ماذا تفعل الدول بعد انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب؟
لا تزال الأزمات تتصاعد حول الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك بعد إعلان موسكو انسحابها الشهر المقبل من اتفاق الحبوب، ما يؤدي إلى تهديد المزيد من البطون الخاوية عالميا.
ويعد اتفاق تصدير الحبوب الموقع بين البلدين، نص على السماح لأوكرانيا بإعادة فتح موانئها لتصدير ملايين الأطنان من الحبوب بعد أن توقفت سلاسل الإمداد منذ اندلاع الحرب بين موسكو وكييف في فبراير 2022.
مصير انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب
انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب سينعكس على الدول النامية، وسوف تعود أزمة الغذاء للتفاقم مجددا، وسيشهد العالم موجة جديدة وشديدة من الارتفاع في أسعار الغذاء على مستوى العالم بما يساهم في زيادة التضخم، بجانب توقف سلاسل الإمداد مرة أخرى.
وفي هذا الصدد، قال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إنه لا توجد فرصة على ما يبدو، لتمديد الاتفاق الذي يسمح لأوكرانيا بتصدير الحبوب بأمان عبر البحر الأسود.
باتت الأزمات الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، تشكل مخاطر على العديد من الدول، وأبرز هذه الدول سوريا ولبنان واليمن، وصولاً إلى سريلانكا وباكستان، وبالرغم من أزمات الغذاء التي يمر بها العالم منذ إنشاء برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة في عام 1963، إلا أنه لم يصل الجوع إلى هذه المستويات.
ومن جانبها، تمكنت اتفاقية مبادرة حبوب البحر الأسود من السماح بين الجانبين بالمرور الآمن للسفن من أوكرانيا، وتعد هذه الاتفاقية هي الأولى والوحيدة التي أُبرمت بينهما، بالتزامن مع اضطراب سلاسل توريد الحبوب بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
وسمحت مبادرة الحبوب لأوكرانيا بتصدير المنتجات الزراعية بعد الحرب الروسية في يوليو الماضي، وتجددت في نوفمبر الماضي، ووفقا لأحدث تقارير الأمم المتحدة، فالاتفاقية منذ توقيعها سمحت بتصدير نحو 31.5 مليون طن من الحبوب التي شملت الذرة، وزيت عباد الشمس، والقمح، وغيرها، إضافة إلى أكثر من 1600 سفينة عبر البحر الأسود، كما توجهت نحو 55 في المئة من الصادرات الغذائية إلى البلدان النامية.
لماذا يتم استخدام الغذاء كسلاح؟
وفي فبراير الماضي، مرت اتفاقية الصادرات من الحبوب الأوكرانية بأوقات عصيبة، إذ دعت أوكرانيا المجتمع الدولي إلى مطالبة الاتحاد الروسي بالتوقف الفوري عن تقويض اتفاقية حبوب البحر الأسود، وإلغاء الحظر المفروض على الملاحة التجارية المتوجهة إلى الموانئ الأوكرانية، واستخدام الغذاء كسلاح.
لكن صفقة تصدير الحبوب في البحر الأسود توسعت بين موسكو وكييف؛ بهدف معالجة أزمة الغذاء العالمية، التي تفاقمت بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي مايو الماضي، وافقت روسيا على تمديد الصفقة لمدة شهرين، والتي تشمل 3 موانئ أوكرانية لكنها أعلنت أن المبادرة ستتوقف، ما لم تُرفع العقوبات عن صادرات الحبوب والأسمدة الروسية.
وقالت روسيا إنها ستسمح بمرور المزيد من السفن إذا وافق جميع الأطراف في اتفاق الحبوب على إلغاء حظر عبور الأمونيا الروسية عبر خط أنابيب يمر بالأراضي الأوكرانية إلى بيفديني لتصديرها، لذلك لفتت الأمم المتحدة إلى أهمية بدء العمل التحضيري لنقل الأمونيا الروسية عبر أوكرانيا، كجزء من جهود إنقاذ الاتفاقية للسماح بتصدير الحبوب بأمان في البحر الأسود.
ورقة ضغط في الحرب الروسية
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الروسية، في يونيو، إنها لا ترى آفاقا لتمديد اتفاق تصدير الحبوب في البحر الأسود، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا، كما أوضح متحدث باسم الأمم المتحدة أن موسكو ستحد من الشحنات المتجهة إلى ميناء بيفديني في مقاطعة أوديسا.
وسبق، وقال رئيس الحجر الزراعي أحمد العطار، في تصريحات له، إن انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب قد يؤثر على كميات القمح الصادرة عن أوكرانيا، وبالتالي يؤثر ذلك على الكميات المتاحة بالأسواق العالمية، ومن ثم يتسبب هذا الأمر في "ارتفاع الأسعار مجددًا وخاصة القمح والذرة".
وبالنسبة لموقف مصر من هذه الأزمة، شدد رئيس الحجر الزراعي على أن "هذا القرار لن يؤثر على توافر الكميات المطلوبة من القمح أو الأعلاف أو الحبوب الأخرى الواردة إلى مصر، لأننا لدينا مناشئ معتمدة متعددة ونستطيع الاستيراد منها لحين انتهاء تلك الأزمة وعودة الأوضاع لطبيعتها".
وأضاف: "استيراد شحنات القمح أو الذرة يكون عبر شركات موردة لصالح هيئة السلع التموينية أو القطاع الخاص، ويتمثل دور الحجر الزراعي في فحص تلك الشحنات في بلد المنشأ أو بعد وصولها للموانئ المصرية".
ومن جانبه يقول السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، إن قرار روسيا بعدم إمداد الدول بالحبوب يعد ورقة ضغط في الحرب الروسية الأوكرانية من الناحية الاقتصادية لتحقيق مواقف سياسية، ولكن في النهاية يصعب استمرار روسيا في استخدامها لهذه الورقة من أجل الضغط على العالم.
وأضاف حليمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن جميع دول العالم تسعى جاهدة لوجود بدائل لهذه الحبوب، حتي لا تجد نفسها دون بدائل أو إمداد من تلك الحبوب، حتى وإن كانت تلك البدائل ليست بشكل كامل.
وأشار حليمة، إلى أن كل الدول تلجأ الآن إلى حلول بديلة، ويتم إتخاذ العديد من الاجراءات ليكون لديها إكتفاء ذاتي، حتي لا تضطر أن تلجأ لروسيا، وحتى تبتعد أيضا عن أزمات الغذاء.