ما هي مكاسب الرئيس البيلاروسي بعد نجاحه في وقف تمرد ”فاجنر”؟
كسب الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو فرصة لتحسين صورته في الداخل كما في الخارج، حيث بدا في موقف الحليف المُخلص لـ بوتين والمنقذ، أنهى ما اصطلح على تسميته "تمرّد فاجنر"، حقن الدماء في قلب موسكو حائزاً ثقة المتخاصمين، تاركاً أسئلة غامضة فلماذا هو بالتحديد من عَرَض الوساطة وقُبلت، وماذا كسب؟
تمرُّد "فاجنر" أوقِف بجهود لوكاشينكو. المكتب الرئاسي في روسيا البيضاء، أعلن أن "الرئيس توسط في التوصل إلى اتفاق لوقف التصعيد من جانب مقاتلي فاجنر في روسيا، بعد حصوله على موافقة بوتين مقابل ضمانات لسلامتهم الإعلان هذا نُشر على القناة الرسمية لرئاسة روسيا البيضاء عبر "تيليجرام".
المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف قال إن لوكاشينكو عرض التوسط للتوصل إلى اتفاق، بعد موافقة من بوتين، كونه على معرفة شخصية ببريغوجين منذ نحو 20 عاماً.
وكان لوكاشينكو وبوتين أجريا محادثات هاتفيه أبلغ فيها رئيس بيلاروسيا نظيره الروسي نتائج المفاوضات مع قيادة مجموعة "فاجنر".
وبالفعل اتفق الرئيسان بوتين ولوكاشينكو على أن يبذل الأخير جهود وساطة لتسوية الوضع". بيسكوف أعلن ذلك. "على الأغلب ستسألونني: لماذا الرئيس لوكاشينكو بالذات؟"، قال بيسكوف مُعقباً: "الحقيقة هي أنه كان على معرفة شخصية ببريغوجين منذ نحو 20 عاماً. كان هذا اقتراح لوكاشينكو الشخصي".
الدور المباشر لرئيس بيلاروسيا في وقف تمرّد "فاجنر"، أكسبه مزايا عديدة وفق تحليل لمعهد دراسة الحرب الأميركي. بحسب ISW فإن التفاوض الناجح مع قائد "فاغنر"، يعكس تأثير الرئيس البيلاروسي "غير المُحدد على بريغوجين".
ومن المُرجّح، وفق معهد دراسة الحرب الأميركي، أن "يسعى لوكاشينكو إلى استخدام تخفيف حدة التمرد المسلح لتحقيق أهدافه، مثل تأخير إضفاء الطابع الرسمي على دولة اتحاد روسيا وبيلاروسيا أو منع بوتين من استخدام القوات البيلاروسية في أوكرانيا.
وساطة لوكاشينكو ونجاحه في إنهاء تمرد "فاجنر"، أطلقا دعوات خصومه في الداخل إلى الانقلاب عليه. القائد العسكري المعارض البيلاروسي فاليري ساخشيك، ظهر في مقطع فيديو، داعياً إلى الانقلاب على لوكاشينكو حليف بوتين. ساخشيك كان يشغل قبل أن ينشق، منصب قائد لواء في القوات الجوية البيلاروسية. وبعد بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، في 24 فبراير 2022، أطلق نداءات عدة إلى القوات البيلاروسية، من أجل حثها على رفض المشاركة في أي هجوم ضد أوكرانيا.
جذور الخلاف بين وزارة الدفاع الروسية وقائد مجموعة "فاجنر" تعود، وفق مقالة نشرتها "نيويورك تايمز"، إلى معركة باخموت في أوكرانيا. بالنسبة إلى بريغوجين الذي قاد مرتزقته الهجوم على باخموت، بدا الاستيلاء على المدينة الأوكرانية "هوساً شخصياً"، وبدأت خلال المعركة الخلافات بينه وبين وزارة الدفاع تظهر إلى العلن.
وصوّر قائد "فاجنر"، على وسائل التواصل الاجتماعي، نفسه وقواته كمقاتلين أكثر قسوة وفعالية من الجيش الروسي، وشجب بيروقراطية وزارة الدفاع في موسكو. كل ذلك مع الحفاظ على تحالف وثيق مع الرئيس فلاديمير بوتين.
"نيويورك تايمز" لفتت إلى أن اتهامات بريغوجين الواضحة حول كفاءة وزارة الدفاع الروسية، مقترنة بتقدم مقاتليه في المعركة الطاحنة لباخموت، حوّلته من شخصية سرية ذات يوم إلى لاعب قوي سياسياً على المسرح العام، ليصبح الخلاف بين بريغوجين ومسؤولي الدفاع الروس أكثر انكشافاً مع اقتراب الذكرى الأولى للحرب، في شباط من هذا العام.
الصحيفة الأميركية نشرت وثيقة استخبارية أميركية سرية أظهرت تفاقم الخلاف لدرجة أن "بوتين أصبح متورطاً شخصياً، ودعا بريغوجين ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إلى اجتماع يُعتقد أنه قد تم يوم الأربعاء بتاريخ 22 شباط الماضي. ومن شبه المؤكد أن الاجتماع يتعلق، على الأقل جزئياً، باتهامات بريغوجين العلنية والتوتر الناتج من ذلك مع شويغو"، كما جاء في الوثيقة.
وفي الخامس عشر من مايو الماضي، أظهرت وثيقة جديدة من الوثائق العسكرية الأميركية المسربة، أن بريغوجين عرض إعطاء مواقع للقوات الروسية إلى الجيش الأوكراني.
صحيفة "واشنطن بوست" نشرت التسريب ضمن تقرير مطول، ذكرت فيه أن بريغوجين قال إنه سيخبر الجيش الأوكراني بأماكن القوات الروسية لمهاجمتها إذا سحبت قواتها من المناطق المحيطة بمدينة باخموت المحاصرة، حيث تكبد مرتزقة "فاجنر" خسائر فادحة. مع مقتل الآلاف من قوات المرتزقة التابعة له في معركة من أجل مدينة باخموت المدمرة، قدم بريغوجين عرضاً استثنائياً لأوكرانيا بريغوجين نقل الاقتراح وفق "واشنطن بوست" إلى أشخاص يعملون في مديرية الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، وكان قد أجرى معهم اتصالات سرية أثناء الحرب، بحسب وثائق استخبارات أميركية لم يتم الإبلاغ عنها سابقاً تم تسريبها على منصة Discord.