جريدة الديار
الأحد 24 نوفمبر 2024 11:42 صـ 23 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الوزراء يستعرض موضوع العولمة الاقتصادية في عدد جديد من مجلته

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، عدداً جديداً من مجلة "آفاق اقتصادية معاصرة"، وهي مجلة تقدم إطلالة على الآراء الاقتصادية المختلفة لأبرز الخبراء والمحللين والمتخصصين، سواء من داخل مصر أو خارجها لتقديم رؤى اقتصادية متكاملة لأهم الموضوعات الاقتصادية على الساحة واستعراض أبرز المؤشرات المحلية والدولية، وقد تناول العدد موضوع "العولمة الاقتصادية".

وقال المركز في المجلة إن العولمة ليست ظاهرة جديدة، حيث كانت الموجة الأولى منها بين عامي (1880-1913) والموجة الثانية بعد الحرب العالمية الثانية، وهناك أصوات تتحدث عن الموجة الثالثة بعد هذه الأزمات التي سيكون لها تأثيرات هيكلية على النظام العالمي.

ناقش العدد من خلال مقالات الخبراء المشاركين به أزمة العولمة والتحول للأقلمة، حيث يمر الاقتصاد العالمي حاليًا بأزمة هي الأكثر تعقيدًا في التاريخ المعاصر، ما يفرض خيارات بالغة الصعوبة على صناع السياسات حول العالم لكبح جماح التضخم المرتفع والدين المتزايد، مع الحفاظ على الإنفاق الضروري وبناء الركائز اللازمة للنمو الدائم، ويمكن القول إن العولمة وصلت إلى ذروتها، وفي ظل ذلك يتشكل عالم جديد نحو "الأقلمة"، أي التشتت إلى تكتلات جغرافية - سياسية واقتصادية، وهو يظهر جليًا في التعاون الروسي الصيني، أو الروسي الإيراني، واتجاه التكتل العربي نحو الصين أو الاتجاه نحو الداخل على نحو ما قامت به ألمانيا وفرنسا.

وأوضح العدد المسارات المتنوعة للعولمة الاقتصادية في ظل التنافس الدولي حول التكنولوجيا الفائقة، ومنها التكنولوجيا والتنافسية الاقتصادية، العلامات التجارية وتعزيز الصورة الذهنية للدولة، بالإضافة إلى عولمة الدبلوماسية الرقمية، فضلًا عن العولمة ومستقبل الدبلوماسية الاقتصادية، وصولًا إلى العولمة والعامل الديموغرافي، مستعرضًا قائمة بأكبر 22 شركة تكنولوجية في العالم لعام 2022 وتأتي في المقدمة شركات "Apple، Microsoft" وجاءت شركة "Zoom video communications" في نهاية القائمة.

وأبرز العدد الأدوات المحركة للعولمة، حيث أشار إلى أنه تأتي في مقدمتها المنظمات الدولية والمتمثلة في صندوق النقد الدولي الذي يقف إلى جانب الدول من خلال تقديم القروض الميسرة والتي تُعَد ضمانًا للاقتراض الخاص، ولكن ذلك يكون في مقابل تنفيذ بعض الاشتراطات التي تحقق الحرية الاقتصادية في الدول المقترضة، ومنظمة التجارة الدولية التي تكافح من أجل حرية التجارة ومكافحة عمليات الإغراق، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير الذي يعمل على تمويل المشروعات التنموية، خاصة في الدول النامية.

أما المحرك الثاني، فيتمثل في الشركات متعددة الجنسيات التي تعمل على تدويل الإنتاج وزيادة حركة رؤوس الأموال، وتشير التقديرات الحديثة إلى أن عدد الشركات المتعددة الجنسيات يناهز 65 ألف شركة وقرابة 850 ألف شركة أجنبية منتسبة لها في شتى أرجاء المعمورة، وكانت الدول المتقدمة صناعيًا موطنًا لنحو 50 ألف شركة، أي ما يناهز 77% من إجمالي الشركات المتعددة الجنسيات في العالم، أما بقية دول العالم فكانت موطنًا لأكثر من 15 ألف شركة تمثل ما نسبته 13% من تلك الشركات، وكانت حصة الدول النامية 9246 شركة تركزت حوالي 65% منها في جنوب وشرق وجنوب شرق آسيا 28% في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، و5% غرب آسيا، و2% في أفريقيا.

ويتخذ نحو 90% من أكبر 100 شركة متعددة الجنسيات في العالم من حيث الأصول الأجنبية مقرًا في الثالوث المهيمن على الاقتصاد العالمي (الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الأوروبي)، ويعمل أكثر من نصف هذه الشركات في مجال المعدات الكهربائية والإلكترونيات والسيارات وصناعة استكشاف النفط وتوزيعه.

وسلط العدد الضوء من خلال كتابات الخبراء والمحللين على الآثار الاقتصادية للعولمة على الاقتصاد المصري، وذلك من خلال عدة مؤشرات تقيس العولمة، ومنها "مؤشر التجارة السلعية كنسبة من إجمالي الناتج المحلي، ومؤشر صافي التدفقات الوافدة من الاستثمار الأجنبي المباشر كنسبة من إجمالي الناتج المحلي، ومؤشر صافي التحويلات الجارية من الخارج للاقتصاد المصري".

ووفقًا للبنك الدولي 2021، يتضح أن "نسبة التجارة السلعية في الاقتصاد المصري" ورغم أنها شهدت تقلبات خلال الفترة من (1980-2021) فإن الاتجاه العام لها ما زال مرتفعًا، حيث وصل هذا المعدل في الفترة الأخيرة إلى نحو 40% عام 2018، وإن كان انخفض إلى 31.46% في عام 2021 بسبب أزمات كورونا والتي ترتب عليها إغلاق الدول، وبصفة عامة يمكن القول إن نحو ثلث إجمالي الناتج المحلي في الاقتصاد المصري يأتي من التجارة السلعية، ما يؤكد أهمية التجارة الخارجية، ومن ثمّ العولمة للاقتصاد المصري.

كما يتضح أن "نسبة صافي التدفقات الوافدة من الاستثمار الأجنبي المباشر كنسبة من إجمالي الناتج المحلي" في الاقتصاد المصري مازالت منخفضة للغاية، ويمكن تبرير الانخفاض بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي بعد ثورة 25 يناير 2011 في الاقتصاد المصري، وإن كانت المؤشرات اتجهت إلى الارتفاع مرة أخرى، لا سيّما في عام 2018 قبل انتشار وباء كورونا، وارتفعت تحويلات العاملين في الخارج للاقتصاد المصري من 3.36 مليار دولار أمريكي بالأسعار الجارية عام 1987 إلى نحو 31 مليار دولار أمريكي بالأسعار الجارية عام 2021، أي تضاعف نحو 10 مرات، وذلك وفقًا لتقرير البنك الدولي 2021.

وأشار العدد إلى الاستراتيجية المصرية للتعامل مع مستقبل العولمة، حيث اتجهت مصر مؤخرًا إلى وضع استراتيجيات تحقيق الاكتفاء الذاتي وتنفيذ مشروعات تنموية ضخمة لمواجهة تحديات المستقبل، كما لجأت الحكومة إلى تطوير البنية التشريعية للاستثمار الأجنبي المباشر وتطبيق برامج الاصلاح الاقتصادي من أجل اقتصاد قومي متماسك يمكنه الصمود أمام التحديات الراهنة والمستقبلية.

وتمت الإشارة داخل العدد إلى أن العولمة ليست ظاهرة وتنتهي، ولكنها حقيقة باقية، لذلك لا بد أن يستفيد منها الاقتصاد المصري من خلال "العمل على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر المملوك للشركات متعددة الجنسيات التي تبيع منتجاتها في السوق المصرية عن طريق معاملة تفضيلية لإنشاء مصانع لها في مصر سواء للمنتج النهائي أو بعض المكونات"، و"الإقرار والاهتمام بأكثر ببرنامج تدريب العمال وربطه بقاعدة بيانات الشركات التي تحتاج إلى العمالة المدربة"، و"توعية الشريحة الكبرى من الشعب بمشكلات المحاكاة الاستهلاكية التي لا تتناسب مع الظروف الاقتصادية المصرية وذلك لتوفير النقد الأجنبي اللازم لاستيراد السلع الأساسية"، و"لا بد من منع دخول بعض المنتجات التي لا تكون ضرورية بأي أسلوب ما لم تستثمر هذه الشركات في مصر"، و"أصبحت السوق العربية المشتركة ضرورة ملحة للتصدي لمخاطر العولمة في الدول العربية".

كما تناول العدد أهم المؤشرات عن مستقبل العولمة الاقتصادية ومنها معدل نمو الإنتاج العالمي، ووفقًا لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي أكتوبر 2022 الصادر من صندوق النقد الدولي، فإن التوقعات سلبية، حيث تظل تنبؤات النمو العالمي لهذه العام دون تغيير عند مستويات 3.2%، ولكن مع استمرار المخاطر والتحديات، فمتوقع أن يشهد عام 2023 حالة من التباطؤ واسعة النطاق، ومن المنتظر انكماش مستويات النشاط الاقتصادي في مجموعة من البلدان التي تشكل حوالي ثُلث الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي أو القادم مع استمرار تباطؤ أكبر ثلاثة اقتصادات في العالم، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، والتي من المتوقع تراجع معدل النمو بها في 2023 إلى 1%، بالإضافة إلى تراجع معدل النمو لمنطقة اليورو لـ 0.5% وتراجع معدل نمو الصين بـ 4.4%.

وتظل ضغوط الأسعار المرتفعة هي التهديد الاكثر إلحاحًا لرخاء الأجيال حاليًا ومستقبلًا، خاصة أسعار الغاز الطبيعي وأسعار النفط، كما أن استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية يضغط على زيادة أسعار الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى ارتفاع مؤشر أسعار الغذاء العالمي وفقًا لصندوق النقد الدولي في ظل استمرار مشكلات سلاسل التوريد العالمية والتي أدت إلى اتجاه بعض الدول المنتجة للحبوب مثل الهند لوقف الصادرات.

واستعرض الخبراء والمحللون من خلال العدد تأثير العولمة الاقتصادية على الدول النامية، حيث يشير مفهوم العولمة من المنظور الاقتصادي إلى تحول العالم إلى منظومة من العلاقات الاقتصادية المتشابكة، وتشير نظيرة التبعية إلى أن الدول النامية لن تكون قادرة على التطور في ظل سعي الدول المتقدمة لحماية مصالحها الاقتصادية في العالم، ويتضح أن العولمة الاقتصادية تشكل خطرًا كبيرًا على خصوصية المجتمعات المختلفة وتهدد كيانها، حيث تؤدي إلى إذابة الهويات الوطنية لتلك الدول وإضعاف قوة موارد الثروة المالية للدول النامية وهو ما يظهر التأثير السلبي على الدول النامية.

وارتباطًا ووفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي بعنوان “آفاق الاقتصاد العالمي”، فمن المتوقع تباطؤ معدلات النمو في العالم من 0.6% في عام 2021 إلى 3.2% في 2022 ثم 2.7% في عام 2023، أما على صعيد الاقتصادات النامية والأسواق الصاعدة فستصل معدلات النمو من 6.6% في عام 2021 إلى 3.7% في عام 2022 ثم 3.7% في عام 2023، وهو ما يظهر التأثير المباشر للعولمة الاقتصادية على النمو الاقتصادي للدول النامية وتراجعه بشكل ملحوظ، ما يُعد مؤشرًا خطيرًا على مستقبل نمو الاقتصاد في الدول النامية، وفي السياق نفسه وحسب التنبؤات، سيرتفع التضخم العالمي من 4.7% في 2021 إلى 8.8 في 2022 ليتراجع لاحقًا إلى 6.5% في 2023 و4.1% في 2024.

كما استعرض العدد نتائج استطلاع المنتدى الاقتصادي العالمي وشركة "إبسوس" في25 دولة حول العالم، والذي شمل 19017 بالغًا تتراوح أعمارهم بين 16 و71 عامًا، في الفترة ما بين 26 مارس و9 أبريل من عام 2021، وعليه يعتقد معظم الأفراد أن توسيع نطاق التجارة يُعد أمرًا جيدًا، بيد أن تأييد وانتشار العولمة قد تراجع، حيث نجد أن نصف الأشخاص غير متأكدين من فوائد التجارة وثلثهم يدعو إلى فرض الحواجز التجارية، وفي المتوسط، يعتقد ثلاثة أرباع من شملهم الاستطلاع أن التوسع أمر جيد، بينما لم يوافق عليه سوى 5%، وكان الدعم الأقوى في بيرو، والأدنى في فرنسا، وفي سياق متصل، أيّد نحو نصف من شملهم الاستطلاع (48%) حقيقة أن العولمة أمر جيد لبلدهم، في مقابل معارضة 3% فقط، والباقي غير متأكد أو على الحياد، وكان التقييم الإيجابي للعولمة هو الأعلى في ماليزيا (72%) والأدنى في فرنسا (27%).

واستعرض العدد مؤشرات العولمة الاقتصادية ومنه مؤشر "كوف" للعولمة الذي يصدر عن المعهد الاقتصادي السويسري ويقيس الأبعاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للعولمة، ووفقًا لأحدث إصدارة للمؤشر عام 2020، جاءت سويسرا في المركز الأول من بين 203 دول تليها هولندا، وجاءت مصر في المرتبة 68 عالميًا، والمرتبة 10 على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى مؤشر "الانفتاح الاقتصادي" الذي يصدر عن معهد ليجاتوم البريطاني، ويقيس مدى انفتاح الدول على التجارة من خلال تقييم البيئة التي تمكن أو تعوق قدرة كل دولة على التجارة على الصعيدين المحلي والعالمي، وقد صدر آخر تقرير كامل للمؤشر خلال عام 2019، وقد أشار إلى أن الانفتاح الاقتصادي بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق في عام 2019، حيث تحسّن بنسبة 8% منذ عام 2009، أما مؤشر "جاذبية الاستثمار في القارة الأفريقية" والذي يصدر عن بنك "راند ميرشانت" ويصنف الدول الأكثر جاذبية للاستثمار في قارة أفريقيا فقد وضع المؤشر مصر كأفضل وجهة للاستثمار في أفريقيا من 54 دولة، تليها المغرب، وجنوب أفريقيا في المركز الثالث.

وقد تضمن العدد أيضًا استعراض للخبرات الدولية المتميزة لبعض الدول في التعامل مع السياسات الاقتصادية الخارجية مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وسنغافورة، والإمارات العربية المتحدة، وأخيرًا تناول العدد المؤشرات الاقتصادية المحلية مثل مؤشرات الاقتصاد الكلي، ومؤشرات سوق العمل، ومؤشرات سوق الأوراق المالية، والمؤشرات القطاعية، ومعاملات مصر والعالم الخارجي.