى المروة ، وفي الدعاء في عرفة، وغير ذلك حتى أوصلها بعض العلماء إلى أكثر من ثلاثين موضعاً مما جاءت السنة فيه صريحة بالرفع .
والأمر في هذا ظاهر أن الإنسان يرفع يديه .
#والرابع
ما لم ترد السنة به لا بهذا ولا بهذا فالأصل الرفع، وإن لم يرفع فلا بأس، ولا شك أن الرفع فيه زيادة ابتهال إلى الله عز وجل وطمعاً في رحمته .
ولهذا كان من آداب الدعاء؛ إلا ما وردت السنة بخلافه، والمسألة لا تخلو من الأحوال الأربعة التي ذكرت .
يعني أن رفع اليدين على أقسام أربعة :
ما وردت السنة فيه بالرفع ، وما وردت فيه بعدم الرفع صراحة ، وما كان الظاهر فيه عدم الرفع وما خلا من ذلك الأقسام الثلاثة .