صيام السلف وحالهم في رمضان .. بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى
كان السلف الصالح رضي الله عنهم يجتهدون في العبادات لاسيما في مواسم الطاعات ، والتي من أعظمها شهر رمضان ، ومع شدة اجتهاد السلف الصالح رحمهم الله تعالى كانوا أبعد الناس عن الابتداع والاختراع في الدين ، بل كانوا مقتدين ومهتدين ومتبعين للنبي الأمين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قَالَ :
كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ .
أخرجه البخاري ومسلم
#وخلاصة حال السلف رحمهم الله تعالى في رمضان أنهم كانوا يحرصون على اغتنامه بالأعمال الصالحة ويجنبون صيامهم اللغو والباطل من الغيبة والنميمة والكذب والمعاصي .
#وقد وردت آثار كثيرة في صوم السلف الصالح وعلو هممهم وأخذهم بالعزائم في العبادات وهم جبال في الاقتداء والتأسي برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قال الشاطبيّ فى الاعتصام :
نَحْنُ نَحْمِلُ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَاقًّا عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ كَانَ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ شَاقًّا عَلَيْنَا ، فَلَيْسَ عَمَلُ مِثْلِهِمْ بِمَا عَمِلُوا بِهِ حُجَّةً لَنَا أَنْ نَدْخُلَ فِيمَا دَخَلُوا فِيهِ ؛ إِلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَمْتَدَّ مَنَاطُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَمَلُ لَا يَشُقُّ الدَّوَامُ عَلَى مِثْلِهِ .
وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِي هَذَا لِمُشَاهَدَةِ الْجَمِيعِ فَإِنَّ التَّوَسُّطَ وَالْأَخْذَ بِالرِّفْقِ هُوَ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى بِالْجَمِيعِ ، وَهُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ دُونَ الْإِيغَالِ الَّذِي لَا يَسْهُلُ مِثْلُهُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ وَلَا أَكْثَرِهِمْ إِلَّا عَلَى الْقَلِيلِ النَّادِرِ مِنْهُمْ .
وَالشَّاهِدُ لِصِحَّةِ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي .
يُرِيدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ الْوِصَالُ وَلَا يَمْنَعُهُ عَنْ قَضَاءِ حَقِّ اللَّهِ وَحُقُوقِ الْخَلْقِ .
فَعَلَى هَذَا مَنْ رُزِقَ أُنْمُوذَجًا مِمَّا أُعْطِيَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَصَارَ يُوغِلُ فِي الْعَمَلِ مَعَ قُوَّتِهِ وَنَشَاطِهِ وَخِفَّةِ الْعَمَلِ عَلَيْهِ فَلَا حَرَجَ .
وقال : وَكَمْ مِنْ رَجُلٍ صَلَّى الصُّبْحَ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ كَذَا كَذَا سَنَةً ، وَسَرَدَ الصِّيَامَ كَذَا وَكَذَا سَنَةً ، وَكَانُوا هُمُ الْعَارِفِينَ بِالسُّنَّةِ لَا يَمِيلُونَ عَنْهَا لَحْظَةً .
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ :
أَنَّهُمَا كَانَا يُوَاصِلَانِ الصِّيَامَ .
وَأَجَازَ مَالِكٌ وَهُوَ إِمَامٌ فِي الِاقْتِدَاءِ صِيَامَ الدَّهْرِ يَعْنِي :
إِذَا أَفْطَرَ أَيَّامَ الْعِيدِ .
وعَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ الناجي أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا إِذَا صَامُوا جَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ .
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه