الفقراء يدفعون الثمن .. القمح أسير حرب
تفصلنا أيام قليلة عن موعد انتهاء مبادرة "البحر الأسود" لتصدير حبوب أوكرانيا، ولم ينفك الاشتباك بين موسكو وأوروبا وأمريكا حول العقوبات.
وتنتهي مهلة مبادرة "البحر الأسود" التي وقعت يوم 22 يوليو الماضي برعاية الأمم المتحدة خلال أيام وتحديداً يوم 18 مارس الجاري، وربما الوقت ليس في صالح أوكرانيا العالقة حبوبها في الموانئ وسط زحام السفن.
وأتاحت الاتفاقية تصدير نحو 20 مليون طن من الحبوب بعد أن منعت التوترات السياسية بين روسيا وأوكرانيا في 24 فبراير 2022 خروج السفن من الموانئ الأوكرانية، إذ أبدت موسكو قلقها حيال الأنشطة البحرية الأوكرانية.
وبموجب الاتفاقية، حصلت روسيا بدورها على وعد بالسماح لها بتصدير الأسمدة على الرغم من العقوبات الغربية. وتصر موسكو على أن هذا الشق من الاتفاقية لم يطبق.
موسكو اتهمت أوروبا بأنها "تدفن بكل وقاحة" مبادرة البحر الأسود رغم التزام الجانب الروسي بالمبادرة الإنسانية لنفاذ الحبوب الأوكرانية للعالم، واعتبرت روسيا استمرار "القارة العجوز" في فرض العقوبات هو استفزاز لها، فيما تتهم واشنطن على لسان وزارة الخارجية الأمريكية الكرملين بتعمد "التعنت" في إجراءات تفتيش السفن وتعطيل حركة الشحن، وتطالبه بتمديد مبادرة البحر الأسود، لكن إذا استمرت المناوشات قد تغرق "المبادرة" في البحر الأسود، مما ينذر بأزمة غذاء عالمية جديدة.
وقبل التمديد السابق للاتفاق في نوفمبر ، صعدت روسيا من انتقاداتها له أيضا، في محاولة للحصول على مزيد من التنازلات من الغرب، لكنها في النهاية سمحت بتمديده لمدة 120 يوما.
وقالت وزارة الخارجية الروسية، أمس الأربعاء، إنها لن توافق على تمديد ثان للاتفاق إلا إذا وُضعت مصالح المنتجين الزراعيين الروس في الاعتبار.
ولم تستهدف العقوبات الغربية القطاع الزراعي الروسي بشكل مباشر، لكن موسكو تقول إن العقوبات تؤثر على المدفوعات والشحن والتأمين وبالتالي تشكل "عائقا" أمام صادراتها من الحبوب والأسمدة.
نقلت وكالة ريا نوفوستي للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قوله إن الغرب "يدفن بكل وقاحة" مبادرة حبوب البحر الأسود التي تسهل تصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية من موانئها الجنوبية.
وعلى الرغم من أن روسيا لا تزال ملتزمة بالاتفاق، فقد انتقدت مرارا نهج الغرب تجاه المبادرة التي أبرمت في يوليو الماضي، قائلة إن الدول التي فرضت عقوبات على موسكو لا تفعل ما يكفي لتخفيف القيود على الصادرات الروسية لا سيما الأسمدة.
ونقلت الوكالة عن لافروف قوله خلال اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين، في إشارة إلى اتفاق الحبوب "الغرب يدفن بكل وقاحة المبادرة الإنسانية المعروفة التي توسط فيها الأمين العام للأمم المتحدة".
وفرض الاتحاد الأوروبي مساء الجمعة 25 فبراير 2023، في الذكرى السنوية الأولى للحرب الروسية الأوكرانية، حزمة عاشرة من العقوبات على موسكو، شملت قيوداً أكثر صرامة في مجال تصدير تكنولوجيات وسلع مزدوجة الاستخدام، بحسب ما أعلنت الرئاسة السويدية للتكتّل.
طالب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال اجتماع لمجموعة العشرين الخميس روسيا بتجديد الاتفاق الخاص بتصدير الحبوب الأوكرانية الذي ينتهي هذا الشهر.
وقال بلينكن في نيودلهي لوزراء خارجية دول مجموعة العشرين: "من الضروري أن تتحدث مجموعة العشرين من أجل تمديد وتوسيع مبادرة الحبوب لتعزيز الأمن الغذائي للفئات الأكثر ضعفاً".
وأضاف بلينكن أيضًا وفق فحوى تصريحاته: "لقد أبطأت روسيا بشكل متعمد ومنهجي وتيرة عمليات التفتيش، مما أدى إلى تجمع أعداد من السفن التي يمكنها توصيل الغذاء إلى العالم اليوم".
وتقول الولايات المتحدة إنها لم تستهدف الأسمدة أو المنتجات الزراعية الأخرى في إطار عقوباتها الشاملة على روسيا.
وقال بلينكن إن "صادرات روسيا من الأغذية والحبوب تتجاوز مستويات ما قبل الحرب في أوكرانيا وعادت صادراتها من الأسمدة إلى ما كانت عليه في فبراير الماضي".
يحضر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اجتماع مجموعة العشرين. لكن بلينكن قال إنه لن يعقد معه لقاء ثنائيًا لأن موسكو حسب قوله ليست جادة بشأن اتباع مسار دبلوماسي لإنهاء الحرب.
وقال بلينكن لممثلي مجموعة العشرين: "لسوء الحظ، تعكر أعمال هذا الاجتماع مرة أخرى حرب روسيا غير المسوغة وغير المبررة على أوكرانيا، وحملة التدمير المتعمدة لأهداف مدنية وهجومها على المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة".