جريدة الديار
السبت 23 نوفمبر 2024 02:42 مـ 22 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

أبرز المحطات في تاريخ الجامع الأزهر في ذكرى تأسيسه الـ 1083

تحل اليوم الأربعاء السابع من رمضان الذكرى الـ1083 على افتتاح الجامع الأزهر الشريف، قبلة العلم وكعبة العلماء، ومقصد الطلاب والباحثين من مصر وأكثر من 100 دولة حول العالم، والذي يشهد طفرة كبيرة في الأنشطة الدعوية والفعاليات العلمية خلال السنوات العشر الأخير، وهو ما وصفه كثير من المحللين والمهتمين بأنه عودة للجامع والجامعة.

ذكرى تأسيس الجامع الأزهر

الجامع الأزهر الذي أسسه القائد جوهر الصقلي كثاني معلم من معالم القاهرة، تأسس عقب تأسيس مدينة القاهرة، بدأ عمارته في الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 359هـ الموافق 7 من مايو 970م، وبعد تشييده بعامين تم فتح الصلاة فيه في السابع من شهر رمضان سنة 361هـ، الموافق في 23 من يونيو سنة 972م، وبذلك يكون بناؤه قد استغرق سنتين وثلاثة أشهر، وذلك بحسب ما أكده الباحث التاريخي بالجامع الأزهر الدكتور خلف جلال.

وأوضح الدكتور خلف جلال، أن أول صلاة أقيمت في الجامع الأزهر كانت صلاة الجمعة، ويعد الأزهر أول مسجد جامع أقيم في مدينة القاهرة المعزية، وأول عمل فني معماري أقامه الفاطميون في مصر ولا يزال قائمًا حتى اليوم، ويشغل نفس المكان الذي أقيم فيه منذ ألف سنة، وإن كانت قد ألحقت بمبناه منشآت جديدة زادت في مساحته الأولى، وما زالت في الجامع الأزهر بقية من المنشآت والنقوش الفاطمية الأولى تحتل ذات المكان الذي أقيمت فيه عند إنشاء المسجد، وهي تكاد تبلغ نصف مساحة المسجد الحالي.

وأضاف الباحث التاريخي بالجامع الأزهر، أن جوهر الصقلي، جعل أمام الجامع الأزهر رحبة فسيحة جدًا، وكان الخلفاء الفاطميون حين يذهبون إلى الجامع الأزهر للصلاة بالناس يترجل الجنود ويصطفون في هذه الرحبة حتى يدخل الخليفة الجامع، ويشمل الأزهر مكانًا مسقوفًا يسمى مقصورة ومكانًا آخر غير مسقوف يسمى صحنًا، بالإضافة إلى الملحقات التي تتبع المساجد عادة، وقد بنى جوهر الصقلي مقصورة كبيرة فيها 76 عمودًا من الرخام الجيد الأبيض اللون في صفوف متوازية، كما بنى قوصرة بين كل عمودين، كما أنشأ جوهر محرابًا بالمقصورة التي بناها ويسمى القبلة القديمة، وكتبت جملة تذكارية في الجامع الأزهر بالخط الكوفي بدائرة القبة التي في الرواق الأول إلى يمين المحراب والمنبر، إلا أن هذا النقش قد اندثر.

وصف الجامع الأزهر

وبحسب ما وصفه الباحث التاريخي، أن مسطح الجامع عندما بناه جوهر الصقلي كان يقرب من نصف مسطحه الحالي، ثم ما لبث أن أضيفت إليه بنايات أخرى في أزمنة متعددة، حتى وصل إلى الحالة التي هو عليها الآن، وأول ما يقابل الداخل إليه من الناحية البحرية "المواجهة لميدان الأزهر الآن"، وبابان متجاوران يعرفان ببابي المزينين أنشأهما الأمير عبدالرحمن كتخدا سنة 1163هـ 1753م، وهما يؤديان إلى مجاز محصور بين مدرسيتين إحداهما اليسرى الشرقية، وتعرف باسم المدرسة الأقبغاوية نسبة إلى منشئها الأمير: علاء الدين آقبغا عبدالواحد" سنة 740هـ 1339م، وتشغلها الآن مكتبة الأزهر، وبهذه المدرسة محراب زينت حنيته – أي محرابه – وكوشه العقد بالفسيفساء المذهبة والمتعددة الألوان، ويعد محراب هذه المدرسة من أبدع محاريب القاهرة.

وأضاف خلف جلال: والمدرسة الثانية هي "المدرسة الطيبرسية " نسبة إلى منشئها الأمير علاء الدين طيبرس سنة 709هـ - 1309/1310م، وجعلها مسجدًا زيادة في الجامع الأزهر، وقد جعلت الآن كملحق للمكتبة، وبها محراب جمع رخامه على نظام خاص، يعتبر آيه في الدقة والإبداع، وقد أصلح واجهة هذه المدرسة، أيضًا الأمير عبدالرحمن كتخدا، وللمبنى شبابيك تطل على الجامع الأزهر، إلا أنه حافظ بشبابيكها المكونة من أشكال هندسية صنعت من النحاس المصبوب الذي لم يستخدم إلا في بضعة آثار أخرى.

واسترسل الباحث التاريخي عرضه ووصفه للجامع الأزهر قائلا: وينتهي المجاز من الناحية القبلة بباب تجاوره مئذنة وكلاهما من إنشاء السلطان قايتباي سنة 873هـ / (1458م، وفيها بلغت صناعة الزخرف في الحجر غاية الابداع، ومن المرجح أن يكون هذا الباب قد حل محل الباب الأصلي للجامع حين إنشائه، ومنه ننتهي إلى صحن مكشوف مستطيل الشكل تحيط به الايوانات من ثلاث جهات، خمسة منها في الرواق الشرقي، وثلاثة في كل من الرواق القبلي والبحري، أما الرواق الغربي فخلو منها، وواجهات الأيوانات الأربعة محمولة على عقود فارسية الطراز، وفي وسط الرواق الشرقي مجاز يتجه عاموديا على المحراب القديم.

وتابع: ويعلو مقدمة هذا المجاز من عند الصحن، قبة محمولة على أعمدة وأكتاف، وعقود هذا المجاز تعتبر أقدم عقود في هذا الرواق، وعقود المجاز وسقفه مرتفع عن باقي الرواق، وقد حليت عقوده وواجهاتها بنقوش نباتيه جميلة وكتابات كوفيه مزهوة، وبأعلى الجدار الأصلي للجامع توجد شبابيك القديمة منها ذات، عقود مستديرة، وهي جصية ومفرغة بأشكال هندسية تتخللها مضاهيات ملونة، ويحيط بهذه النوافز أفريز من الخط الكوفي المزخرف بآيات من القرآن الكريم، وما زالت بقايا هذه الشبابيك تحدد الجامع القديم من جهاته الثلاث الشرقية والقبلية والبحرية.

الخلاف حول تسمية الأزهر

قال خلف جلال، إن بعض المؤرخون يرددون أسبابًا شتى لإطلاق اسم الأزهر، فيري فريق منهم أن لفظة الأزهر مشتقة من الزهراء لقب السيدة فاطمة ابنة الرسول صلوات الله وسلامه عليه، وزوجة على بن أبي طالب، وكانت الدولة الفاطمية تنسب إلى السيدة فاطمة الزهراء كما سميت باسمها الدولة، كذلك سمي بلقبها الجامع الرسمي للدولة، والفريق الثاني: ينسب إطلاق اسم الأزهر إلى ظاهرة اجتماعية واسكانية تتصل بتخطيط القاهرة، والفريق الثالث يقول: إطلاق اسم الأزهر من قبيل التفاؤل بما سيبلغه هذا المسجد بازدهار العلوم، والواضح أن السبب الأول هو الأرجح.

واضاف أن المبنى الأول للجامع الأزهر ـ كما أنشأه جوهر الصقلي ـ يتكون من ثلاثة أيوانات حول الحصن المكشوف الحالي، الشرقي منها ـ وفيه بيت الصلاة ـ مكون من خمسة أروقة، وبكل من الجانبين القبلي والبحري ثلاثة أروقة أما الحد الغربي فلا أروقة فيه،ويتوسطه الباب العمومي الذي كانت تعلوه المنارة، هذا إضافة إلى بابين آخرين في الجهة القبلية والغربية، وقد فتحت بأعلى الجدران شبابيك جصية مفرغة بأشكال هندسية تتخللها مضاهيات مزخرفة أحيطت بكتابات من الآيات الكريمة بالخط الكوفي الجميل، وواجهات الإيوانات الأربعة محمولة على عقود فارسية الطراز، وفي وسط الرواق الشرقي مجاز يتجه عموديًا على المحراب القديم، وهذ المجاز مرتفع العقود والسقف عن مستوى ارتفاع الايوان كله، ويعلو مقدمة هذا المجاز من عند الصحن، قبة محمولة على أعمدة وأكتاف، وقد حليت حافات العقود بآيات من الخط الكوفي، إضافة إلى تحلية جوانيها بزخارف نباتية مورقة. وكان فوق المحراب قبة بارزة جميلة.

وتابع: في سنة 1167هـ بنى الأمير عبدالرحمن كتخدا مقصورة ثانية بها 50 عمودًا من الرخام، وبذلك أصبح للجامع مقصورتان عدد أعمدتها 126 عمودًا، ما عدا الأعمدة الموضوعة بحلقات الجامع، أما الجزء المرتفع الكائن خلف هذا الإيوان حتى الجدار القبلي الحالي فهو من إنشاء عبدالرحمن كتخدا أيضًا، وهو صاحب المدفن الكائن غربي هذا الجزء داخل باب الصعايدة. كذلك توجد في الجهة القبلية الشرقية للجامع المدرسة الجوهرية التي أنشأنها جوهر القنقبائي سنة (844هـ 1440/1441 م) ثم زاوية العميان المنشأة سنة 1148هـ (1735م) وفي النهاية نجد مدفنًا صغيرًا، وغيرها من المعالم والزخائر الموجودة داخل الجامع الأزهر.

أروقة الجامع الأزهر

وظل الأزهر على مدار تاريخه ــ ولا يزال ــ يفتح أبوابه للظامئين إلى العلم والمعرفة من العلماء والطلاب من داخل مصر وخارجها دون تمييز أو إقصاء، فهو يمثل القِبْلة العلمية لجميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، والأُنموذج الذي يُحتذَى به في الترابط العربي والإسلامي، وصار يتفرد عن غيره من الجامعات الإسلامية على مر العصور بعالمية رسالته التى تقوم على كونه المنبع الأصيل للعلوم الإسلامية والعربية والعقلية، والموطن الدائم لطلاب العلم من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وبدوره الراسخ والفاعل والإيجابي والمتواصل في خدمة ورقي الحضارتين الإسلامية والإنسانية، وفيما يلى نبذة موجزة عن هذه الأروقة:

أولًا: أروقة الوافدين:

1 - رواق الأتراك: تم تخصيص هذا الرواق لأبناء الجنس التركي الوافدين من قارتي آسيا وأوربا وبعض جزر البحر المتوسط.

2- رواق الشوام: خصص للوافدين من بلاد الشام (سوريا- فلسطين- لبنان- الأردن).

3 - رواق الحرمين: تم تخصيص هذا الرواق للوافدين من بلاد الحرمين الشريفين.

4 - رواق اليمنية: أفرد هذا الرواق للطلبة الوافدين من اليمن.

5 - رواق الأكراد: تم تخصيصه للطلبة الأكراد السُنَّة الوافدين من شمالى العراق وبلاد الشام والأناضول وغيرها.

6 - رواق البغدادية (البغادة): يستقبل هذا الرواق الوافدين من العراق والبحرين والكويت.

7 - رواق السليمانية: ويقبل الطلبة الوافدين من أفغانستان.

8 - رواق الهنود: كان هذا الرواق مخصصًا للطلبة الوافدين من الهند.

9 - رواق الجاوة (الجاوية): وكان مخصصًا للوافدين من إندونيسيا والفلبين وماليزيا.

10 - رواق المغاربة: كان رواق المغاربة من أوائل الأروقة التى أنشأت بالجامع الأزهر، لم يكن يقبل به إلاَّ من كان بلاد المغرب( طرابلس, تونس, الجزائر, مراكش), كما لم يكن يقبل به إلاَّ من كان مالكى المذهب.

11 - رواق السنارية: تم تخصيصه للطلاب الوافدين من إقليم سنار فى السودان.

12 - رواق الدكارنة دارفور: تم تخصيصه للوافدين من بلاد دارفور وسنار وتكرور.

13 - رواق دكارنة صليح: تم تخصيصه للوافدين من منطقة التشاد والبلاد المجاورة لها بوسط القارة الأفريقية.

14 - رواق البرابرة: تم تخصيصه للطلاب الوافدين من موريتانيا وما جاورها من أقاليم.

15 - رواق الجبرت: تم تخصيصه للوافدين من الحبشة, وسواحل البحر الأحمر.

16 - رواق البرناوية (البرنو): وكان مخصصًا للطلبة الوافدين من غرب أفريقيا كالسنغال, والنيجر, وغينيا, وساحل الذهب غانا. وتم إنشاء أروقة أخرى فى الجامع الأزهر فى القرن العشرين مثل رواقي الصين وجنوب أفريقيا.

أروقة الأزهر

ثانيًا: أروقة المصريين:

1- رواق الصعايدة: وتم تخصيصه للطلبة الوافدين من أقاليم صعيد مصر.

2 - رواق الشراقوة: وتم تخصيصه لطلبة إقليم الشرقية.

3 - رواق (زاوية) العميان: وخصصت للطلبة المكفوفين.

4 - رواق البحاروة (البحيرة): وتم تخصيصه للطلبة الوافدين من إقليم البحيرة.

5 - رواق الفيومية (الفَيَمَة): وتم تخصيصه للطلبة الوافدين من إقليم الفيوم.

6- رواق الفشنية: وتم تخصيصه للطلبة الوافدين من إقليم بني سويف.

7 - رواق الشنوانية (الأجاهرة).

8 - رواق ابن معمر: وهو من أشهر أروقة الجامع الأزهر؛ لأنه لم يكن مخصصًا لجنسية أو إقليم جغرافى أو لمذهب ديني معين.

9 - رواق الأقبغاوية: وتم تخصيصه للطلبة الذين يحضرون الحلقات الدراسية فى هذه المدرسة.

10 - رواق الأحناف (الحنفية): وتم تخصيصه لطلاب المذهب الحنفي.

11 - رواق الحنابلة: وتم تخصيصه لطلاب المذهب الحنبلي.

12 - الرواق العباسي: وتم تخصيصه كمقر لإدارة الأزهر وإقامة الاحتفالات الرسمية به، ولإقامة طلاب بعض الأروقة من المصريين والوافدين، بالإضافة إلى مقر طبيب وصيدلي الأزهر, وإفتاء الديار المصرية.

واستمرت أروقة الجامع الأزهر عامرة بالمجاورين، تؤدي دورها العلمي والاجتماعي حتى إنشاء مدينة البعوث الإسلامية والبدء فى شغلها بالطلبة في 12 ربيع الأول 1379ه/ 15 سبتمبر 1959م.