جريدة الديار
الثلاثاء 5 نوفمبر 2024 03:52 مـ 4 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

ناشيونال انترست: نشر روسيا أسلحة نووية في بيلاروسيا غطرسة واضحة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشويجو
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشويجو

تقول مجلة ناشيونال انترست أن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا، أثار اهتمام المؤسسات الدولية المعنية، والخبراء العسكريين، لبحث أهداف القرار وتبعاته، وهل من الممكن أن يكون بداية لتغير وتيرة المعارك إلى تصعيد نووي، أم أنها مجرد مناورة جديدة لتشتيت الانتباه؟.

وسلَّطت المجلة الأمريكية الضوء على تبعات القرار بالنسبة لأوكرانيا، مشددة على أنه مع تهديدات بوتين بالاستخدام النووي لأول مرة في أوكرانيا لا يمكن أن تكون رسائل مضللة، خصوصًا أنها جاءت بعد ثلاثة أيام فقط من لقائه الرئيس الصيني شي جين بينغ في موسكو ، وبعد توصل البلدين إلى عدد من الاتفاقات بشأن التعاون السياسي والعسكري والاقتصادي.

وأشارت إلى أن موسكو وبكين تعملان بشكل صريح ومشترك على إنشاء نظام عالمي جديد، تهمَّش فيه الولايات المتحدة، واستبدال نظام متعدد الأقطاب أكثر ملاءمة للأهداف الصينية والروسية، بالعالم أحادي القطب الذي تهيمن عليه واشنطن.

ووصفت "ناشيونال إنترست" قرار بوتين بنشر أسلحة تكتيكية في بيلاروسيا، بأنه ينم عن غطرسة واضحة، خصوصًا بعد أن حصل الرئيس الروسي على دعم غير مسبوق من بكين، إلا أن هذه الخطوة تكشف أيضًا عن مرحلة من اليأس يمر بها زعيم الكرملين، ما يعني أن الأمور أكثر خطورة.

وقالت: كان من المفترض أن تمنح المصافحة الذهبية بين شي وبوتين إحساسًا متجددًا بالثقة لروسيا، في ما يتعلق بأهدافها السياسية والعسكرية، إلا أنه بدلاً من ذلك، نقل الرئيس الروسي بعض بيادقه العسكرية على رقعة الشطرنج، كشكل من أشكال الإشارات والرسائل النووية، ما يدل على أنه لم يعد موقنًا بالنصر، ومن ثمّ قد تتطور الأمور لما هو أسوأ.

وأوضحت المجلة، أن يأس بوتين، يأتي بعد مرور أكثر من عام من القتال في أوكرانيا، ولم تتمكن القوات العسكرية الروسية من تحقيق أهدافها، إذ فشلت الحرب الخاطفة الأولية في الاستيلاء على كييف أو حمل حكومة الرئيس فلاديمير زيلينسكي على الاستسلام.

فقد وصلت العمليات العسكرية الروسية شرقي وجنوبي أوكرانيا إلى مرحلة من الجمود، ولم تحقق أي تقدم يذكر، بينما كانت الخسائر الروسية فادحة، وزاد الإحباط بين الجنود.

ومما يزيد يأس بوتين -حسب المجلة- الخلاف الواضح بين فصائل السيلوفيكي النخبة الأمنية الروسية وأيضًا التنافس بين مجموعة فاغنر المرتزقة وقوات الجيش النظامي.

كما أدت زيادة عمليات التجنيد إلى فرار عديد من الشباب في سن التجنيد من البلاد.

وأدت مقامرة بوتين بغزو أوكرانيا، قبل أكثر من عام، إلى توحيد وإحياء "الناتو" كتحالف سياسي وزيادة قدراته العسكرية مقارنةً بقدرات روسيا، خصوصًا بعد انضمام فنلندا وربما السويدإلى عضوية الحلف في القريب العاجل.

وأثرت العقوبات الاقتصادية سلبًا في الاقتصاد الروسي بدرجة أقل بكثير مما توقعه أو كان يأمله حلف الناتو، ولا تزال أغلبية الجمهور الروسي تدعم الحرب ضد أوكرانيا.

وتضيف المجلة: من المنطقي أن يتوقع القادة السياسيون والعسكريون الروس أن حربًا طويلة ضد أوكرانيا ستكون بالنهاية في صالح روسيا، بسبب تعداد سكانها الأكبر ومواردها الأضخم.

وتستطيع روسيا التمييز جيدًا بين حروب الإبادة، التي يتحقق فيها نصر حاسم بعملية عسكرية سريعة وقاهرة، وحرب استنزاف، حيث يحاول الجانبان استنزاف بعضهما من القوى البشرية والموارد والإرادة على مدى فترة طويلة.

وبينت "ناشيونال إنترست" أن الانتصار في حرب استنزاف، إذا كانت تكلفة الدم والأموال مرتفعة، يأتي مصحوبًا بمخاطر سياسية، خصوصًا إذا كانت السلطة مسؤولة أمام ناخبين في نظام ديمقراطي.

وترى أن الحنين بين الروس لعهد جوزيف ستالين، أصبح كبيرا، ليس رغبةً في العودة إلى معسكرات الاعتقال والإعدامات الجماعية في تلك الحقبة، وإنما لاستعادة ذكرى النصر في حرب الوطن العظمى وذروة القوة السوفيتية التي نتجت عنها.

وأضافت: حتى بوتين يجب أن يدرك أن روسيا تواجه ضرورة ملحة لإظهار النتائج في ساحة المعركة ، لافتة إلى أنه ظهرت تقارير متكررة عن هجوم روسي كبير ضد أوكرانيا مخطط له في وقت لاحق من هذا الربيع.

من ناحية أخرى، يخطط الأوكرانيون أيضًا لشن هجمات مضادة في الشرق والجنوب، وقد وعدت الولايات المتحدة، مع حلفائها في "الناتو"، بتسليم أسلحة أكثر تقدمًا إلى كييف، بما في ذلك الدبابات الحديثة وناقلات الأفراد، والصواريخ بعيدة المدى، وطائرات من دون طيار، فضلًا عن دعم استخباراتي لعمليات ساحة المعركة.

ورغم انتقادات البعض لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه كان من المفترض إرسال أسلحة أكثر تقدمًا إلى أوكرانيا في أسرع وقت، فإن الأنظمة الأحدث تتطلب وقتًا لتدريب المشغلين وخط إنتاج سريع للمعدات الثقيلة.

وقد أدت خفة الحركة والتصميم والاستخدام الماهر للاستخبارات وأنظمة التحكم في القيادة لدى الأوكرانيين، إلى التحقق من عديد الأدوات العسكرية الروسية أعداد القوات ومهام القادة والعتاد.

وبذلك قد لا يكون أمام روسيا مزيد من الوقت، لمحاولة إنهاك القوات الأوكرانية، ومن ثمّ لا يمكن أن تكون رغبة بوتين في نشر أسلحة نووية تكتيكية خارج روسيا، إلى جانب تهديداته السابقة بالاستخدام النووي لأول مرة، مجرد رسائل مضللة.

وبناءً على تصريحات بوتين المتكررة بشأن استخدام الأسلحة النووية، فإنه إذا واجهت روسيا انتكاسات خطيرة في ميدان المعركة، إلى الحد الذي تفقد فيه الأهداف الأساسية، من الممكن اتخاذ قرار باستخدام الأسلحة النووية لأول مرة بشكل محدود، وفقا المجلة.

وحسب المجلة، فإنه بعد الانتصارات التي حققتها القوات الأوكرانية على الأرض، التي على وشك استعادة جميع أراضيها، فإن اللجوء إلى هذا القرار قد يكون قريبًا.

وأضافت: قد تتخذ روسيا هذا القرار، ليس فقط كوسيلة لتعويض حرب تقليدية لا تسير على ما يرام، لكن أيضًا على افتراض أن إطلاق أول سلاح نووي منذ قصف ناغازاكي ستكون له صدمة غير مسبوقة.

وحسب المجلة، فإن القادة الروس يعتقدون أن اللجوء إلى هذا القرار، قد يذهل القيادة العليا الأوكرانية ويُقسم "الناتو" سياسيًا ويبث خوفًا جماهيريًا في أوروبا وأمريكا الشمالية، ويدفع العالم نحو الإذعان للشروط الروسية للتسوية السلمية.

لكن في المقابل، قد تؤدي الضربة الروسية، إلى رد انتقامي كبير من الناتو.

فعلى سبيل المثال، لو لجأت روسيا إلى طلقة نووية تجريبية، من خلال تفجير سلاح على ارتفاع عالٍ بما يكفي لنبضة كهرومغناطيسية واسعة النطاق، تلحق الضرر بالأصول العسكرية الفضائية المهمة أو تعطل الاتصالات الأرضية وأنظمة التحكم، لكنها لم تحقق النتائج المرجوة، فإن رد فعل "الناتو" سيكون عنيفًا جدًا، خصوصًا مع ازدياد الغضب العالمي ضد روسيا.

وأشارت المجلة، إلى أنه إضافة إلى احتمال أن يكون قرار روسيا بنشر بعض أسلحتها النووية في بيلاروسيا، رسالة خاطئة تستند إلى منطق خاطئ، فإنه يثير أيضًا مشكلات فنية، لافتة إلى أنه إذا كان المقصود من هذه الأسلحة أن تكون رادعًا، فقد يُنظر إليها أيضًا على أنها أهداف جذابة لعمليات الكوماندوز الأوكرانية أو المعارضين البيلاروسيين لنظام لوكاشينكو.

فمن الناحية النظرية، لا يمكن إلا لرئيس روسيا وكبار قادته العسكريين، أن يأذنوا بالإفراج عن الأسلحة النووية، لكن من الناحية العملية، فإن التسلسل القيادي يكون قويًا بقدر قوة الحلقة الأضعف فيه.

وتتساءل "ناشيونال إنترست": هل يمكن لمجموعة من القادة في موسكو بمساعدة عملاء لهم في روسيا البيضاء أن يتسببوا في حالة من الفوضى، في خصم المعارك المحفوفة بالمخاطر أو عند اقتراب تعرض روسيا لهزيمة استراتيجية.