جريدة الديار
الإثنين 23 ديسمبر 2024 01:30 صـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

164 عاما على إنشاء قناة السويس

قناة السويس ممر مائي صناعي بطول 193 كم بين بورسعيد على البحر الأبيض المتوسط والسويس على البحر الأحمر، وتقسم القناة إلى قسمين، شمال وجنوب البحيرات المرّة، تسمح بعبور السفن القادمة من دول المتوسط وأوروبا وأمريكا الوصول إلى آسيا دون سلوك الطريق الطويل - طريق رأس الرجاء الصالح.

الخامس والعشرون من أبريل تاريخ مهم عند المصريين ارتبط بذكرى تحرير سيناء، التي رحل عنها الإسرائيليون في مثل هذا اليوم من عام 1982 (عدا طابا التي استردت فيما بعد في مارس 1989)، وصار هذا اليوم (25 أبريل) عيدا وطنيا يحتفل به المصريون.

هناك حدث تاريخي آخر (في 25 أبريل) لا يمكن أن تغفل عنه سجلات التاريخ الحديث لأنه من أهم المنجزات الحضارية في القرن التاسع عشر، حين بدأ المصريون بسواعدهم حفر قناة السويس، وشقوا بأيديهم أكبر ممر مائي في العالم بطول 163 كيلومترا بين بورسعيد والسويس.

استغرق حفر قناة السويس 10 سنوات (1859 - 1869)، وتعتبر قناة السويس أهم مجرى ملاحى في العالم وتتحكم في 40% من حركة السفن والحاويات في العالم وكذلك لربطها بين دول جنوب شرق آسيا وأوروبا والأمريكتين.

كيف بدأت الفكرة

بدأت فكرة إنشاء قناة السويس عام 1798 مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر، فكر نابليون في شق القناة إلا أن تلك الخطوة لم تكلل بالنجاح، وفي عام 1854 استطاع فرديناند ديليسبس (سياسي فرنسي) إقناع محمد سعيد باشا بالمشروع وحصل على موافقة الباب العالي، فقام بموجبه بمنح الشركة الفرنسية برئاسة ديليسبس امتياز حفر وتشغيل القناة لمدة 99 عاما.

بدأ حفر قناة السويس ووصل عدد العمال المصريين فى البداية إلى 330 عاملا والاجانب 80 عاملا، وتم الاستغناء عن فكرة الاستعانة بعمال أجانب لعدة أسباب من ضمنها ارتفاع أجورهم واختلاف المناخ واختلاف عاداتهم عن العمال المصريين، وفي أوائل عام 1860 بلغ عدد العمال 1700 عامل ولم يكن ذلك العدد كافياً على الإطلاق فقامت الشركة بتشكيل لجنة لجمع العمال.

في عام 1861 ركزت الشركة على إنشاء ميناء مدينة بورسعيد، فأقامت منارة لإرشاد السفن وكوبرى يمتد من البحر إلى الشاطئ لتفريغ شحنات السفن والمعدات اللازمة للحفر وأنشأت أيضاً حوضا للميناء وأقامت الورش الميكانيكية مثل الحدادة والخراطة والنجارة وأقامت مصنعاً للطوب وكانت الشركة تواجه مشكلة نقص مياه الشرب فاتفقت مع محمد الجيار صاحب مراكب الصيد على نقل مياه الشرب من المطرية إلى بورسعيد.

في 12 أبريل 1861 زار الخديوي سعيد الميناء الذي حمل اسمه فيما بعد وزار الورش وأثنى على العمل وتسببت تلك الزيارة في رفع عدد العمال اللازمين لحفر القناة، وفي 19 أبريل 1861 أرسلت الشركة 3000 عامل لحفر ترعة المياه العذبة بدءاً من القصاصين إلى قرية نفيشة بالقرب من بحيرة التمساح.

في أواخر عام 1861 زار الخديوى مناطق الحفر بجوار بحيرة التمساح واختار موقع المدينة التي ستنشأ بعد ذلك التي حملت اسم الإسماعيلية وطلب بعدها ديلسبس زيادة عدد العمال إلى 25000 عامل شهرياً وكان ذلك للوفاء باحتياجات الحفر.

في 18 نوفمبر 1862 أقام ديلسبس احتفالاً بمناسبة الانتهاء من حفر القناة البحرية المصغرة ووصول مياه البحر المتوسط إلى بحيرة التمساح وأقيم الحفل في منطقة نفيشة، وكان الخديوى إسماعيل تولى حكم مصر في يناير 1863 وتحمس للمشروع ولذلك أنشأ محافظة القنال في مارس 1863 برئاسة إسماعيل حمدي بك وفى أواخر ذلك العام وتحديداً في 15 ديسمبر 1863 بلغت الترعة الحلوة مدينة السويس.

ولأن مشكلة مياه الشرب كانت ما زالت مستمرة وخاصة في بورسعيد فقد بدأت الشركة في 10 أبريل 1864 في مد خط أنابيب المياه العذبة من التمساح إلى بورسعيد وقامت شركة المهندس لاسرو بذلك؛ وبسبب كثرة العمال وعدم وجود رعاية صحية كافية لهم انتشر أكثر من وباء بينهم قضى على كثير منهم ومن أشهر هذه الأوبئة وباء الكوليرا وظهر في 16 يونيو 1865 ووباء الجدرى في أواخر عام1866.

وفى 18 مارس 1869 وصلت مياه البحر المتوسط إلى البحيرات المرة. وفى 15 أغسطس ضربت الفأس الأخيرة في حفر القناة وتم اتصال مياه البحرين في منطقة الشلوفة.

جرى استخراج 74 مليون متر مكعب من الرمال والتكاليف 369 مليون فرنك فرنسي وعدد العمال مليون، ويبلغ عدد الذين ماتوا أثناء الحفر نحو 125 ألف عامل ويبلغ طول القناة 165 كم وعرضها 190 متر وعمقها 58 قدما.

افتتحت قناة السويس رسميا عام 1869، وكان الخديوي إسماعيل (1830-1895) الذي انتهت في عهده أعمال حفر القناة باع الأسهم المصرية فيها لبريطانيا من أجل تسديد الديون الخارجية المتراكمة (آنذاك)، وبعد نحو 9 عقود، أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرارا بتأميم قناة السويس في يوليو1956.

مصدر دخل مهم

قناة السويس، مازالت أهم معبر مائي اصطناعي في العالم، وتحقق عائدا سنويا يصل إلى أربعة مليارات دولار، وتأتى في مركز متقدم بين مصادر الدخل القومي الرئيسية للاقتصاد المصري.

ومن أبرز الأسباب التي ساعدت على زيادة إيرادات القناة هي التوسعات السابقة التي جرت في المجري الملاحي للقناة، ومكنته من استيعاب مرور ناقلات عملاقة لم تكن قادرة على المرور به من قبل وسفن بحمولات كبيرة.

قناة السويس الجديدة

تم تأسيس قناة السويس الجديدة بشكل موازٍ لقناة السويس القديمة من أجل تسهيل وتسريع عملية مرور سفن الشحن عبر القناة في كلا الاتجاهيين، والتقليل من مدة انتظار السفن العابرة للقناة، إضافة إلى زيادة القدرة الاستيعابية للقناة من أجل التمكن من استيعاب النمو المستقبلي المتوقع للتجارة العالمية، وما يترتب على ذلك من جعل قناة السويس الطريق المفضل لدى السفن التجارية، ورفع الدخل القومي للبلاد، وتوفير فرص عمل جديدة وإيجاد مجتمعات حضرية جديدة، وتعزيز أرباح العملة الصعبة. وافتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي رسميًا مشروع قناة السويس الجديدة غي 6 أغسطس 2015.